الحلة.. من حضارة بابل إلى مركز تجاري على ضفاف الفرات
مدينة الحلة العراقية، التي يبلغ عدد سكانها حوالي 550 ألف نسمة، تقع على ضفاف نهير الحلة المتفرع من نهر الفرات وتبعد 110 كيلومترات عن بغداد. هذه المدينة ليست مجرد حاضرة معاصرة، بل هي جزء من تاريخ طويل يمتد إلى بدايات حضارة ما بين النهرين.
منطقة الحلة شهدت ازدهاراً تاريخياً، حيث كانت مدينة بابل الأسطورية تقع على بعد ثمانية كيلومترات منها، ولا تزال آثار قوش وبورسيبا والمدن القديمة تحيط بها، مما يجعلها شاهدة على تراث حضاري يمتد لآلاف السنين. في عام 661م، شهدت المدينة حادثة مقتل الخليفة علي بن أبي طالب، وهو حدث أثر على تاريخها الديني والثقافي، وتضم مقابرها عددًا كبيرًا من رجال الدين الشيعة.
في القرن الثامن عشر، كانت الحلة مركزاً إدارياً مهماً للإمبراطورية العثمانية فيما بين النهرين، ولكن تأسيسها يعود إلى ما قبل ذلك بثمانية قرون، عندما كانت تُعرف باسم الجُميعان. توسعت في عام 1101م وأخذت اسمها الحالي “الحلة”، حيث تم بناء بيوتها باستخدام أحجار بابل القديمة، مما يربط المدينة الحديثة بجذورها البابلية.
اقتصاد الحلة يعتمد على تجارة الحبوب بشكل رئيسي، ويستفيد سكانها من موقعها الاستراتيجي على الفرات. ومنذ بداية القرن الماضي، شهدت المدينة انتعاشاً كبيراً بعد إنشاء سد الهندية الذي وفر كميات إضافية من المياه لري الأراضي المحيطة، مما أسهم في زيادة الإنتاج الزراعي وتعزيز الاقتصاد المحلي.
بهذا التاريخ العريق والتراث الذي يجمع بين الماضي والحاضر، تظل الحلة مدينة تجمع بين الأصالة والحداثة، شاهدة على تقلبات الزمن وتحولاته.