عامان من الحرب المشتعلة.. إسرائيل تنزف بشريًا واقتصاديًا وغزة تواجه دمارًا شاملًا وجبهات المنطقة تشتعل

خلفت الحرب الإسرائيلية التي انطلقت شرارتها من قطاع غزة وامتدت إلى جبهات متعددة في المنطقة، خسائر بشرية واقتصادية فادحة على الجانبين، إذ تحولت من مواجهة محدودة إلى صراع إقليمي واسع شمل الضفة الغربية ولبنان وسوريا واليمن وإيران، وانتهى بقصف استهدف العاصمة القطرية الدوحة، في مشهد يعكس اتساع رقعة النار في الشرق الأوسط.
بدأت الحرب بعد هجوم واسع نفذته حركة حماس ضد إسرائيل، عقب فتح 110 ثغرات على الحدود بين قطاع غزة والأراضي الإسرائيلية، شارك فيه آلاف المقاتلين الذين انضم إليهم لاحقًا عدد كبير من المدنيين الفلسطينيين، ما أشعل فتيل المواجهة الأعنف منذ عقود.
خسائر بشرية إسرائيلية غير مسبوقة منذ قيام الدولة
وفقًا لتقديرات معهد دراسات الأمن القومي الإسرائيلي، بلغت حصيلة قتلى الإسرائيليين خلال عامين من الحرب نحو 1974 شخصًا، بينما تجاوز عدد المصابين ستة آلاف، من بينهم 1179 قُتلوا في الهجوم الأولي الذي نفذته حماس في السابع من أكتوبر عام 2023،ـ وتشير بيانات الجيش الإسرائيلي إلى أن 900 من القتلى هم من الجنود وأفراد الشرطة، بينهم 354 سقطوا في اليوم الأول للهجوم.
كما أصيب 6313 جنديًا وضابطًا على مختلف الجبهات خلال عامي الحرب، من بينهم 914 إصاباتهم خطيرة جدًا، و1555 متوسطة، و3816 طفيفة، ما يعكس حجم الاستنزاف الكبير الذي تعرضت له القوات الإسرائيلية.
الرهائن.. معركة أخرى داخل الحرب
اختطفت الفصائل الفلسطينية خلال الهجوم الافتتاحي 251 رهينة، إضافة إلى 4 آخرين كانت حماس تحتجزهم منذ حرب عام 2014. واستعادت إسرائيل 148 رهينة أحياء بفضل صفقتي تبادل في نوفمبر 2023 ويناير 2025، فيما تمكن الجيش الإسرائيلي من تحرير 8 رهائن في عمليات خاصة داخل القطاع، كما استعاد 59 جثة لرهائن قتلوا خلال القتال، بينما لا يزال 48 رهينة قيد الاحتجاز يُرجّح أن 20 منهم أحياء.
غزة.. دمار شامل ومعاناة إنسانية غير مسبوقة
دفع قطاع غزة الثمن الأكبر من هذه الحرب، إذ تشير التقديرات إلى مقتل نحو 66 ألف فلسطيني وإصابة 166 ألفًا آخرين، بينما ما يزال 9 آلاف شخص في عداد المفقودين، كما فقدت الفصائل الفلسطينية نحو 25 ألف مقاتل في المعارك ضد الجيش الإسرائيلي.
اقتصاديًا، انخفض الناتج المحلي في غزة بأكثر من 50%، وبلغت نسبة البطالة 61%، في حين خسر 24% من السكان وظائفهم، وارتفع معدل الفقر إلى 74.3%، مع تدهور حاد في مؤشرات التنمية البشرية.
أما على مستوى البنية التحتية، فقد تعرض ما بين 63% و70% من مباني القطاع للدمار أو التلف، وتضررت أكثر من 300 منشأة تابعة للأمم المتحدة، وسط انهيار شبه كامل في أنظمة الصحة والمياه والصرف الصحي، وفي 22 أغسطس الجاري، أعلنت الأمم المتحدة رسميًا دخول قطاع غزة في مرحلة المجاعة.
الضفة الغربية.. عودة الغارات الجوية بعد عقدين
في الضفة الغربية، أسفرت العمليات التي نفذها فلسطينيون خلال الحرب عن مقتل 78 إسرائيليًا وإصابة 550 آخرين، ورد الجيش الإسرائيلي بشن 129 غارة جوية هي الأولى من نوعها منذ 22 عامًا، كما اعتقلت إسرائيل 15456 فلسطينيًا خلال العامين الماضيين، أفرجت عن بعضهم وأبقت آخرين قيد الاحتجاز.
وبحسب السلطات الإسرائيلية، فقد تم إحباط 2091 هجومًا ضد أهداف إسرائيلية منذ اندلاع الحرب، بينها 1037 عملية خلال عام 2024 و1054 عملية خلال عام 2025.
لبنان.. حرب الصواريخ بين حزب الله وتل أبيب
امتدت المواجهة إلى لبنان، حيث خاضت إسرائيل حربًا مفتوحة مع ميليشيا حزب الله أدت إلى مقتل 132 إسرائيليًا، بينهم 86 جنديًا. وأطلق الحزب 17300 صاروخ و593 طائرة مسيرة نحو الأراضي الإسرائيلية، بينما رد الجيش الإسرائيلي بقصف 16350 هدفًا في لبنان، استهدف من خلالها مواقع ومنظومات صاروخية وقادة ميدانيين للحزب.
إيران.. المواجهة الأخطر
تصاعد التوتر بين إسرائيل وإيران بعد تنفيذ طهران هجومين مباشرين في أكتوبر 2024 وأبريل 2025، لتندلع بعدها مواجهة مفتوحة في يونيو من العام نفسه عقب استهداف إسرائيل ثلاثة مواقع نووية ومركز أبحاث واغتيال عدد من العلماء والمسؤولين الإيرانيين.
وخلال تلك المواجهات، قتل 33 إسرائيليًا وأصيب 3550 آخرون، فيما أطلقت إيران 950 صاروخًا و1380 طائرة مسيرة، تجاوز 600 منها الحدود الإسرائيلية، وأعلن الجيش الإسرائيلي أنه اعترض 99% منها وردت تل أبيب بقصف 900 هدف داخل إيران شملت مواقع صاروخية ومراكز إنتاج ومنشآت نووية.
جبهة اليمن.. الحوثيون يدخلون المشهد
منذ إعلان الحوثيين بدء استهداف إسرائيل دعمًا لغزة، أطلقوا 500 صاروخ وطائرة مسيرة باتجاه الأراضي الإسرائيلية، ما تسبب بمقتل إسرائيلي واحد وإصابة 100 آخرين وردت إسرائيل بـ 19 عملية قصف استهدفت 90 موقعًا في اليمن، بينها القصر الرئاسي ومستودعات أسلحة ومحطات طاقة ومطار صنعاء الدولي.
وبينما يتواصل النزيف في الأرواح والاقتصاد عبر الجبهات المختلفة، تبدو المنطقة بأكملها على حافة صراع طويل الأمد يعيد تشكيل موازين القوى في الشرق الأوسط، وسط غياب أي أفق واضح للتسوية أو التهدئة الشاملة.



