المزيد
ذكرى رحيل إمبراطور الأغنية “حسين السيد”
ذكرى رحيل إمبراطوار الأغنية
“حسين السيد”
هُناك شعراء أمراء، وهناك شعراء ملوك
ولكن حسين السيد هو الشاعر الإمبراطور الذي لم يترك لونا إلا وكتبَ فيه وتفوّق ولم يترك فكرةً إلا واقتنصها ولا أسلوبا إلا وبسط عليه سلطانه
منذ أن كتب لعبد الوهاب أغنية “إجري إجري” لفيلم يوم سعيد
من يومها أخذ الأغنية إلى منطقة أقرب إلى وجدان العاشقين، ولغة العوام وأنزلَها إلى طريق الناس جميعا بعد أن كانت حبيسة صالونات الطبقة البرجوازية بسبب اللغة المعجمية الصعبة التي كتب بها الشعراء قبل حسين السيد مثل:
شوقي، ورامي، وأحمد عبد المجيد، وأمين عزت الهحين
– وُلِد حسين السيد في طنطا لأب مصري وأم تركية
– عاش طفولتَه بجوار خاله الذي كان يمتلك “تِكيّة” لحلقات الذكر في طنطا مما ساهم في خلق الحس الموسيقي عند حسين السيد
– أدخلَهُ والده التاجر الكبير بالقاهرة مدرسة “الفرير” فتفوّق في اللغة العربية وتنبأ له الدكتور زكي مبارك بمستقبل أدبي كبير عندما استمع إلى شعره الفصيح في مدرسة الفرير التي كان زكي مبارك مفتشا عليها من قِبَل وزارة المعارف
وهذه قصيدة حسين السيد الفصيحة التي أعجبت زكي مبارك:
هذا الأقلُّ من القليلِ تَوَقَّ منه، واحذْرَا
فدقائقُ الفنِّ الخفيّةُ للكبائرِ مظْهرا
بإشارةٍ منّي تدورُ رحى الوَغَى بينَ الورى
وأنا بِدُرجيَ كامنٌ فلا أُمَسُّ ولا أُرَى
قصفَ الزمانُ فُتوَّتي واليومَ صِرتُ مُوقَّرا
أوَهكذا الشّيخُ يُهانُ بذِي الدّيارِ… ويُزدَرا
– رحل والدُه فاضطر لترك الدراسة ليحل محل والده في تجارة المواد الغذائية وتوريدها للجيش
– كتب أجمل أغاني الأطفال:
“ماما زمانها جاية”، “ذهب الليل”، “أكلك منين يا بطّة”
– كتب أعظم أغاني الأسرة:
“ست الحبايب”، “يا راجل يا طيّب”، “يا غالي عليا يا حبيبي يا خويا”، “حبيبة أمّها”، “أمُّورتي الحلوة”
– كتب أصدق الأغاني الوطنية:
“صوت الجماهير”، “الجيل الصاعد”، “صوت بلادي”، “سلمولي على مصر”، “كل أخٍ عربي أخي”
– كتب “فوازير رمضان” لثلاثي أضواء المسرح في بدايات التليفزيون
– كتب أجمل استعراضات السينما:
“اللي يقدر على قلبي”، “صغيرة ع الحب”
– كتب أحلى الأغاني الدينية
“إله الكون”، “الصبر والإيمان”
– كتب الأغاني الريفية “فلاح كان فايت بيغنّي”
– كتب الأغاني ذات الطابع البدوي ” كعب الغزال”
– كتب أغاني بلسان بنت الجيران العاشقة
“ساكن قصادي”، “مين قالك تسكن ف حارتنا”
– كتب أغاني على شكل قصة لها بداية وحدث ونهاية
“فاتت جنبنا”، “ساكن قصادي”
– كتب اسكتشات خفيفة الظل لثلاثي أضواء المسرح
– كتب أشهر الثنائيات في السينما:
“حكيم عيون” بين عبد الوهاب وراقية إبراهيم
“قوللي بقا اتأخرت ليه” بين عبد الوهاب ورجاء عبده
– لُقِّبَ “بالشاعر الملاكي لعبد الوهاب” لأنه كتب معظم أغاني عبد الوهاب وظل في صحبته لأكثر من أربعين عاما
– شارك بالتمثيل وجسّد شخصية التاجر سعيد الذي أحب البطلة في فيلم “رسالة من امرأة مجهولة” مع فريد الأطرش، ولبنى عبد العزيز
– مثّل مع شويكار في مقطع لأغنية “إنتي مسافرة”
– كتب أعذب أغاني الحب
لعبد الوهاب وليلى مراد وحليم وفريد وفوزي وفايزة أحمد ونجاة ووردة وشادية
– لم يتعاون مع أم كلثوم رغم نجوميته وموهبته اللي ملأت الدنيا نغما وشغلت الناس تصفيقا وإعجابا
لأن عبد الوهاب خوّفه من أم كلثوم وقال له: إنها تتدخّل في كلمات الأغاني
– كتب أجمل أغاني المناسبات والأعياد
في عيد الأم “ست الحبايب”
في عيد الحصاد ” القمح الليلة”
في شهر رمضان دويتو “الراجل دا هيجنّني”
لفؤاد المهندس، وصباح
– أجمل تعبير غنائي في وصف العيون -من وجهة نظري- هو تعبير حسين السيد في أغنية عبد الحليم يا قلبي يا خالي:
تفوت ع النور تقول مش نور وتعشق نور سواد العين
– كرّمتهُ الدولة ومنحتْهُ أعلى وسام للفنون في عهد عبد الناصر، وكان صديقا مقرّبا لأنور السادات الذي كان يرسل له سيارة رئاسة الجمهورية ليجلس معه مرة كل شهر حبا، وإعجابا بهذا العملاق الكبير
– رحل الشاعر الوسيم العبقري الأنيق الوجيه
حسين السيد الذي ملأ وجداننا بالحب والجمال في مثل هذا اليوم ٢٧ فبراير عام ١٩٨٣م وهو على مكتب إبداعه كما يرحل الراهب في صومعته والجندي على جبهته، رحل بجسده ولكن روحه الطيبة تملأ الدنيا
جمالا ونغما وعشقا
وعِشق الروح مالوش آخر.
