مكرم عبيد باشا.. الزعيم الذي هز عروش الفساد بـ”الكتاب الأسود”

أميرة جادو
حدث في مثل هذا اليوم، 25 أكتوبر من عام 1889م، ولد السياسي والقيادي الوفدي الأسبق مكرم عبيد باشا، أحد أبرز الشخصيات الوطنية في تاريخ مصر الحديث، كان سياسياً بارزاً ومحامياً ومفكراً مصرياً، تقلد عدة مناصب مهمة في الدولة، منها وزير المواصلات ووزير المالية في ثلاث وزارات مختلفة.
رفيق سعد زغلول ورمز من رموز الوطنية
يعتبر مكرم عبيد باشا من أبرز رموز الحركة الوطنية في مصر، حيث كان ضمن الوفد المصاحب للزعيم سعد زغلول باشا، ونفي مع أعضاء الوفد إلى جزيرة مالطة قبل أن يعودوا عقب ثورة 1919.
كما برز في الأربعينيات والخمسينيات كأحد المفكرين والسياسيين البارزين في مصر، وكان من أهم رموز حزب الوفد بعد تأسيسه عام 1918.
وعقب وفاة سعد زغلول، تولى مكرم عبيد منصب سكرتير حزب الوفد، كما ترشح لعضوية مجلس النواب حتى عام 1946، غير أن أكثر المواقف إثارة للجدل في مسيرته كانت انشقاقه عن الحزب، وإصداره لكتاب شهير حمل عنوان “الكتاب الأسود في العهد الأسود”.
الكتاب الأسود في العهد الأسود
والجدير بالإشارة ان مكرم عبيد كان قد ألف كتابه “الكتاب الأسود في العهد الأسود” على هيئة خطاب موجه إلى الملك فاروق، وكان حينها يشغل منصب وزير المالية.
كما تناول في الكتاب الفساد السياسي الذي تفشى في البلاد، وفضح ما وصفه بـ الاختلاسات والمحسوبية والرشوة التي انتشرت في وزارة النحاس باشا، واعتبر أن تلك الفترة تمثل ما أسماه “العصر الأسود” في تاريخ وزارة الوفد.
اعتقال مكرم عبيد
بدأت قصة الكتاب عندما انشق مكرم عبيد عن حزب الوفد عام 1943، في وقت كانت يد القصر والملك فاروق تسعيان إلى تفكيك الصفوف الوفدية.
كما جمع مكرم عبيد في كتابه ما سماه الوقائع السوداء، موثقاً فيها مظاهر الفساد وسوء الإدارة داخل الحزب.
وبالتعاون مع القصر، طبع الكتاب ورفع مكرم عبيد عريضة إلى الملك تضمنت شرحاً لأوضاع البلاد، وقدمها في استجواب أمام مجلس النواب يوم 23 مايو 1943، حيث كشف ما اعتبره فضائح ومصائب داخل الحزب.
إلا أن سرعان ما تقدم العضو حسن ياسين باقتراح لإسقاط عضوية مكرم عبيد من المجلس، وتم تنفيذ القرار بعد أسابيع قليلة.
وبعد ذلك أصدر الحاكم العسكري العام ورئيس الوزراء مصطفى النحاس باشا أمراً باعتقال مكرم عبيد، ليودع السجن بمقتضى قانون الطوارئ.
والجدير بالذكر أن “الكتاب الأسود” لم يمر مرور الكرام، فقد أدى إلى فصل مكرم عبيد من المجلس النيابي بعد ثلاثة أيام فقط من استجوابه، ثم اعتقاله على خلفيته، إلا أن هذا الكتاب كان بمثابة المعول الذي هز أركان الفساد السياسي، ومهد الطريق نحو التطهير الشامل وولادة عهد جديد في الحياة السياسية المصرية.



