عادات و تقاليد

“الجاهة”.. طقوس الخطبة عند البدو

أميرة جادو

يتمسك البدو بالعديد من العادات والتقاليد المتوارثة والتي لا يمكن الانحراف عنها أو تجاوزها، وأهمها الخبطة وطلب العروس من أهلها، حيث يخرج كبار المشايخ والنبلاء مع والد الشاب الذي يريد الزواج لطلبها من أهلها وتسمى هذه العادة بـ “الجاهة”.

تعد الجاهة تعبير شعبي يدل على جماعة من الوجهاء يسعون بالخير، ويطلبون في مناسبات اجتماعية خاصة كالخطبة أو الزواج أو في الإصلاح بين الناس.

ويتمتع الوجهاء والناطقين باسم الجاهات من القبائل في هذه المناسبات بكثير من المزايا الخاصة التي ربما يفتقدها كثير من المفكرين والأدباء والمبدعين والمثقفين والسياسيين.

وتحكم الجاهة بعض الطقوس والتقاليد التي يعرفها البدو، حيث لا تتوقف عند فنجان القهوة بل تتعاداه الى علم والمام على قمتها وخبرة اجتماعية عريقة، ورسوخ قدم في معرفة القوانين العشائرية وفقه مصطلحاتها وتحليل رموزها، إضافة إلى كثير من المؤهلات الوجاهية الشكلية التي لا يحفل بها أكثر الكلاسيكيين والحداثيين من أرباب الأدب ورواد الثقافة.

طقوس الخطبة

يذهب أهل العريس أو الشاب نفسه إلى الجاهة الخاص به لطلب العروس من أهلها، وبعد اجتماع الجميع تأتي اللحظة فيسود صمت تام على الحضور، يتململون في جلساتهم، ويصمتون عن الكلام و ينظرون بترقب إلى جهة الرجال المهمين، حتى تصدر عنهم إشارة ما لبدء الفعاليات.

تلتفت الانظار باتجاه من يأتي بدلة أو “بكرج” القهوة العربية التي حضرت بعناية تسكب في فنجان صغير وتقدم لأحد الرجال الطاعنين في السن والذي يجلس مع المهمين في الحلقة.

يضع صاحب الجاه “الفنجان” على الطاولة الصغيرة أمامه، ويترقب الحضور وكلهم أذان صاغية ينتظرون تلك الكلمات وتتعلق أعينهم بالرجل فيسود الصمت حتى تكاد لا تسمع نفساً في الصالة المكتظة، ويتكلم الرجل مخاطبا الحضور ناظراً باتجاه أهل العروس يبدأ بالصلاة والسلام على رسول الله وال بيته الكرام، وبعدها يمدح العريس وأهله ويسرد تاريخا مشتركا بين الطالب والمطلوب، ثم يختم بأنه ورجاله لن يشربوا قهوتهم حتى يتحقق له ولرجاله مطلبهم.

ويقف رجل كبير السن، في الجانب الأخر، ويردد بعض كلمات التكريم والضيافة، قائلًا: “اشربوا قهوتكو ، واللي جيتو مشانو ابشروا فيه”، فتعود الحماسة من جديد إلى الجلسة.

كما يعطي أحد الرجال تعليماته للشباب الصغار الذين يقدمون واجب الضيافة للحضور، تارة يأمرهم بإحضار الماء لهذا و تارة بتشغيل المراوح الموزعة في زوايا الصالة ثم توزع الحلوى.

يبدأ الشباب في حركتهم، بعد توقفهم أثناء حديث الكبار ويعود الحضور للحديث بحماس غير مسبوق بذلك يتحقق الهدف من وراء هذه الحلقة الاجتماعية.

وعادة لا تتواجد النساء في جلسات الجاهة، ألا أنك لا تدري من اين تخرج الزغاريد فجأة يرافقها توزيع الحلويات، وتشعر العروس برضا كبير كيف لا وهي موضع الحديث حديث كل الرجال المهمين في الجلسة.

 

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى