مملكة تدمر أو Palmyra
مملكة تدمر أو Palmyra من أهم الممالك القديمة في سوريا وكانت العاصمة هي مدينة تدمر السورية ، وتبعد تدمر عن دمشق بحوالي 215 كيلو متر في اتجاه الشمال وكان أهم عصور تلك المملكة في عهد الملكة زنوبيا
زنوبيا أو الزباء هي ملكة بلميرا أو تدمر، واسمها في عشيرتها: (Septimia Bathzabba) «اسمها بالآرامية باث زباي وبالعربية الزباء وأيضًا زينب» هذه المرأة المشهورة بجمالها وإقدامها وذكائها كانت جديرة بأن تكون قرينة أذينة (Odainath) الذي كان يحمل لقب رئيس المشرق،
. (Dux Orientis)
وهي قد اشتركت معه بالفعل في سياسة ملكه أثناء حياته، ولم تخلفه في منصبه فقط بعد وفاته سنة 267م بل إنها عقدت العزم على بسط سلطانها على الدولة الرومانية
الشرقية، وكان ابنها هبة الله بن أذينه لا يزال حينذاك طفلا، فتسلمت مقاليد الحكم في يدها، وقد غزت مصر سنة 270 م، وفتحتها بقيادة زبدة “Ziabda” بدعوى إعادتها لحكم الإمبراطورية الرومانية، وحكم ابنها (هبة الله) مصر في عهد (دقلوديوس) على أنه شريك في حكمها وله لقب الملك، وجعلت (الزباء أو زنوبيا) لنفسها لقب الملكة،
وقد بسطت نفوذها في آسيا الصغرى(الأناضول) إلى مقربة من بيزنطة (القسطنطينية فيما بعد) وظلت تدعي أنها تصنع ذلك في سبيل (روما).
وقد سك اسم (هبة الله) على العملة التي ضربت في الإسكندرية سنة 270م مع اسم (أورليان) الإمبراطور الروماني، ولو أن أورليان قد تفرد بلقب (العظيم، أو أوغسطس) وقد وجدت في بابل نقوش عليها اسم (الزباء) و (أورليان) أو سلفه (دقلوديوس) مع ألقاب أغسطس ، أوغوستا
ولما آلت الإمبراطورية الرومانية إلى (أورليان) في سنة 270م، أدرك ما في سياسة ( زنوبيا) من الخطر على وحدة الإمبراطورية ؛ إذ إن مظاهر المداراة كانت قد اطرحت من قبل وانكشفت نيات (زنوبيا)، فإن ابنها ضرب العملة باسمه فقط، وخرج على روما، فأرسل أورليان حملة إلى مصر على رأسها القائد (پروبس Probus) في سنة 270م، واستولى عليها.
وأعد الإمبراطور في سنة 271م حملة أخرى على آسيا الصغرى والشام، فدخلت آسيا.الصغرى في أواخر تلك السنة، ودحرت حامياتها التدمرية، ووصلت إلى (أنطاكية) حيث
وقفت أمامها زنوبيا بجيشها فانهزمت بعد أن لحقتها خسائر فادحة، وتقهقرت إلى ناحية حمص التي يبدأ عندها الطريق إلى مقر ملكها مدينة تدمر ، وقد أبت أن تستسلم إلى أورليان وجمعت جيشها في حمص لتخوض المعركة التي تحدد لها مصيرها، ولكنها انهزمت في النهاية ولم يبق أمامها إلا الفرار في الصحراء نحو (تدمر)، فتابعها أورليان بالرغم من وعورة الطريق وحاصر مدينتها المنيعة،..
وفي هذه الساعة العصيبة خذلتها شجاعتها ففرت هي وابنها من المدينة لاجئة إلى ملك الفرس مستنجدة به، إلا أنه قبض عليها على.شاطئ الفرات ولما فقد التدمريون أملهم بهذه النكبة ألقوا سلاحهم، فأخذ أورليان كل.ما في البلد من الغنائم وأبقى على أهلها، وأمن زنوبيا على حياتها، إلا أنه قتل كل قوادها ومستشاريها ومن بينهم العالم المعروف (لونجينوس Longinus)،..
