البهنسا أرض الشهداء البقيع الثاني في صعيد مصر
كتب / حسين الهوارى
أطلق عليها بقيع مصر لأن تحت ثراها دفن حوالي 5000من صحابة رسول الله صل الله عليه وسلم والتابعين رضوان الله عليهم أجمعين منهم حوالي67 صحابياً شهدوا بدراً
والبهنسا حالياً تتبع محافظة المنيا علي بعد16 كيلو متر من مركز بني مزار غرب النيل
وكانت إبان الفتح الإسلامي لمصر ثاني أكبر أقليم بعد الاسكندرية يمتدمن الواسطي إلى سمالوط
وكانت لها أسوار عاليه وحصون منيعة وأربع أبواب ولكل باب ثلاث أبراج
وبعدما حرر عمرو بن العاص معظم الأقليم البحري والأسكندرية من الأحتلال الروماني أرسل إلى أمير المؤمنين عمر بن الخطاب يستاذنه في أن يتوجه إلي جنوب مصر ليقضي علي آخر معاقل الروم هناك
وأذن الفاروق لعمرو بن العاص رضي الله عنهما وأرسل له” إن أردتم فتح مصر فعليكم بالبهنسا وأهناسيا ”وهي من أعمال بني سويف حاليآ” فإن سقطتا سقط الروم ولا تقوم لهم قائمة بعد ذلك في مصر
وبعث عمرو ”القيس بن الحارث” لفتح بهنسا عام22 هجرية في جيش قوامه عشرة آلاف مجاهد
وكان بالجيش كبار الصحابة والتابعين عبد الله بن عمر ،والزبير بن العوام ،وأبنه عبدالله، والقعقاع بن عمرو، والمقداد بن الأسود، وضرار بن الأزور ، وأبو ذر الغفاري،ومعاذ بن جبل، والفضل بن العباس ، والفضل بن أبي لهب ، وزيادبن أبي سفيان بن الحارث بن عبد المطلب ، وجعغر بن عقيل بن أبي طالب ،وعبد الرحمن بن أبي بكر، وعلي بن حاتم الطائى،والمغيرة بن شعبة الثقفي ،وعبادة بن الصامت،وعمرو بن أبي الجموح
وجابر بن عبدالله الأنصاري،وعقبةبن عامرالجهني ،وأبودجانةالأنصاري ، ورفاعة بن زهير،ومالك بن الأشتر النخعي والعباس بن مرداس،وميسرة بن مسروق العبسي، وذو القلاع الحميري،وغانم بن عياض الأشعري ،وشرحبيل بن حسنة ،
وغيرهم من الصحابةالأجلاءوالتابعين رضوان الله عليهم اجمعين
وعسكر القيس بالقرب من البهنسا في قرية القيس التي عرفت فيما بعد وإلي الآن بإسمه نسبة إليه رضي الله عنه
وجمع الروم كل فلولهم من الوجه البحري وكل قواتهم في الصعيد،و في السودان، وفي برقة ، وأسوان ، والنوبة ،وقفط،وقوص ،وفرشوط،وجرجا ،وببا الكبري ، وأشمون، ، والواحات ، في جيش قوامه خمسون ألفآ
واستخدموا الافيال أستقدموها من البجاوة والنوبة والسودان ووضعوها في مقدمةجيوشهم لإرهاب جيش المسلمين
ودارت معارك ضارية شديدة القسوةحاميةالوطيس بين الطرفين أسودت لها السماء وأغبرت الأجواء وأشتد القتال وعظم النزال وسالت الدماء غزيرة وصبر الصحابة الكرام وأبلوا بلاء حسنآ وبعد كر وفر وقتال شديد وعزم لا يلين وشجاعة منقطعة النظير أنتصر جنود الله الأبرار رضي الله عنهم أجمعين نصرآ مؤزرآ و أستشهد منهم العدد الكثير قرابة الخمسة آلاف شهيد دفنوا في البهنسا الغراء منهم من نقش إسمه علي قبره ومنهم من دفن دون أن يسجل أسمه على قبره
قال تعالي :
”كم من فئة قليلة غلبت فئة كثيرة بإذن الله”
ويقال أنه مدفون في أرضها الصحابية خولة بنت الأزور، وجعفر بن عقيل بن أبي طالب ،وعلي بن عقيل بن أبي طالب، و محمد بن عبد الرحمن بن أبي بكر، ومحمد بن عقبة بن عامر الجهني، وزياد بن أبي سفيان بن الحارث بن عبد المطلب ،وعفان بن إبان بن عثمان بن عفان ،والحسن الصالح بن علي زين العابدين بن الحسين،وسليمان بن خالد بن الوليد،وعبيدةبن عبادة بن الصامت
ومنهم من عاش وأستقر بها لأنها أرض مباركة ومن نسلهم نشأت قبائل عربية أنتشرت في شتي ربوع الصعيد منها على سبيل المثال قبيلة غفار التي تنتمي إلي ذرية أبي ذر الغفاري رضي الله عنه وقبيلة الزبير التي تنتمي إلي أبناء وأحفاد الزبير بن العوام
وعن عمرو بن العاص قال: أن رسول الله صلي الله عليه وسلم قال: ما معناه
ليس بعد مكة والمدينة، والأرض المقدسة، أرض مباركة إلا أرض مصر في الجانب الغربي وقال عمرو” لعلها البهنسا”
وكان التابعون يقولون ليس بأرض مصر أرض مباركة أكثر بركة من أرض البهنسا
وأثر أن الحسن البصري زارها فلما دخلها خلع نعليه وتأبطهما قائلآ لايطأ نعلي أرضآ أرتوت بدماء صحابة رسول الله
وحذا حذوه الأمام الاكبرالشيخ عبد الحليم محمود شيخ الأزهر الأسبق عندما زارهااثناء توليه مشيخة الأزهر
رحلة العائلة المقدسة إلي البهنسا.
جاءتها السيدة مريم ومعها إبنهاالمسيح عليه السلام وكان عمره شهرين وصحبهم يوسف النجار هربآ من بطش الملك الروماني هيرودوس الذي عقد العزم على قتل المسيح عليه السلام وعاشوا فيها 12 عام وفي البهنسا شجرة قائمة إلى الآن تسمي شجرة مريم وتعد مزارآ سياحيآ يأتيه الناس من كل مكان وهي شجرة كانت تستظل بظلها السيدة مريم والسيد المسيح ويشربون من البئر المجاورة لها طوال إقامتهما بالبهنسا الغراء
قال تعالي:
وجعلنا ابن مريم وأمه آية@ وآويناهما إلى ربوة ذات قرار ومعين ( المؤمنون 50 )
ويقول أصحاب السير والتفاسيرمثل” سعيد بن جبير”، وعلي بن أبي طالب ،وابن عباس ، والزمخشري، أن الربوة المقصودة هي البهنسا والله أعلم
بحر يوسف.
لما حكم سيدنا يوسف الجانب الغربي من مصر أراد أن يشق نهرآ يتفرع من نهر النيل يجري من بهنسا حتي المنطقة التي عرفت بعد ذلك بالفيوم فأوكل أمر ذلك إلى عبيده وغلمانه ومكثوا ألف يوم دون أن ينتهوا من حفره ومن( ألف يوم ) جاءت تسمية الفيوم ثم عاتب رب العزة يوسف عليه السلام أنه لم يطلبه منه فأمر جبريل عليه السلام أن يضرب الأرض بجناحه ليكون هذا النهر الذي سمي بحر يوسف بعد أن أصبح حقيقةوانتشرت الزراعات والبساتين والحقول علي ضفافه ،نعمة وفضل من الله ومنة علي شعب مصر العظيم.
الاستاذ الدكتور/ مصطفى سليمان عايد