قبائل و عائلات

عشيرة الدوم: تاريخ ممتد وتراث مهدد في قلب القدس

تنحدر عشيرة الدوم من أصول هندية، وقد هاجرت قبل نحو 3000 عام، لتتفرق في شرق وغرب العالم، وصولاً إلى أوروبا ومصر والعراق وإيران وبلاد الشام  اليوم، يتركز وجود العشيرة في فلسطين، حيث يقدر عددهم في مدينة القدس بنحو 3000 نسمة، بالإضافة إلى أعداد أكبر في الضفة الغربية وقطاع غزة، وبحسب أمّون سليم، لا توجد إحصاءات دقيقة لأعداد العشيرة منذ ثمانينيات القرن الماضي.

جهود النهوض بالعشيرة ودمجها في المجتمع

تسعى أمّون سليم للنهوض بأحوال عشيرتها ودمجها في المجتمع الفلسطيني، فأسست مركزًا خيريًا يحمل اسم “الجزيرة”، يقدم خدمات تعليمية واجتماعية لأفراد العشيرة، ويهدف للحفاظ على هويتهم وموروثهم الثقافي.

لغة وتراث مهدد بالانقراض

يعتنق أفراد عشيرة الدوم في بلاد الشام وفلسطين الإسلام، ويحتفظ كبارهم بلغة خاصة بهم تعرف بـ”الدومري”، والتي تواجه خطر الانقراض نتيجة انحصارها في الجيل القديم، وكان الدوم قديمًا معروفين بمهنهم المتنوعة كباعة متجولين، وحرفيين في الحدادة وصناعة أدوات الحرب والطعام، كما كانوا مشهورين باهتمامهم بالقوة البدنية، ونساؤهم بالرقص والغناء التراثي وحياكة الأثواب التقليدية الملونة.

أثر الاحتلال على العشيرة

تسبب احتلال القدس عام 1967 بتهجير العديد من الدوميين خارج المدينة وفلسطين، إضافة إلى بناء الجدار العازل الذي قلّص من أعدادهم في المدينة، وعانى الدوم كباقي سكان القدس من القتل والأسر وهدم البيوت، إذ تقول أمّون سليم إن بيت شقيقها محمد كان من أوائل البيوت التي هُدمت بعد احتلال البلدة القديمة.

كما شاركت العشيرة في دعم المقاومة الفلسطينية منذ الاحتلال البريطاني، وقدمت العديد من الشهداء، آخرهم الشهيد مصطفى النمر ووالدته سهام النمر خلال هبّة القدس عام 2015.

حياة الدوم في القدس

خضرة سليم، شقيقة أمّون، ولدت في البلدة القديمة بالقدس داخل عائلة مكونة من ثمانية أفراد، فقدت والدتها في سن صغيرة، فتكفل والدها وجدتاها برعايتهم، وقضت خضرة طفولتها في أزقة برج اللقلق وحارة باب حطة، حيث يتركز وجود العشيرة في البلدة القديمة، إضافة إلى تركزهم في بلدة العيسوية ومخيم شعفاط، ضمن عائلات بارزة مثل النمر والبوعراني وسليم.

التحديات اليومية والممارسات العنصرية

رغم تاريخ العشيرة العريق، تواجه الدوم اليوم تمييزًا وممارسات عنصرية داخل المجتمع المقدسي، بما في ذلك المدارس والوظائف، وتقول أمّون سليم: “أشعر بالغربة أثناء مروري في الأزقة التي عشت فيها سنوات، وقد تعرضت أنا وفتيات من عشيرتي لعنصرية من طاقم التدريس في المدرسة”.

أدى هذا التمييز إلى ارتفاع نسب التسرب المدرسي بين أبناء العشيرة، ومعاناتهم من الفقر بسبب محدودية فرص العمل، خصوصًا داخل المؤسسات الحكومية الفلسطينية في القدس، حيث تعترف السلطة الوطنية بوجود العشيرة والتهميش الذي تتعرض له، لكنها لا تقدم أي دعم فعلي لهم.

دور مركز “الجزيرة” في دعم العشيرة

يقدم مركز الدومري التابع لأمّون سليم العديد من الخدمات المجانية لأفراد العشيرة، بما في ذلك الصفوف التعليمية للأطفال، ويعمل على صون تراثهم ولغتهم الخاصة، فضلاً عن تقديم الدعم الاجتماعي والنفسي للأسر المتضررة.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى