قبيلة التياها: رمز الأصالة والتراث البدوي في النقب الفلسطيني
أسماء صبحي
تمتد جذور القبائل الفلسطينية في صحراء النقب وأطراف فلسطين، حيث تعيش منذ مئات السنين، وتعد قبيلة التياها واحدة من أبرز القبائل البدوية التي استوطنت هذه الأراضي. ويعود تاريخ قبيلة التياها إلى عصور قديمة، إذ اشتهرت بترحالها في مناطق النقب وسيناء، وارتبطت بثقافة بدوية أصيلة، تميزت بالشجاعة والكرم والمروءة.
أصول قبيلة التياها ونشأتها
تعود أصول قبيلة التياها إلى شبه الجزيرة العربية، تحديداً من جنوب الحجاز، حيث توافد أفراد القبيلة إلى فلسطين على مر العصور. وتشير الروايات التاريخية إلى أن القبيلة استقرت أولاً في منطقة سيناء، ثم انتقلت إلى النقب في الجنوب الفلسطيني، لتصبح واحدة من أهم القبائل التي لعبت دوراً مهماً في حياة الفلسطينيين الاجتماعية والسياسية.
وتنقسم قبيلة التياها إلى عدة عشائر، مثل عشائر “الصبيحات” و”الظلامات” و”الهزيمات” و”القديرات”، ولكل عشيرة خصائصها وعاداتها المتوارثة. وتتمركز القبيلة بشكل رئيسي في جنوب فلسطين، حيث تتوزع على بلدات وأرياف النقب، وخاصة منطقة بئر السبع التي تعتبر معقل القبيلة التاريخي.
الحياة الاجتماعية
تشتهر قبيلة التياها بأسلوب حياتها البدوي الذي يعتمد على الرعي والزراعة، حيث كانت تربي الإبل والأغنام وتعتمد على التجارة المحلية. وقد تطورت أنماط حياتها على مر الزمن، فانتقل البعض من أبناء القبيلة إلى المدن المجاورة، بينما احتفظ آخرون بطابع الحياة البدوية، متمسكين بالتقاليد والعادات الأصيلة.
ومن أبرز تلك التقاليد، “الجاهة” أو “الصلح”، وهي مجالس الصلح التي تعقد لحل النزاعات بين أفراد القبيلة، بحيث يجتمع كبار القبيلة وكبار العشائر في “الديوان” ليبحثوا في قضايا الصلح ويعيدوا السلم بين المتخاصمين. كما يعد “الديوان” مكاناً للتشاور في شؤون القبيلة ولعقد المناسبات الاجتماعية، حيث يلتقي أفراد القبيلة لتبادل الأخبار، وإقامة الأفراح، والمناسبات العامة.
عادات القبيلة وتقاليدها
يحافظ التياها، كغيرهم من القبائل البدوية، على العديد من العادات والتقاليد، حيث ترتبط حياتهم بثقافة الكرم والضيافة واحترام الكبير. وفي المناسبات الاجتماعية، يتم استقبال الضيوف بإكرام، وتقديم القهوة العربية التي تعد رمزاً من رموز الكرم عندهم.
ومن التقاليد الأخرى، تنظيم سباقات الهجن، حيث تعتبر تربية الإبل جزءاً من ثقافتهم، ويشارك فيها الشباب من مختلف العشائر، وتقام السباقات في مناسبات متعددة لتعزيز الترابط بين أفراد القبيلة.
أما الزواج، فيتبع عادات خاصة داخل القبيلة، حيث يتم التفاوض بين عائلتي العروسين بحضور الشيوخ والأقارب. كما تتسم حفلات الزواج بالتقاليد البدوية من الأغاني والرقصات الشعبية مثل “الدحية”، التي تعبر عن التراث البدوي الأصيل.
قبيلة التياها ودورها في التاريخ الفلسطيني
شاركت قبيلة التياها في العديد من الأحداث الوطنية الفلسطينية، وكان أفرادها من المساهمين في الحركات المقاومة للاستعمار البريطاني في فلسطين. فقد انخرط شباب القبيلة في حركات النضال الوطنية، ودعموا القضية الفلسطينية في وجه الاحتلال، مستندين إلى تقاليد الشجاعة والبسالة.
كما لعبت القبيلة دوراً في التعاون مع القبائل البدوية الأخرى لتعزيز صمود الشعب الفلسطيني في النقب، والدفاع عن أراضيه، مما جعل منها جزءاً لا يتجزأ من نسيج الهوية الفلسطينية.