حوارات و تقارير

بعد رفضها العقوبات الغربية.. هل تستطيع الصين أن تكون المنقذ من الحرب الروسية الأوكرانية؟

أسماء صبحي
 
مع استمرار تقدم القوات الروسية في الأراضي الأوكرانية وقربها من العاصمة كييف، أصبحت لا تسيطر على العالم إلا فكرة واحدة وهي احتمالية وقوع الحرب العالمية الثالثة التي ستنهي على نصف كوكب الأرض، وذلك في ظل التطور الهائل في القدرات العسكرية للدول الغربية خاصة روسيا صاحبة الحرب والصين التي تنظر وتراقب المشهد من بعيد.
 
وتمكنت القوات الروسية من التقدم نحو العاصمة الأوكرانية كييف مع دخول اليوم الثامن للحرب، وذلك استعداداً لدخولها وسط ارتفاع أصوات الإدانات الغربية لروسيا والرئيس فلاديمير بوتين، حيث قررت الولايات المتحدة الأمريكية دول الاتحاد الأوروبي بدء التنفيذ الفعلي لعقوباتهم الاقتصادية التي فرضوها على الجانب الروسي اعتراضا منهم على غزو أوكرانيا.
 
ولم يتوقف موقف الدول الغربية من الحرب عند حد فرض العقوبات الاقتصادية، ولكنها أرسلت شحنات عسكرية إلى الجيش الأوكراني لمساعدته في الحرب ضد روسيا، حيث أعلنت الولايات المتحدة إرسال قاذفات مضادة للدبابات، كما أعلنت بريطانيا ارسال مساعدات عسكرية وتأمينها للوصول إلى الجيش الأوكراني، وغيرهما من الدول الأوروبية التي أعلنت تضامنها مع كييف ضد موسكو.
 

الوسيط الصيني

ومن ناحية أخرى، تساند الصين روسيا بشكل كبير، حيث نددت بالعقوبات الغربية عليها التي تعتبرها خطوات خاطئة من جانب الاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة للتعامل مع الوضع الراهن وخاصة الدولة الروسية، وفي ظل التقارب الكبير بين الصين وروسيا في الوقت الراهن، تتجه أنظار دول العالم إلى الصين بأن تكون هي المنقذ من الحرب القائمة الآن بين روسيا وأوكرانيا وتعمل كوسيط بين الأثنين، نظرا لعلاقاتها الطيبة مع الجانبين.
 
وم جهتها طالبت الصين كلا من أوكرانيا وروسيا، بإيجاد حل للأزمة الحالية عن طريق المفاوضات، كما أعربت عن دعمها لجميع الجهود الدولية البناءة لصالح التوصل إلى حل سياسي، وقال وزير الخارجية الصيني وانج يي إن الصين تأسف بشدة لتصاعد الأزمة بين روسيا وأوكرانيا، وتولي اهتماما خاصا للضحايا من المدنيين، مؤكدًا أن موقف الصين من الأزمة الأوكرانية عادل وشفاف.
 
وأضاف أن الصين تؤمن بأن أمن أي دولة لا يمكن أن يتحقق على حساب أمن الآخرين، ولا يمكن تحقيق الأمن الإقليمي من خلال توسيع الكتل العسكرية، وحث وانج، كوليبا، على ضمان سلامة المواطنين الصينيين في أوكرانيا، مؤكدًا أن الحكومة الصينية تولي أهمية كبيرة لسلامتهم في جميع الأوقات.
 

الصين تتأسف عن الحرب

وفي مكالمة أخرى، أعرب وزير الخارجية الصيني وانغ يي عن أسفه الشديد للنزاع بين موسكو وكييف، آملا في اتصال هاتفي مع نظيره الأوكراني دميترو كوليبا، بايجاد سبيل لحلّ الأزمة دبلوماسيا، وفق ما أورد الإعلام الرسمي في بكين.
 
وقال وانج، إن بلاده تعرب عن أسف شديد لاندلاع نزاع بين أوكرانيا وروسيا، وتبدي اهتمامًا بالغًا إزاء الأذى الذي يلحق بالمدنيين، ودعا الوزير الصيني الطرفين خلال هذه المحادثة التي جرت بناءً على طلب أوكرانيا إلى إيجاد طريقة لحل الموضوع عبر المفاوضات، مضيفًا أن الصين تدعم كل الجهود الدولية البناءة التي تؤدي إلى حل سياسي.
 

دور الوسيط

وفي السياق ذاته، قال رامي إبراهيم، الباحث في الشؤون الدولية، إن الحرب الروسية الأوكرانية كشفت عن وجود تفهم صيني كامل للموقف الروسي، وهو ما وضح في تأكيد بكين تفهمها مخاوف موسكو الأمنية المشروعة من انضمام كييف لحلف شمال الأطلسي “الناتو”.
 
وأضاف إبراهيم، أن بكين رفضت علنا إطلاق مصطلح “الغزو” على العملية العسكرة الروسية في أوكرانيا الذي أوردته بعض وسائل الإعلام، ولعل هذا يؤكد أن هناك اصطفاف “روسي – صيني” في مواجهة النفوذ الغربي، وخاصةً نفوذ الولايات المتحدة الأمريكية التي تسببت سياساتها في معاناة الدولتين، كما دعم هذا الاصطفاف المخاوف الروسية وأيضا الصينية من تمدد الغرب شرقا، حيث تاريخيا عانت آسيا كثير من الحقبة الاستعمارية.
 
وأشار إلى أن التنسيق الاقتصادي بين روسيا وبكين تأتي بهدف تعزيز التبادل التجاري بينهما بالعملات المحلية وبعض الأنظمة المالية التي تتم خارج النظام النقدي الدولي، بهدف امتصاص العقوبات الغربية المفروضة أو التي ستفرض على روسيا وقد تفرض أيضا على الصين حال اتجهت إلى غزو تايوان.
 
وأوضح إبراهيم، أن الصين لن تستطيع القيام بدور الوسيط في ظل تحيزها الواضح للجانب الروسي، حتى وأن كانت تستطيع تقديم شيئا للأزمة، فلن تسمح الولايات المتحدة الأمريكية، خاصة وأنها تريد الحفاظ على هيمنتها وتقليم أظافر الدب الروسي ومخالب التنين الصيني وأوكرانيا هي الطعم.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى