عادات و تقاليد

شريعة القتل عند البدو.. من «المَدَّة» إلى «الدليخة»

أميرة جادو

تعد شريعة القتل من العادات والتقاليد المتوارثة عند البدو، فإذا وقعت حادثة قتل في البادية؛ فأهل القتيل الأقربون من الأب والجد فصاعدًا إلى الدرجة الخامسة، ومن الابن وابن الابن والأخ وابن الأخ والعم وابن العم فنازلًا إلى الدرجة الخامسة، يطاردون القاتل وأهله الأقربين إلى الدرجة الخامسة صاعدًا أو نازلًا طلبًا للأثر، فإذا فازوا بثأرهم وقتلوا القاتل أو أحدًا من أهله الأقربين انتهى الأمر، وإلا فإذا فاز القاتل وأهله بالانجلاء عن بلادهم واحتموا بقبيلة أخرى قبل أن يلحقهم أهل الثأر توسَّط لهم عقلاء القبيلة التي احتموا بها عند أهل الثأر.

شريعة القتل

المَدَّة

في حال قبولهم بالصلح أرسلوا لهم «الجيرة» وهي جمل رباع، وقدموا «كفيل وفا» وأخذوا منهم «كفيل دفا»، وامتنع أهل القتيل من ذلك الوقت عن مطالبة أهل القاتل، وجعلوا الميعاد بينهم بيت رجل مشهور مذكور يأتون إليه بالدية.

وتسمى  عندهم بـ «المَدَّة» وهي 40  جمل وناقة هجين تعرف بالطلبة، والأربعون جملًا أولها ذلول (أي هجين صافٍ) وآخرها دحور (أي فيها لبن) والثمانية والثلاثون الباقون منها ١٤ رباعًا بما فيها «الجيرة» الموضوعة قبلًا و١٢ جذعة و١٢ حقًّا، وأمَّا الطّلبة فإذا لم توجد ففداؤها خمسون ريالًا مجيديًّا.

الغرة

هذا في دية القتيل إذا كان من قبيلة غير قبيلة القاتل، أمَّا إذا كان القتيل والقاتل من قبيلة واحدة وجب على أهل القاتل أن يقدموا فوق الدية المعتادة «غرة» أي بنت بكر يأخذها أحد أقارب القتيل بلا مهر بصفة زوجة وتبقى عنده حتى تلد ولدًا فيصير لها الخيار بين أن تعود إلى أهلها حرة وبين أن تجدد زواجها وتبقى مع أبي ولدها بعد أخذ مهرها، ويراد «بالغرة» إعادة الروابط العائلية إلى ما كانت عليه قبل القتل، على أن البنات الأبكار يأنفن من هذه العادة لما فيها من المعرَّة عليهن؛ ولذلك جوزوا فداء الغرة بخمس رباعيات والغالب الفداء.

الدليخة

ومن قتل غدرًا واختلاسًا في مكان منقطع وأنكر ثم ثبت عليه القتل عدت فعلته دَليخة وطولب بأربع ديات، فإذا أخذ أهل القتيل بالثأر من واحد ودخل العقلاء بالصلح حكم القصاص على أهل القاتل بثلاث ديات، فيأخذ أهل القتيل دية واحدة ويتصدقون بواحدة ويسامحون بواحدة.. وكذلك من قتل طفلًا عد قتله دليخة ووجب عليه أربع ديات.. وأمَّا من قتل امرأة فقد وجبت عليه ثماني ديات.

وتدفع الدية في الغالب أقساطًا مؤجلة، من قسط إلى أربعة، في ميعاد شهر إلى سنة. ولكنها في بعض الأحيان تدفع كلها فورًا دفعة واحدة. وهي توزع بين أقارب المقتول الذين يطاردون بدمه. ومن أمثالهم: «من طارد في الدم أخذ فيه.»

ويكفي لوجوب الدية ومنع المطاردة للدم رضا واحد من أقارب القتيل الأخصَّاء. فإذا رضيَ واحد اضطر الكل إلى الرضا برضاه على نحو ما هو مشروع في الإسلام.

وإذا لم يكن عند القاتل قيمة دية ولم ترضَ قبيلته دفع الدية عنه. علق «الجيرة» وأخذ ميعادًا طويلًا من أصحاب الدم وطاف في القبائل يستعطي الدية حتى يستوفيها.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى