مرأه بدوية

هبة سليم من طالبة باريس إلى اخطر جواسيس الموساد في قلب الجيش المصري

عاشت مصر بعد نكسة يونيو سبعة وستين أجواء توتر خانق وتطلع إلى الثأر، وفي ذلك المناخ المشتعل لمع اسم هبة عبد الرحمن سليم، شابة تجمع الذكاء الحاد والمظهر البريء، لكنها اختارت أن تسلك طريق الخيانة وتخدم أجهزة الموساد الإسرائيلي.

من هي هبة عبدالرحمن

في عام ثمانية وستين حصلت هبة على الثانوية العامة، وأقنعت والدها بالسفر إلى باريس لمتابعة دراستها الجامعية، وبين أروقة الجامعة هناك تعرفت إلى فتاة يهودية بولندية ودعتها إلى سهرة منزلية، حيث التقت مجموعة من الشباب اليهود، فأعلنت بصراحة رفضها للحروب وحلمها بسلام شامل، واستغلت الفتاة هذا التصريح وقدمت فيلما يعرض الحياة داخل إسرائيل، لتزرع في عقل هبة بذور التعاطف مع العدو.

 

تكررت اللقاءات، وامتلأ رأس هبة بفكرة تفوق إسرائيل وقوة ديمقراطيتها المزعومة، فقررت خدمة ذلك الكيان من منطلق قناعة لا رغبة في المال. خلال أحد الاجتماعات حضر ضابط من الموساد، واستمع إلى حديثها عن علاقتها بالمقدم فاروق عبد الحميد الفقي، ضابط أركان حرب بقوات الصاعقة وعضو غرفة عمليات تعرف ساعة الصفر لحرب أكتوبر.

 

وقع فاروق في غرام هبة بجنون، والتقى بها في نادي الجزيرة، وبادلها وعودا بالزواج، بينما استغلت هي هذا الحب لتصل إلى أسرار الجيش. طلبت منه خرائط مواقع صواريخ سام ستة السوفيتية المضادة للطائرات، فقدمها معتقدا أنه يثير إعجابها، وتحول دون أن يشعر إلى مصدر معلومات ذهبية للموساد.

 

قصف الطيران الإسرائيلي مواقع الصواريخ بدقة غير مسبوقة، فانتبهت المخابرات المصرية إلى تسرب الأسرار، وبدأت تتبع الخيوط حتى اكتشفت دور فاروق وهبة. ألقت المخابرات الحربية القبض على فاروق في سرية تامة، وأخضعته لاستجواب قاس، فانهار واعترف بكل ما ارتكبه وأشار إلى هبة باعتبارها العقل المدبر. أصدرت المحكمة العسكرية حكما بالإعدام رَميا بالرصاص ونفذته فورا كي لا تتأثر الروح المعنوية للجنود قبل الحرب.

 

فرّت هبة إلى باريس، لكن رجال المخابرات رسموا خطة ذكية لاستدراجها عبر والدها الذي كان يعمل مدرسا في طرابلس. أقنعوه بأن ابنته تواجه اتهامات بخطف طائرة إسرائيلية وأن تل أبيب تطالب بها، فأخبرها الأب وهو في المستشفى يزعم مرضا خطيرا، وتوسل إليها كي تزوره. صدقت الرواية ووصلت إلى طرابلس، فاستقبلها ضباط المخابرات المصريون، واقتادوها إلى طائرة متجهة إلى القاهرة.

 

حاولت إسرائيل إنقاذ عميلتها عبر ضغوط أمريكية، لكن الرئيس أنور السادات رفض التنازل، وأمر بتنفيذ حكم الإعدام بعد انتهاء حرب أكتوبر مباشرة، وعندما أعاد وزير الخارجية الأمريكي طرح القضية رد السادات ببرود قائلا إنها أعدمت ولا مجال للوساطة.

 

قصة هبة سليم تكشف كيف يحول الخداع العاطفي والاقتناع الزائف شابة طموحة إلى خنجر مسموم في خاصرة وطنها، بينما يؤكد سقوطها أن العيون الساهرة تحمي مصر وتقطع يد من يفكر في خيانتها.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى