«أمثال عربية».. تعرف على معنى المثل البدوي «الكل يجمر النار على قرصه»
أميرة جادو
تتميز الأمثال البدوية عن غيرها بالعديد من الخصائص الخاصة بها في التركيب، لأنها تنشأ في البيئة الصحراوية وتأخذ من سماتها، ومن سمات هذه الأمثال أنها تمثل جزءًا من قوة وتأثير النطق في لهجاتهم، ويمثل معناها في الوعي، ومن بين هذه الأمثال اخترنا منها: “كل يجمر النار على قرصه”.
وأوضح الشيخ سلام مدخل سليمان ، الرئيس السابق لنادي سيناء الأدبي ومؤلف كتاب الأمثال والمأثورات عند قبائل سيناء”، الملقب بـ “شيخ المثقفين”، أن القرصه هنا تعني قرص الملة الذي يصنعه البدوي من دقيق القمح أو دقيق الذرة، وهو رغيف غليظ مستدير يصل قطره إلى 30 سنتيمتر تقريبا ثم يمل أي يوضع على الرمل الساخن ويهال عليه الجمر.
ولفت الشيخ سلام، إلى أن البدو في رحلاتهم يوقدون نارا كبيرة ويضعون فيها أقراص الملة ويأخذ كل واحد منهم عودا من الحطب يجمع به الجمرات على قرصه فإذا تأملتهم تجدهم مشغولين بما في أيديهم كل واحد منهم يريد أن ينهي عمله دون النظر إلى أمور الآخرين وكأنه في سباق.. ويقول المثل أيضا: “لا تنتظر المساعدة من أحد فكل واحد مشغول بنفسه”.
معنى المثل
يجمر : يشعل الجمر
القرص : رغيف الخبز
حكاية المثل
والمثل يعني أن يشعل الجمر تحت قرصة لكي ينضج ليأكله، كما يعني أن يعمل كل شخص لما يخدم مصلحته، وإليكم هذه الحكاية التي ينطبق عليها هذا المثل:
في يوم من الأيام عقد العزم اثنان من فرسان إحدى قبائل البدو للغزو، وحين وصل هذان الفارسان الى المكان المراد غزوه، وبينما هم في محيط القبيلة المغزوة وإذا بخمسة من رعاة الغنم، يلتفون بشكل دائري على قرص من خبز النار، وقد أوقدوا عليه النار.
عندما نظر الغزاة إليهم، رأوا أن كل منهم يجمر “يزيح” أي يجلب النار على الجهة الموالية له لكي ينضج رغيفه أو قرصه قبل الآخرين لكن الغازيان وعددهما اثنان، نظرًا لعددهم الكبير، قررا أن يبحثوا عن آخرين فمشوا قليلا وإذا براعيين اثنين وكانا أيضا يقومان بالخبيز بالنار ولكن الاثنين كما لاحظ الغزاة أنهما يتبادلان بوضع كل واحد منهم النار على قرص الآخر و يكرمان بعضهما البعض على عكس من مروا بهم سابقا وهم الخمسة.
عندها قال أحد الفرسان الغزاة: ” أنظر.. لقد سهلت مهمتنا فها هم اثنان ونحن اثنان وبذلك نستطيع غدرهم ومقاتلتهم ونأخذ ما أتينا من اجله فنأخذ ما بحوزتهم”، فقال له صاحبه: “لا يا صديقي هون عليك لقد خانتك حساباتك فالخمسة أهون علينا من هذان الاثنان”.
ذهل الآخر وقال: “كيف ؟ فهل مهاجمة خمسة وقتالهم أهون من اثنين ؟”، رد عليه وقال:” نعم .. أهون ! فأما الخمسة، فهم نعم مجتمعون ولكنهم مشتتون وكل واحد تهمه نفسه من خلال إزاحة كل واحد منهم النار على رغيف خبزه، فهؤلاء يسهُل افتراسهم وأن كثر عددهم ويهون التغلب عليهم، وما هم بخير .. أما الاثنان فهما يقدم كل واحد منهم الآخر على نفسه فهؤلاء يصعب هزيمتهم والتغلب عليهم فالعبرة ليست بالعدد وكثرته بقدر ما هي بالتكاتف والتحاب ونكران الذات” .