تاريخ ومزارات

شدوان معركة كتبت بدماء الأبطال ملحمة الخلود في قلب البحر

مع بزوغ فجر الثاني والعشرين من يناير عام 1970، خيم صمت ثقيل على جزيرة شدوان التي تتلألأ وسط مياه البحر الأحمر على بعد خمسة وثلاثين كيلومترا من شواطئ الغردقة، قبل أن يشقه صوت الطائرات وزئير القصف من كل اتجاه.

تاريخ معركة شدوان

العدو اختار توقيت الغدر، واستهدف جزيرة شديدة الأهمية للتحكم في ممر ملاحي يربط البحر الأحمر ببوابة قناة السويس، لكنه لم يكن مستعدا لملحمة بطولية ستخلد في الذاكرة.

تحت ضوء فنار الجزيرة الذي يهدي السفن وسط الظلام، وقفت سرية من قوات الصاعقة المصرية في مواجهة جيش مدجج بالسلاح، رجال قل عددهم، لكن عزيمتهم كانت أقوى من الحديد.

مع بدء القصف المكثف من الجو والبحر، حاول العدو تنفيذ عملية إنزال عبر طائرات هليكوبتر وزوارق مطاطية، ظنا منه أن المباغتة ستحقق له النصر السريع، لكنه اصطدم بأرض ترفض الانكسار.

قاد المقدم حسني محمد حماد رجاله كما يقود الربان سفينته وسط الأعاصير، وكل طلقة أطلقها جنوده كانت صرخة تقول إن شدوان مصرية،وحين حاولت إحدى الطائرات الهبوط، واجهت نيرانا كثيفة أجبرتها على التراجع، لكن العدو واصل الهجوم بقصف أعنف وإنزال نحو مئتي جندي مظلي.

وفي ذروة المعركة، حاول العدو كسر إرادة المقاتلين باستخدام مكبرات الصوت لإجبارهم على الاستسلام، لكن الرد جاء نارا تتوهج وسط الدخان، ومقاومة لا تعرف التراجع.

أحد الجنود واصل القتال حتى نفدت ذخيرته، ثم ضحى بنفسه ليؤمن زملاءه، وآخر أطلق وابلا من الرصاص حتى سقط شهيدا بعد أن أوقع قتلى بين جنود العدو.

حتى أولئك الذين تظاهروا بالاستسلام، باغتوا العدو بهجوم خاطف أربكه وأسقط المزيد من جنوده، المعركة لم تكن فقط مسؤولية الجيش، بل شارك فيها أبطال من أهل البحر.

رجال من الصيادين في الغردقة، مثل الريس حميد عتيق، ومحمد عبدودو، وأحمد جادالله، تركوا شباكهم وركبوا قواربهم الصغيرة، متجهين نحو الجزيرة تحت القصف، حاملين الإمدادات والذخيرة والرجال،لم تمنعهم النيران من أداء واجبهم، بل كانوا شريان الحياة الذي أنقذ صمود المقاتلين.

 

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى