وطنيات

الشهيد عبد العزيز محمود.. البطل الحقيقي في فيلم “حكايات الغريب”

أسماء صبحي

شكلت المؤسسة الصحفية لجنة من 3 رجال تسافر إلى السويس بعد حرب أكتوبر 1973 لتستقصي الحقيقة حول مصير عهدة الأسطى عبد العزيز محمود. والذى يعمل سائق سيارة تتبع تلك المؤسسة الصحفية، مهمته توزيع الصحف. دخل السويس في 23 أكتوبر، لكنه لم يغادرها قط، بقي جسده الطاهر في مكان ما. لقد كان الأسطى عبد العزيز من بين صفوف المدنين الذين حولهم نداء الواجب في لحظة إلى مقاتلين ضد العدو الإسرائيلى بمدينة السويس.

فشلت اللجنة في الإطلاع على كشوف المستشفي الذي كان يمتلئ بالجرحى والمصابين والشهداء وقت الحرب. فلم يكن هناك وقتاً لتسجيل من يدخلها، واللجنة تريد دليل مادي يثبت أين ذهبت العهدة. لكن خلال البحث تتكشف لها حقائق عديدة تظهر لهم جوانب إنسانية في شخصية الفدائيين الذين وقفوا أمام قوات اليهود في 24 أكتوبر.

قصة الشهيد عبد العزيز محمود

في كل مكان كان الأسطى عبد العزيز موجود به، أطلق عليه سكان المدينة الغريب. ذهب عضو اللجنة إلى الفدائيين، قالوا إن الغريب مات شهيداً في معركة قسم الأربعين، فقد طلب أن يذهب معهم. أمسك السلاح لأول مرة، وتوجه لإيقاف تقدم اليهود، وعندما تقدمت الدبابات، تقدم الغريب ووقف بطوله في مواجهاتها.

كان يريد الاقتراب إلى أقصي حد ممكن من الدبابة، ألقى بالقنبلة الأولي، ودوي صوت الرصاص يحصد جنود اليهود، امتدت يد الغريب وألقت بالقنبلة الثانية، وغطى الدخان كل شيء ولم يعثروا له على جثة.

أكد الأهالي لـ عضو آخر باللجنة أنهم سحبوا جثة الغريب ودفنوه بسرعة تحت الرمال. وأثناء الحصار قرر الحاج حافظ سلامة نقل الشهداء إلى مقبرة واحدة داخل السويس. وعندما حفروا لنقل الغريب صاحوا الله أكبر، وجدوا الجثمان على حاله.

روايات أخرى أكدت أن الشخص الذي نقلوه غير الغريب، والصحيح أن دانة انفجرت فوقه تماماً ولم يعثر له على أثر.

حكايات الغريب

زادت حيرة اللجنة، وقالت امرأة عجوز أن الغريب اسمه خلف، وكان يساعدها ببضعة قروش لفقرها. هي لا تعلم اسمه، وإنما أسمته خلف على اسم ابنها الأول خلف الذي مات رضيعا.

وقال عسكري أن الباشجاويش كان يطلق عليه اسم كمال، وهو اسم ابنه الذي مات. وكان الغريب يحمل أسماء كل الأحبة لأهل المدينة المحاصرة.

أجمع الكثيرون أن الغريب بدا كثير الحركة، لا يهدأ، لا ينام في مكان واحد، بل نادراً ما رآه البعض نائما. كل من رآه شاهده مستيقظا يؤدي عملاً، في الليل يقف خلال نوبات الحراسة عند أطراف المدينة، يحفر الخنادق وينقل العديد من العوائق كالعربات المدمرة والحجارة الثقيلة ليسد بها الطريق. يحفر آبارا للمياة، آذن للصلاة، تبرع بدمه مرات عديدة، تسلل إلى خطوط العدو.

لقد شاهد الجميع الغريب، فقد كان كل المدنيين على قلب رجل واحد يضحون بأمفسهم ويدافعون عن وطنهم مصر ولا يستطيع أن يفرق بينهم أحد

هذه هي حكايات الغريب التى كتبها الكاتب والروائى والمراسل العسكري بحرب أكتوبر 1973 جمال الغيطاني.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى