شعر بدوي نبطي من دور الكلام
بقلم : محمد سليمان الطيب
يقول الشاعر/ ابن جدلان رحمه الله أبيات بها حكمة ونصح:
الفوز ما هو فوز كورة وبالوت
ولا شِعر ولا مزاين قبايل
الفوز والله توبة تسبق الموت
قبل الوداع وقبل شد الرحايل
الروح مثل المال والموت ساحوت
والموت ما يفرق بقاصر وطايل
هذي نصيحة جد والعلم مثبوت
ولا خير في قول بليا دلايل
تغانموا الأوقات والوقت موقوت
الوقت مثل الظل والظل مايل
ياللي تخطط لك مشاريع وبيوت
في طاعة المعبود كيف أنت قايل
نسيت بيت الآخرة وأنت مبهوت
ما عاد تنفعك الحيل والتحايل
محاورٍ لك عالمٍ لكن سكوت
في ساعة فيها تشوف الهوايل
النصح واجب قبل لا يفوتك الفوت
النار يا مسكين تعمل عمايل
قلته وأنا مقصِّر لكن برفع الصوت
ياللي تبون الفوز والشك زابل
الفوز والله توبة تسبق الموت
قبل الوداع وقبل شد الرحايل
****************
ويقول الشاعر/ رائد صايل الرويلي العنزي
إن كان حاديك الزمن والمقادير
الصبر للرجال يعطي متاعه
اسمع وخذ مني مصيحة وتذكير
ذرب الكلام اللي يفيدك سماعه
صوادف الدنيا ورود ومصادير
وأفضل كنوز الوقت كنز القناعة
اللي كتَبَه الله على عبده يصير
صبر جميل ودبرة الله مطاعة
ما دمت من رءوس الرجال المشاهير
ما يرتخي راسٍ شمخ بارتفاعه
بكرة تبي تلقى العوض بالمخاسير
تاصل حبال الوصل عقب انقطاعه
العافية تسوى كنوز الدنانير
والرجل دايم نجدته من ذراعه
صكَّات بقعا لا نصنّك طوابير
خلَّك كما ضلعٍ تقانب ساعه
شامخ شموخٍ ما تهزه معاصير
لو هو محاصر بالخطر كل ساعة
صلف الهوا ما شدد طريق والنير
والحر يقدم والرعاع رعاعه
ساير زمانك وانتبه تعكس السير
ويسمح الجناب اللي يراعيك راعه
ريعك حزامك في الليالي المعاسير
صدرك عليهم لا يضيق اتساعه
قد قالو اللي يحكمون التعابير
ترى يد الله مع يدين الجماعة
حذارك دينك لا يبجى فيه تقصير
لا ضاع دينك ماش غيره طماعه
إبليس لو زيَّن دروب المحاذير
إبعد عن اللي ما يجوز اتبَّاعه
عقب المنية ما تفيد المعاذير
واللي يطيع الشيطان ماله شفاعة
اشر الرفيق اللي يعينك على الخير
وبيع الردي بالسوق مثل البضاعة
لازم جي من صاحب السوء تأثير
يدوّر اللي يحشره في ضياعه
اللي يحمل المسك ما ينفخ الكير
ومن جالي المقرود يأخذ طباعه
كم من كبير بالعقل عمره صغير
وكم كبير بعقل سن الرضاعة
لا تستشير إلا حكيم التدابير
رجلٍ تفيدك خبرته واطلاعه
العاقل يشاور أهل العرف ويشير
وكلًا على ما قيل حسب اقتناعه
الطيب يبدي في الوجية المسافير
يبدي كما نورًا توهج شعاعه
يشفيك حرًا لا نهض كنه الطير
الطيب مزروع بقلبه زراعه
في طلته تلقى السعد والتباشير
واليا نخيته قال سمعًا وطاعة
تلقى الكرامة عند ريف الخطاطير
وتلقى الخناعة عند راع اللكاعة
ما في البشر مخلوق من غير تقصير
مير القيام يكون بالاستطاعة
واليا ظهر سرك لو يقال في بير
تراه ما به بير من غير قاعه
يبدي ويبدي به من الناس تزوير
حيث بعض الناس مثل الإذاعة
يصبح كما جمٍ ملته الغثابير
ويمسي طعام مروجين الإشاعة
الظلم ظُلمة في وجيه المعاثير
ما يفلح الظالم ولو طال باعه
يلقى الجزا لو عقب طول المشاوير
سواة ما سوَّاه وأعظم شناعة
من دعوة المظلوم احذرك تحذير
اليا رفع لله كف الضراعة
يجيب ربه دعوته من دون تأخير
وأبو قناع يبين خافي قناعه
راع الحسد لو يندفع يمك مفير
عنّز على الله واتركه باندفاعه
كل الصعاب يعون ربي تياسير
من يتكل بالله ومن كل راعه
قدمت لك عن واقع الحال تقرير
بيوت شعر فيها فن وبراعة
صدرتها من صافي الفكر تصدير
وحقوقنا ما هي حقوق الطباعة
وخذها مني تحية وتقدير
شاري خوي الطيب ما عاد باعه
**************
“نماذج من الشعر الفصيح”
لما احتضر الخليفة الأموي عبد الملك بن مروان وعَرف أنه مفارق الدنيا ولم ينفعه أمام الله إلا عمل صالح قدمه لرعيته، قال أبياتًا من الشعر الفصيح:
لعَمري لقد عمَّرتُ في المُلك برهة
ودانت لي الدنيا بوقع البواتر
وأعطيتُ جم المال والحكم والنهي
ودان لي قماقم الملوك الجبابر
فأضحى الذي قد كان مما يسرني
كحلمٍ مضى غي المزمنات الغوابر
فياليتني لم أعن بالملك ليلة
ولم أسع في لذات عيش نواضر
****************
ولأمير الشعراء أحمد شوقي في مصر توفي رحمه الله عام 1351هـ، قصيدة ظريفة قصة ثعلب مكار تظاهر بالتوبة وطلب من الديك أن يأتي ليؤذن بصلاة الصبح فيأكله.
قال أبياتًا من الشعر الفصيح:
برز الثعلب يومًا في شعار الواعظينا
فمشى في الأرض يهذي ويسب الماكرينا
ويقول الحمد لله إله العالمينا
يا عباد الله توبوا فهو كهب التائبينا
وازهدوا في الطير إن العيش عيش الزاهدينا
واطلبوا الديك يؤذن لصلاة الصبح فينا
فأتى الديك رسولٌ من إمام الناسكينا
عرض الأمر عليه وهو يرجو أن يلينا
فأجاب الديك عذرًا يا أضل المهتدينا
بلغ الثعلب عني عن جدودي الصالحينا
عن ذوي التيجان دخل البطن اللعينا
أنهم قالوا وخير القول قول العارفينا
مخطئ من ظن يومًا أم للثعلب دينا
****************
ومن شعر الإمام علي بن أبي طالب رضي الله عنه
قال أبياتًا فيها حكمة بالغة للمسلمين:
النفس تبكي على الدنيا وقد عَلِمت أن السلامة فيها ترك ما فيها
لا دار للمرء بعد الموت يسكنها إلا التي كان قبل الموت بانيها
فإن بناها بخيرٍ طاب مسكنها وإن بناها بشرٍ خاب بانيها
أين الملوك التي كانت مسلطنة حتى سقاها بكأس الموت ساقيها
أموالنا بذوي لميراث نجمعها ودورنا لخراب الدهر نبنيها
كم من مدائن في الآفاق قد بنيت أمست خرابًا ودان الموت دانيها
لكل نفسٍ وإن كانت على وجلٍ من المنية آمال تقويها
فالمرء يبسطها والدهر يقبضها والنفس تنشرها والموت يطويها