عادات و تقاليد

“تراث البدو”.. “القضاء العرفي” عند القبائل العربية في جنوب سيناء

أميرة جادو

يعتبر النظام القضائي العرفي من أهم العادات والتقاليد وموروثات التي اعتمد عليها البدو منذ العصور القديمة، بينما يعتقد الكثيرون أن النظام القضائي العرفي لا ينطبق إلا على القبائل البدوية، ولكنه يمتد ليشمل القضايا التي يعاني فيها البدو وخلافات سكان المدن في سيناء.

ومن موروثات البادية، عدم الذهاب إلى المحاكم والاعتماد على النظام القضائي المعتاد، وهو القانون المعتاد لجميع القبائل، خاصة وأن جميع القبائل أبناء عمومة والأحكام العرفية واجبة التطبيق، مهما كانت.

ما هو القضاء العرفي

 

ويعتبر لقضاء العرفي مشابه لجلسات المحكمة  العادية، حيث أنه يتكون من “المرافيع” وتعني “قضاة”، وتبدأ الجلسة الأولى بالاستماع إلى طرفي النزاع، أي “معرفة حيثيات القضية” ويفوض كل جانب شخصًا ما لتمثيله، مثل المحامي في محكمة مدنية، بشرط أن يكون لهذا الممثل القدرة على التحدث ومعرفة الأحكام العرفية.

ووفقًا لما ذكره الشيخ فريج الحويطي، شيخ قبيلة الحويطات، وأحد المرافيع في الجلسات العرفية، يترك القاضي للمدعى عليه فرصة إثبات براءته، وفي نظام المحاكم العادية يوجد 3 قضاة، أولهم رئيس القضاة، ثم “المرافيع”  أي الثاني والثالث، بمعنى أن لكل قضية يوجد رئيس قضاة، فإذا لم يتخذ أحد الطرفين بقرار القاضي الأول، يذهب إلى القاضي الثاني والثالث، وهذا يشبه “الاستئناف” في المحكمة المدنية، إذا صدر حكم من قاضيين يكون واجب النفاذ.

وأوضح شيخ قبيلة الحويطات، قد تصل أحكام القضاء العرفي إلى حد القتل “الدم”، ملفتًا إلى أن الأحكام يتم اصدرها وفقًا لدستور، وكتب، وتشريعات يتوارثها الأجيال، وليست بحسب للأهواء الشخصية، فقد يأتي للقاضي قضية مشتبكة ومتشعبة، وقد يلجأ للكتاب لمعرفة حقيقة الأمر وإصدار الحكم الصحيح.

جلسات القضاء العرفي

وتابع، أن جلسة القضاء لا تعقد إلا بعد موافقة طرفي النزاع على أن يبدأ الطرف المتسبب في النزاع في التواصل مع الطرف الآخر خلال 3 أيام، وفي حال لم يتم التواصل معه فيحق للطرف الثاني أن يفعل معه أي شيء، وعند التواصل يتم تحديد ما يسمى بـ “الحق” وهو عبارة عن مبلغ من المال، ثم يجري الاتفاق على القاضي الذي سيحكم في النزاع، وكل طرف يضع مبلغًا من المال لدى القاضي العرفي يُطلق عليه اسم “الرزقة” ويخصص مبلغ الرزقة للإنفاق على العشرات من أهالي طرفي النزاع أي “الضيافة” من مأكل ومشرب وغيرها، وهي تُقابل المصاريف الإدارية للقضية في القضاء المدني.

يضع طرفي النزاع مبلغ من المال يدفع كشرط جزائي وهو ما يطلق عليه أسم “العنوة”، وذلك في حال غياب أحد الطرفين أو خوفه،  وتتراوح قيمتها من 5 الى 10 آلاف جنيه، وهدفها إلزام الطرفين بالحضور في الزمان والمكان الذي يتم تحديده لجلسة القضاء كما أنه من الممكن أن يتم إنفاق ثمن المواصلات من مبلغ “العنوة” إذا تم تحديد الجلسة في محافظة غير محافظة جنوب سيناء.

وأكد “الحويطي” إن القضاء العرفي يخفف العبء عن ساحات المحاكم، ويتوجب على الدولة مساعدة هذا النوع من المحاكم وتشجيعه لأن أحكامها سريعة وملزمة ولا يتهرب منها أحد ولكل قضية قضاة معينين، ومتخصصين فالدم له قاضٍ والعار له قاضٍ وكذلك السرقة والضرب، وطالب الدولة بإقامة نقابة ومعاش للقضاة العرفيين حتى لا تندثر المهنة.

“البشعة”

وأشار “الحويطي” إلى أن “البشعة” وسيلة لإظهار الحقيقة في أمر من الأمور عندما يتعذر إظهارها بوسيلة أخرى، إذ يتعرّض الشخص المراد معرفة كذبه من صدقه للنار، فإذا كان كاذبًا تؤذيه النار، وإذا كان صادقًا ينجو.

ويتم اللجوء إلى “البشعة” في حالة ارتكاب أحد الأشخاص جريمة ما دون توافر الأدلة والشهود على إدانته أو براءته أو عندما تتعارض الأدلة فيما بينها، وهي ملعقة من الحديد أو إناء نحاس أو سكين تحمى على النار، حتى تحمر، ويؤمر المتهم بغسل فمه بالماء ثم لحس الحديد المحمي فإذا لم يصب لسانه فهو بريء وإن أصيب يخسر الدعوى، ويعتبر مذنبًا، وفق موقع “مصراوي”.

 

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى