السيف أصدق إِنْبَاءً من الكتب
السيف أصدق إِنْبَاءً من الكتب (1)
حدث_في_العصر_العباسي_الأول
—————————————————
فتنة بابك الخرمي
——————————————————————-
السَّيْف ُ أَصْدَق ُ إِنْبَاءً مِنَ الكُتُبِ
في حدهِ الحدُّ بينَ الجدِّ واللَّعبِ
بيضُ الصَّفائحِ لاَ سودُ الصَّحائفِ في
مُتُونِهنَّ جلاءُ الشَّك والريَبِ
والعِلْمُ في شُهُبِ الأَرْمَاحِ لاَمِعَة ً
بَيْنَ الخَمِيسَيْنِ لافي السَّبْعَة ِ الشُّهُبِ
أَيْنَ الروايَة ُ بَلْ أَيْنَ النُّجُومُ وَمَا
صَاغُوه مِنْ زُخْرُفٍ فيها ومنْ كَذِبِ
—————————
لا شك كل منا يذكر جيدا هذه القصيدة لأبي تمام منذ درسها في مرحلة من مراحل التعليم ..
العجيب أننا عندما درسنا قصيدة أبى تمام هذه فى المرحلة الثانوية أعطونا عدة أفكار تبعدنا تماما عن حقيقة التاريخ !
و لست أدرى لماذا ؟ ولا ما هى المصلحة التى ستعود علينا أو على أمتنا ؟
ولا كيف بقيت عقودا هكذا لم يحاول أحد أن يعترض أو يغار على أجيالنا من التجهيل ؟
——-
الفكرة الأولى
أن التنجيم والمنجمين كانوا يهيمنون على فكر الأمة لدرجة أن قرار الحرب كان يتخذ بناء على تنبؤاتهم وهذا غير صحيح !
ولكن عندما تعرض على التلاميذ عددا كبيرا من أبيات القصيدة يتحدث عن المنجمين ستغرس فى عقولهم ذلك الوهم !!!
في حين أن الحقيقة أنه لا يمثل غير مقدمة صغيرة للقصيدة التى تتعدي 70 بيتا !!
الفكرة الثانية
أوهمونا أن الحرب كانت من أجل صرخة إمرأة قالت :
وامعتصماه !
فغرسوا فى عقولنا سفاهة الدولة العباسية وشعرنا بالتعاطف مع أهل عمورية المساكين !!
لم يتحدثوا عن اعتداءات البيزنطيين النصاري و نشرهم الرعب فى بلاد المسلمين بأفعالهم الإجرامية القذرة من سلب ونهب وقتل جماعى حتي للأطفال والنساء وإحراق المدن وإغتصاب النساء ..
لم يحدثونا أن االنصاري البيزنطيين تحركوا لنصرة أتباع فتنة بابك الخرمى الملاحدة داخل بلادنا وحرضوهم وأعانوهم لنشر الكفر والرعب والدمار في قلب بلادنا !!
الفكرة الثالثة
ترسخ فى أذهاننا وقتها أن تلك الغزوة كانت بمثابة نزهة واستعراض للعضلات من الخليفة العباسي على بلد مسكين ضعيف !
لم يذكروا لنا كفاح العباسيين 20 سنة وآلاف الشهداء من أجل القضاء على فتنة بابك الخرمي و التى تسببت في مقتل 250 ألف مسلم فضلا عن خراب عشرات المدن و القري !
لم يذكروا لنا كيف جمع المعتصم كل تلك الجيوش !!
ولا كم أنفق عليها ؟! ولم يذكروا أنه قسم تركته قبل أن يغادر بغداد لنيته على الشهادة لأنه كان يعرف جيدا قوة البيزنطيين !!
لم يذكرو ولم يذكروا … فلماذا ؟!
أعتقد لو كان البيزنطيون أنفسهم هم من يضعون مناهج التعليم لطرحوا علينا بعض هذه الحقائق !!
——————————————————————
و الإجابة سهلة و بسيطة جدا :
التنفير ثم التنفير ! من فكرة الخلافة ليس العباسية فقط !! ولكن كلها بكافة أشكالها ! ذلك حتي لا يطمح العرب أو المسلمون إلي الوحدة تحت راية واحدة !
وفي الواقع لم يرحمونا أيضا عندما تفرقنا وحابيناهم و توددنا إليهم فامتصوا دماءنا وأذلونا وليس هذا كل ما في الأمر بل إن مرحلة الإذلال هذه ماهي إلا مقدمة لإفناء هذه النحلة ليس المحمدية فحسب ولا العربية ولكن الهدف إفراغ هذه الديار تماما من قاطنيها فيما نظن كما كان في الأندلس و كما يجري اليوم في فلسطين.
لأجل هذا تعلمنا أن الرشيد لم يكن له هم إلا الجوارى و النساء !!
لأجل هذا تعلمنا أن معاوية قضي على الخلافة الراشدة و حولها إلى ملكية بالوراثة !!
و كرهنا عبد الملك بن مروان و سليمان و الوليد لأجل الحجاج !!
و كرهنا جباة الضرائب العثمانيين و أغاواتهم و بشواتهم و كتاتيبهم التي سببت لنا التخلف !
—————-
و الأمر ببساطة أيضا ليبقي كل حاكم في كرسييه !! في هذا المسرح الذي يسمي و طنا عربيا !!
فنحن ياعزيزي مجرد دمي في يد الغرب !! فلننفذ ما يريده الغرب الصليبي منا ..
و إن كان هو الآخر مجرد لعبة في يد المنظمة الماسونية !!!
فمرحبا بكم جميعا في هذا السيرك الأرض كروى المفتوح على مدار الساعة !!
——————————————————————-
و إذا كنتم تعجبون من مواقف بعض المنتسبين لملتنا أو حتى أوطاننا وتسألون لماذا بلادنا ضعفت وتأخرت ؟
فالإجابة ليست إلا : إقرأوا التاريخ لتعلموا حجم الفتن و الحروب التى واجهت أمتنا منذ فجر الإسلام وإلى اليوم !
و فتنة بابك الخرمى لا تعدو أن تكون قطرة من ذلك المستنقع الوثنى النصرانى اليهودى الذى أفسد أمتنا وأضعفها فآلت لما نحن فيه !! فاقرأوا تاريخكم !!
وعذرا إن كان كلامنا صادما هذه المرة و نعذر من سيتهمنا بأي شكل من أشكال التهم لكن عذرا بني أوطاني لا بد أن نواجه الحقائق .
——————————————————————-
بابك الخرمي :
حركة بابك الخرّمي أو “الخرمية” هي إحدى الحركات التي قامت ضد الدولة العباسية، وتحديداً في زمن المأمون، واستمرت مدة 20 عاماً، وظهرت من إيران، وكان لها دور سلبي في إضعاف الدولة، وفتح الباب لتدخل الروم بسبب التعاون الذي قام بين بابك الخرمي والإمبراطور الروماني للقضاء على الدولة العباسية.
وبابك هو ابن بائع دهن من أهل المدائن ،سكن أذربيجان ،وعشق أم بابك ، وفضح معها ثم تزوجها،ثم قتل وبابك ما يزال صغيرا، ونشأ الابن في هذه الأجواء ،وعمل راعياً لمساعدة أمه، وقد أثرت هذه النشأة على نفسية بابك وجعلته يحقد على مجتمعه.
وبعد ذلك عمل خادماً عند أحد زعماء الخرمية “جاويذان بن سهل أو سهرك” فأخذ عنه بعض الأفكار التي تقوم على الاعتقاد بالتناسخ، والاعتقاد بوجود إلهين أحدهما للنور والآخر للظلمة ، والقول بإباحة النساء، وغيرها من عقائد وأفكار الخرمية .
————————
ويقول الإمام عبد القاهر البغدادي في بيان ما يؤمن به البابكية: “والبابكية ينسبون أصل دينهم إلى أمير كان لهم في الجاهلية اسمه شروين، ويزعمون أن أباه كان من الزنج، ,وأمه من بعض بنات ملوك الفرس،…
ويزعمون أن شروين كان أفضل من محمد، ومن سائر الأنبياء، وقد بنوا في جبلهم مساجد للمسلمين، يؤذن فيها المسلمون، وهم يعلِّمون أولادهم القرآن، لكنهم لا يصلون في السر، ولا يصومون في شهر رمضان، ولا يرون جهاد الكفرة”.
ويضيف: “وللبابكية في جبلهم ليلة عيد لهم، ويجتمعون فيها على الخمر والزمر، وتختلط فيها رجالهم ونساؤهم، فإذا أطفئت سُرُجهم ونيرانهم افتضى فيها الرجال والنساء..”
وحول تلك الليلة يقول الإمام الغزالي: “.. ويطفئون سرجهم وشموعهم، ثم يتناهبون النساء، فيثب كل رجل إلى امرأة فيظفر بها، ويزعمون أن من استولى على امرأة استحلها بالاصطياد، فإن الصيد من أطيب المباحات..”.
وكانت زوجة جاويذان تعشق بابك ،فلما توفي زوجها موهت على أتباعه بأن روحه استقرت في بابك ، وأن زوجها ترك وصية يقول فيها عنه:” سيبلغ بنفسه وبكم أمرا لم يبلغه أحد ،ولا يبلغه بعده أحد ،وإنه يملك الأرض ويرد المزدكية ويعز ذليلكم ويرفع وضيعكم”.
فصدقوها،ورضوا به زعيما .وبعد أن وجد بابك شيئاً من القوة والأتباع، بدأ بثورته سنة 201هـ في جبل البدين في أذربيجان، …
وقد ظهر في مدينة بفارس اسمها “خرّمة” بالقرب من أردبيل. مستغلاً المشكلات التي سبقت عهد المأمون، وعاصرت أعوامه الأولى، وعلى رأسها صراع المأمون وأخيه الأمين على الخلافة.
أخذ بابك يستولي على بعض القلاع ويحرز بعض النصر، والمأمون يرسل الجيوش لقتاله، ففي سنة 204هـ حدث قتال بين يحيى بن معاذ والي الجزيرة وبين بابك، ولم يظفر أحدهما بالآخر،…
ومات يحيى في العام التالي، واستمر قتال بابك من قبل والي أذربيجان وأرمينيا عيسى بن محمد بن أبي خالد الذي بعث حملة إلى بابك استمر تجهزها سنة كاملة لكنه هزم.
وولى المأمون على أذربيجان وأرمينيا زريق بن علي فندب أحمد بن الجنيد لقتال الخرمي، وذلك سنة 209هـ، فتمكن من أسر ابن الجنيد.
ثم ولى المأمون إبراهيم بن الفضل التجيبي على أذربيجانن فكان القتال مع بابك ضعيفاً،
وفي سنة 212هـ، أرسل المأمون محمد بن حميد الطوسي، فتمكن بابك من قتله سنة 214، وكان لقتله أكبر الأثر في نفس المأمون، بل ونفوس المسلمين جميعاً، وقد رثاه أبو تمام في قصيدة مطلعها:
كذا فليجلّ الخطب وليفدح الأمر
فليس لعينٍ لم يفض ماؤها عذر
توفيت الآمال بعد محمـدٍ
وأصبح في شغل عن السفر السفر
فتى مات مابين الطعن والضرب ميتة
تقوم مقام النصر إن فاته النصر
وظل أمر بابك يقوى إلى أن أرسل له المأمون إسحاق بن إبراهيم سنة 218هـ، وهو العام الذي توفي فيه المأمون، فأحرز إسحاق نصراً إلاّ أن أمر الخرمية بقي قويّاً،
فجاء المعتصم ليتابع ما بدأه المأمون ، وقد كان اعتنق عدد من سكان الجبال مذهب الخرمية في تلك السنة، وأصبحت همذان وأصبهان تابعتين لبابك.
فماذا كان ؟!
——————————————————————
* حدث فى العصر العباسي الأول – موضوع تاريخي مطول.
مع بابك والأفشين وأشناس المعتصم وثيوفيلوس وعمورية
تابعونا #المعتصم_بالله_العباسي (1)