جبل البحيص: نافذة على تاريخ الشارقة الجيولوجي والإنساني

تعتبر إمارة الشارقة واحدة من أبرز الوجهات التي تحتضن مواقع أثرية وجيولوجية غنية تروي قصصًا عن تاريخ الأرض والإنسان على مر العصور. ومن بين هذه المواقع الفريدة، يبرز جبل البحيص كأحد أبرز المعالم التي تجمع بين الجمال الطبيعي والأهمية التاريخية. ليظل شاهدًا على تطور الحياة في هذه المنطقة من شبه الجزيرة العربية.
موقع جبل البحيص
يعد الجبل من الأماكن التي تجمع بين الطبيعة الخلابة والأهمية الجيولوجية الفائقة. ويقع الجبل في منطقة مليحة، التي تحدت الزمن في الشارقة، بين مدينتي مليحة والمدام. كما يتميز جبل البحيص بتشكيلات صخرية من الحجر الجيري. حيث يرتفع الجبل حوالي 300 متر عن سطح البحر، مما يجعله واحدًا من أعلى النقاط في المنطقة.
ويلاحظ الناظر إلى هذا الجبل تنوعًا طبيعيًا ملحوظًا، من الصخور المتشكلة بفعل الزمن إلى النباتات التي تنمو في تضاريسه الصعبة، مما يخلق بيئة طبيعية نادرة. كما أن المنطقة تعد ملاذًا للعديد من الكائنات الحية، مما يجعلها بيئة غنية من الناحية البيئية. وتستحق الدراسة من قبل الجيولوجيين والباحثين في شتى المجالات الطبيعية.
الأهمية الجيولوجية
يعد الجبل من المواقع الجيولوجية الرائعة التي تقدم معلومات حيوية عن تاريخ الأرض في منطقة الخليج العربي. والصخور التي يتكون منها الجبل هي من الحجر الجيري، وهي ناتجة عن عمليات جيولوجية تمت على مر ملايين السنين. مما يجعله نموذجًا مثاليًا لدراسة التغيرات الطبيعية التي طرأت على المنطقة.
وتشير الدراسات الجيولوجية إلى أن جبل البحيص شهد تغيرات هائلة في بنيته خلال العصور الجيولوجية القديمة. وقد أظهرت التنقيبات في الجبل طبقات صخرية متنوعة تعكس الفترات الزمنية التي مرَّت بها المنطقة. مما يعطي الباحثين فرصة فريدة لفهم تاريخ تكوّن الأرض.
وتعد هذه المكونات الصخرية والطبقات الجيولوجية مرجعًا علميًا مهمًا لتفسير تطور المناظر الطبيعية في منطقة الخليج. وهو ما يعزز من أهمية الموقع في دراسات الجيولوجيا.
الاكتشافات الأثرية في المنطقة
إلى جانب قيمته الجيولوجية، يحتوي الجبل على العديد من المواقع الأثرية التي تروي قصصًا عن الحياة في فترات ما قبل التاريخ. كما يعود تاريخ العديد من الاكتشافات الأثرية في المنطقة إلى العصور الحجرية والعصر البرونزي. مما يشير إلى أن هذه المنطقة كانت مأهولة بالسكان منذ آلاف السنين.
وخلال عمليات التنقيب في الجبل، اكتشف علماء الآثار العديد من المقابر القديمة التي تحتوي على رفات بشرية. بالإضافة إلى أدوات حجرية وفخارية تعود إلى تلك الفترات. وقد كشفت الدراسات عن وجود مئات من المدافن التي تمثل الفترة البرونزية، حيث توضح هذه المدافن طريقة دفن الأفراد في تلك العصور. إضافة إلى اكتشافات أخرى تشمل أشياء شخصية قديمة تعكس تفاصيل الحياة اليومية للسكان الأوائل في المنطقة.
وتعتبر هذه الاكتشافات بمثابة نافذة مهمة لفهم تطور المجتمع البشري في منطقة الخليج العربي. وتشير إلى أن جبل البحيص كان يمثل نقطة اتصال بين قبائل عديدة في تلك الحقبة. كما جعلت هذه الاكتشافات من الموقع نقطة جذب للباحثين من مختلف أنحاء العالم. حيث يعكفون على دراسة هذه الآثار واستخلاص المعلومات القيمة التي تساهم في إثراء المعرفة البشرية.
وفي هذا السياق، أشار الدكتور خالد السويدي، خبير الجيولوجيا في هيئة البيئة والمحميات الطبيعية بالشارقة، إلى أن جبل البحيص ليس مجرد تكوين صخري مميز، بل هو سجل حي للتاريخ الجيولوجي والإنساني للمنطقة. كما تهدف المشاريع المستقبلية إلى إبراز هذه القيمة وتعريف المجتمع والزوار بأهمية هذا الموقع الفريد في دراسات الجيولوجيا والحضارة القديمة.
وأضاف أن الحفاظ على الجبل كأثر طبيعي وأثري هو جزء من رؤية الشارقة للحفاظ على التراث الطبيعي والتاريخي، الذي يعكس مكانتها كمركز ثقافي عالمي.