وقد دخلت زنوبيا مدينة (روما) في موكب الإمبراطور الظافر، وارتضت خذلانها في عزة نفس وشمم، وقضت أيامها الأخيرة في (تيبور Tibur) حيث عاشت هي وابنها عيشة سيدة رومانية، ولم تمض.أشهر قلائل حتى ثارت (تدمر) ثانية فعاد إليها (أورليان) على غير انتظار ودمرها ولم يبق على أهلها هذه المرة ..
ومما يروى عن زنوبيا مناقشاتها مع كبير الأساقفة (Paul of samosata )في المسائل الدينية، ويرجح أنها كانت تحسن معاملة اليهود في تدمر، فقد أشار إلى ذلك التلمود ..
ومدينة تدمر مقر ملك زنوبيا تقع على مسافة 150 ميلا إلى الشمال الشرقي من دمشق، وكانت الحروب الفارسية “Parthiani” سببا في ظهورها بين ممتلكات روما واعتلائها ذلك المركز الممتاز فيها.
كانت الأسرة الساسانية في ذلك الوقت في ذروة بأسها وعظمتها واتجهت مطامعها إلى الممتلكات الرومانية، فلم يكن للتدمريين بد من أن يختاروا بين الفرس و رومة ، فانحازوا إلى الإمبراطورية الرومانية التي كانت قد حبت أشراف(تدمر) ألقابها وعينت بعضا منهم في مجلس الشيوخ وجعلت واحدا منهم قنصلا وهو زوج (زنوبيا) المسمى أذينة “Odainath”، وكان ذلك في عهد الإمبراطور فاليريان سنة 258م.
وانتهى الصراع بين (رومة) وبلاد الفرس باندحار الرومانيين سنة 290م، واكتساح الفارسيين آسيا الصغرى وشمال سوريا، وأسر إمبراطورهم (فاليريان Valerian ) الذي مات في أسره، فرأى (أذنية) زوج زنوبيا بثاقب بصره أن يتودد بعد ذلك إلى (شابور) ملك الفرس، وأخذ يرسل إليه الهدايا والكتب الكثيرة فكان يرفضها بازدراء، وكان ذلك سببا في أن يلقي (أذينة) بنفسه في أحضان (رومة) مدافعا عن قضيتها، وقد كافأه (جالينوس Gallienus) بتعيينه في منصب رئيس المشرق
.(Dux Orientis)
كوكيل للإمبراطورية في الشرق في سنة 262م. ومن ذلك الوقت أخذ يعمل على استرداد ما خسرته (رومة) بعد أن ضم إليه فلول الجيش الروماني، فحارب (شابور ملك الفرس) وتغلب عليه وأعاد المملكة الشرقية إلى رومة . وفي أوج انتصاراته قتل هو وابنه الأكبر (هيرودس Herodes) في حمص سنة 267م، فآل ملك تدمر إلى زنوبيا التي كانت تناصر زوجها في سياسته، وحكمت باسم ابنها الصغير (هبة الله)، وكان لها جيش يبلغ السبعين ألفا عزمت على فتح مصر به، فتم لها ذلك في سنة 270-271م كما قدمنا فانتهت مطامحها بأسرها على ما بينا في سنة 273م.
أما لغة تدمر قهي اللغة الآرامية،وكان أهلها يعبدون الشمس، ومعبد الشمس لا يزال إلى الآن أكبر الآثار التدمرية. (*1)
—————————————————-‐—————
تاريخ تدمر
بالرغم من أن تدمر ذكرت في نصوص مسمارية متعددة يرجع اقدمها إلى عصر سرجون الأول الآشوري فانه يظهر أنها بقيت قرية بسيطة حتى منتصف القرن الأول ق.م وقد كان نموها المفاجيء الذي جعلها من أكبر مدن الشرق مصادف لزمن ازداد فيه الطلب في رومة وممتلكاتها على بضائع الشرق النفيسة ما يعني أن ذلك النمو حصل بفضل السياسة الرشيدة.لتجارها و أصحاب قوافلها إذ عرفوا كيف يحافظون على النظام في البادية بين مدينتهم وبين مصانع بلاد الرافدين الجنوبية ومستودعات بضاعها ومنذ ذاك الوقت أصبحت القوافل قادرة على عبور بادية الشام بدلا من المرور قرب اطرافها وهكذا عادت حركة نقل البضائع.على التدمريين بأرباح هائلة .(*2)
(ولقد كانت أشهر سلع العالم القديمة الفاخرة هي الحريريات والمجوهرات واللآلئ والعطور والبخور وما شابه ذلك، كلها تأتي من الهند والصين وبلاد العرب الجنوبية، وكانت المتاجر تسير في طريقين أحدهما عبر البحر الأحمر ومصر والإسكندرية، والآخر من الخليج الفارسي عبر الصحراء الشامية، وهذا الطريق الثاني كان في مبدأ الأمر في أيدي الأنباط سكان بطرة، ولكن عندما سقطت بطرة سنة 105م انتقل ما كان بأيديهم إلى التجار من أهل تدمر، فكانت قوافلهم التجارية تعبر الصحراء الشامية إلى بعض المراكز التجارية على ضفات نهر الفرات، ولقد كانت هذه التجارة ذات نفع عظيم لا للتجار فحسب بل للمدينة نفسها التي كانت تفرض الضرائب على كل ما يمر بها من صادرات أو واردات.) (*3)
ولذا فان البادية المجدبة الواسعة التي قد تبدو بنظرنا نحن
الأوربيين كحاجز ، لم تكن بالواقع كذلك وإنما بالعكس كانت صلة الوصل مع بلاد مابين النهرين ، كما كان البحر يصل البندقية بواسطة سفنها التجارية بموانيء الشرق الأدنى .
وبالحقيقة فان مقارنة تدمر بمدن العصور الوسطى المشهورة ومدن عصر النهضة (مثل البندقية وانفرس و بروج ولشبونة وغيرها ) تساعدنا في نواح متعددة في فهم ازدهارها العظيم المفاجيء وانحطاطها المفاجيء ايضا .
ومنذ اليوم الذي وضع فيه الإمبراطور أورليانوس حدا لسيطرة تدمر على البادية وطرقها ، فان طرق التجارة وجب أن تتحول بحيث عادت القوافل ثانية الى اتباع.طريق الفرات حول الصحراء وبدأت حلب وخالكيس (قنسرين) بالازدهار .
ويظهر أن تدمر كانت تتجه ، بعد أن أصبحت مدينة ، نحو الأمبراطورية *الفرثية التي كانت تسيطر آنذاك على بلاد ما بين النهرين أكثر من اتجاهها نحو سورية الغربية، ومعلوماتنا في هذا الشأن وان كانت قليلة إلا انها تبدو واضحة جدا .
——
( * هي امبراطورية فارسية دامت حوالي 470 سنة “من 247 ق.م – 226 بعد الميلاد” حكمت فارس والعراق بعد السلوقيين و قبل ظهور الساسانيين مباشرة أسقطها أردشير الأول مؤسس الإمبراطورية الساسانية) ..(*2)
——-
فالمؤرخ أبیانوس ( Appian ) يوضح لنا بأن الفرثيين بعد أن كسروا جيوش کراسوس بذلوا نشاطا دبلوماسيا واسعا في
سورية التي كانت لا تزال تضطرب بسبب الفوضى التي تلت انحلال الدولة السلوقية( دولة إغريقية حكمت فارس والعراق و الشام وتركيا بعد موت الإسكندر) .
——–
(* هزم الفرثيون “ماركوس ليكينيوس كراسوس” في معركة كارهاي في 53 ق.م، واستولت القوات الفرثية على بلاد الشام بأكملها باستثناء صور من الرومان في 40-39 ق.م )
——–
وكان قد استولى أمراء وحكام مختلفون على كثير من المدن وكان يشجعهم الفرثيون الذين قبلوهم أخيرا لاجئين عندما طردهم الرومان ، وقد يجوز أن أنطونيو (*مارك أنتوني)أراد أن يقاوم مثل هذه الدسائس عندما حاول الإغارة على تدمر ونهبها مع جماعة من الفرسان؛ تحت قيادة ملازمه فنتيديوسفي عام 41 ق م .
مع العلم أن أمله في الربح ربما كان السبب الأول في هذه المحاولة .
على أن التدمريين الذين غالبا لم تثقلهم بعد كثرة الكماليات الزائدة تمكنوا من الهرب بكنوزهم وطلبوا الأمان على
الضفة اليسرى للفرات التي كانت تخضع لحكم الفرثيين ،
ويضيف أبیانوس الى ذلك عبارة لها أهميتها وهي أن هذه الغارة كانت من الأسباب التي دعت الإمبراطورية الفرثية إلى إعلان الحرب فيما بعد على الرومان .
ويتضح أن تدمر كانت غالبا مهتمة بالفرثيين بصورة وثيقة ؛ وأن هؤلاء كانوا يهتمون بتجارتهم غاية الاهتمام ، وبالفعل فان الاضطراب الذي كان يسود سورية حينذاك وخاصة أثناء حروب رومة الأهلية لا بد أنه جعل التدمريين يميلون إلى
الإمبراطورية الفرثية القوية ، خاصة في عهد ملك قوي مثل أوروديس (*أردوان الأول) ، ويعتمدون عليها كحليفة أكثر من ميلهم إلى جيرانهم الرومان في الغرب .
ولكن حتى قبل أن تظهر هذه الأحوال السياسية فإنه يتضح أن سكان تدمر كانوا معتادین أن يوجهوا أنظارهم نحو المدن التجارية الكبرى في جنوبي بلاد الرافدين .
ومن المسلم به أن أسماء التدمريين المشتقة كلها تقريبا من جذور آرامية وعربية لا تظهر اتصالا ببلاد بابل وأن عباداتهم الوطنية تبدو مستقلة تماما ، ولكن من جهة أخرى فإن المجموعة الكبرى الوحيدة للآلهة الأجنبية في تدمر هي مجموعة آلهة بابلية ، حتى أن إله تدمر الرئيسي الذي كان غالبا إسمه الوطني بعل ( بضم الباء ويكتب بالافرنجية Bôl ) كان شبيها بإله بابل الشهير بعل (ويكتب بالافرنجة Bel) وكان يعبد بإسمه .
وهذا يبرهن بالتأكيد أن سكان تدمر كانوا يعيشون على اتصال وثيق ببلاد بابل ويعتمدون عليها ثقافيا حتى في العصر الذي سبق ظهور تدمر كمدينة عظيمة . (*2)
(أما ديانة أهل تدمر فلا تختلف كثيرًا في أصولها عن ديانة أهل شمال سوريا والقبائل العربية الضاربة في الصحراء الشرقية، وكان أشهر آلهتهم إله الشمس ويُسمى عندهم سمس أو شمش ومعناها شمس، وبقايا معبد الشمس الكبير لا تزال قائمة في أنقاض تدمر الآن، وكانوا يعبدون القمر أيضًا، ويسمونه عجلى بل، وكانت أشهر الإلهات الأنثيات الإلهة اللات المشهورة عند العرب القدامى، ومن بين الآلهة بعل شمين «أو سيد السموات» ومن بين الآلهة إله يحمل هذا الاسم العربي الواضح، وهو «شيعا القوم»، وكانوا يصفونه بأنه إله الخير الطيب الذي لا يشرب الخمر، ومعنى شيعا القوم أي حامي أو مرافق القوم، وهو الذي يُرعي القوافل في سيرها، هذا وقد كشفت النقوش عن أسماء نحو اثنين وعشرين إله في تدمر) (*3)
على أنه لم تمض مدة طويلة إلا وبدأ الرومان بالإهتمام بتدمر لأسباب سياسية واقتصادية؛ والآثار الأولى لوجودهم ترجع إلى بدء حكم طيبريوس وهي تدعو للظن على الأغلب بأن
المدينة ضمت الى ولاية سورية (*2)
( واغتنم أهل تدمر فرصة هزيمة الرومان، ونجاح شابور الأول ملك فارس، في التوغل في سوريا، والقبض على الإمبراطور فالريان الروماني، فظهر زعيم أذينة «واسمه عند الرومان أوديناتوس» فحارب شابور وتعقبه إلى أسوار عاصمته طيسفون «المدائن» سنة ٢٦٥م،..
وبعد موت فالريان منح الإمبراطور جالينوس أذينة لقب الإمبراطور واعترف به سيدًا على كل الكتائب الرومانية في الشرق، ولكن حدث — بعد ذلك بعام واحد «سنة ٢٦٧» — أن قتل أذينة غدرًا هو وابنه الأكبر في مدينة حمص، فانتقلت بعد ذلك مصائر تدمر إلى أيدي زوجته زينوبيا التي كانت تشارك زوجها في نشاطه وتؤيده في سياسته التي ترمي إلى اغتنام الفرصة وتكوين إمبراطورية عربية، لقد أثبتت زينوبيا أنها خير خلف لزوجها، وتولت الحكم بالنيابة عن ابنها الصغير وهب اللات «أي عطية اللات واسمه باليونانية أثينودورس»، ثم نادت بنفسها ملكة على الشرق، مستخفة — إلى حين — بالإمبراطورية الرومانية)..(*3)
——————-
الأزياء التدمرية
من المستغرب أن لا يكون أحد من التدمريين قد سمح بأن يصور في لباسه الوطني ؛ وقد يجوز أن ذلك ناتج عن أن الصور التي وصلتنا هي صور الأغنياء الذين اتبعوا الأزياء
الأجنبية، والأمثلة الوحيدة التي لدينا عن اللباس الوطني مصدرها صور الآفة التي احتفظت بها بصورة تقليدية خاصة في العبادات التي ليس لها صفة رسمية عظيمة إذ كان يرغب راكب الابل مثلا أن يتصور إلهه بلباس مألوف لديه على الأغلب .
وهذا اللباس هو رداء بسيط عادة له أكمام ، وحلة تغطي الأطراف السفلى وتلف في اعلاها لترتكز على الخصر .
في حين أن طبقة التجار التدمرية كانت تلبس ، بدون إستثناء اللباس الإغريقي أو الايراني . وهذا الأخير بسراويله وردائه الذي يناسب الجسم تماما يتصف به اللباس التدمري بصورة خاصة وهو في معظم الأحيان مزخرف بنماذج زخرفية غنية قد تبدو لأول وهلة كأنها مطرزة إلا أنها بالحقيقة محاكة (مخيطة) في اللباس كما أظهرت البقايا المختلفة التي وجدت في قبور تدمر .
و مما يستلفت النظر انه بالرغم من ان اللباس شرقي قان جميع هذه العناصر الزخرفية تقريبا اغريقية كازهار الا كانتوس ( طابة الشوك ) ، والأطراف المزخرفة المتموجة والزنابق وغير ذلك وعنصر واحد ليس بإغريقي وهو عقد اللالية المستديرة على ألبسة التدمرين ويظهر أيضا على الآثار التي وجدت في ماثورا في الهند وهذا يؤكدالعلاقة بين منسوجات المدينتين .
ونعلم أن الخليج الفارسي كان ولا يزال مركز مصايد هامة للؤلؤ ؛ وأن الفرس كانوا مشهورين في العالم الإغريقي بألبستهم المترفة المزدانة باللالىء الأصلية , والأغلب إذن أن النماذج التي حيكت في المنسوجات التدمرية والفرثية والهندية تقلد تلك الألبسة الفائقة في الترف كذلك ذكر أن الفرس كانوا يلبسون الألبسة المزدانة بالحجارة الكريمة .(*2)
(كانت الحضارة التدمرية مزيجًا لطيفًا من عناصر مختلفة، بين يونانية وسورية وإيرانية، ولا جدال في أن أهل تدمر كانوا من الأرومة العربية؛ يدل على ذلك أسماء أعلامهم العربية، وكثرة ترداد الكلمات العربية في نقوشهم الآرامية، وكانت اللغة التي يتكلمونها لهجة من اللهجات الآرامية الغربية، وهي تنتمي إلى الأصل الذي استمدت منه النبطية أو الآرامية المصرية، وهي تضم كثيرًا من المصطلحات الحكومية اليونانية التي صبغها أهل تدمر بصبغتهم، كما أن فيها بضع كلمات لاتينية صبغت بالصبغة الآرامية أيضًا، وأما الخط الذي كانوا يكتبون به فهو تطور للخط الآرامي القديم، وأسماء الشهور عندهم هي نفس الأسماء البابلية التي كان يستعملها الأنباط والسوريون واليهود المتأخرون، وكانوا يحسبون تواريخهم من العصر السلوقي، الذي يبدأ بأكتوبر سنة ٣١٢ق.م.) ..(*3)
—————————————————-‐—————
(*1) محمد سعيد إبراهيم سكرتير رابطة الأدب الجديد/ مقدمة أوبرا زنوبيا تأليف أحمد زكي أبو شادي
(*2) تدمر و الشرق هنري سيريغ ص٥٨-٦٢ تعريب جورج حداد
(*3)كتاب عصر ما قبل الإسلام / محمد مبروك نافع / الفصل السادس تاريخ تدمر ص103-107