قبائل و عائلات

عائلة الشرقاوي: تاريخ حافل بالعلم والتصوف والسياسة في المغرب

أسماء صبحي

يعتبر المغرب بلدًا غنيًا بالتاريخ والثقافة، حيث ساهمت العديد من العائلات في تشكيل هويته عبر العصور. ومن بين هذه العائلات البارزة، نجد عائلة الشرقاوي التي تمتد جذورها إلى التصوف والعلم والسياسة. وارتبط اسم العائلة بالزاوية الشرقاوية التي كان لها دور ريادي في نشر العلوم الإسلامية. فضلاً عن تأثيرها في المشهد الاجتماعي والسياسي للمغرب.

وفي هذا المقال، نستعرض تاريخ هذه العائلة العريقة وأبرز شخصياتها ودورها في الحياة المغربية عبر القرون.

أصول عائلة الشرقاوي ونشأتها

يعود نسب العائلة إلى سيدي بوعبيد الشرقي العمري. وهو أحد الأولياء الصالحين الذين لعبوا دورًا بارزًا في نشر التعاليم الإسلامية في المغرب. وولد سيدي بوعبيد في منطقة قريبة من قصبة تادلة خلال القرن السادس عشر، وتلقى تعليمه على يد كبار علماء مراكش وفاس. بعد أن أنهى دراسته أسس الزاوية الشرقاوية في مدينة أبي الجعد التي أصبحت مركزًا هامًا لنشر الفكر الصوفي وتعاليم الدين الإسلامي.

لعبت الزاوية الشرقاوية دورًا رئيسيًا في الحياة الدينية والاجتماعية والسياسية للمغرب. ولم تكن مجرد مكان للعبادة بل أصبحت مركزًا للعلم والمعرفة، حيث توافد إليها الطلاب من مختلف المناطق لتلقي التعليم في الفقه، الحديث، والتصوف.

كما لعبت الزاوية دورًا في تحقيق التوازن بين المخزن (السلطة الحاكمة) والقبائل. حيث كانت تتوسط في النزاعات، وتسعى إلى تعزيز الاستقرار في البلاد. وانتشرت فروعها في أنحاء المغرب، ومن أبرز الزوايا التابعة لها:

  • زاوية آل القيرواني في آيت عتاب
  • زاوية سيدي حجاج في الشاوية

هذه الفروع أسهمت في نشر تعاليم التصوف وبناء مجتمع يقوم على قيم التسامح والوسطية.

أبرز شخصيات العائلة

قدمت العائلة شخصيات بارزة كان لها تأثير في مجالات مختلفة سواء في السياسة أو الثقافة أو الفنون، ومن أبرزهم:

  • محمد الشرقاوي – دبلوماسي بارز: شغل منصب وزير الخارجية المغربي في ستينيات القرن العشرين. كما لعب دورًا هامًا في تعزيز العلاقات الدبلوماسية بين المغرب والدول الأخرى خاصةً في فترة ما بعد الاستقلال.
  • أحمد الشرقاوي – رائد الفن التشكيلي: يعتبر أحمد الشرقاوي (1934-1967) من رواد الفن التشكيلي المغربي. حيث جمع في أعماله بين المدارس الفنية الغربية والتراث المغربي. كما تميز بأسلوبه الفريد الذي يمزج بين الرموز الصوفية والحداثة مما جعل أعماله تحظى بتقدير عالمي.
  • أحمد بوكاري الشرقاوي – مؤرخ وباحث في التصوف: في حديث للمؤرخ أحمد بوكاري الشرقاوي، أوضح أن الزاوية الشرقاوية لا تزال تحتفظ بقيمها الروحية، لكنها بحاجة إلى إعادة إحياء دورها الديني والعلمي. ويقول: “الزاوية الشرقاوية اليوم في أمسّ الحاجة إلى تجديد معالمها وإحياء أدوارها. حتى تظل منارة لنشر الثقافة الإسلامية القائمة على الانفتاح والتسامح”.

وما زالت العائلة تحظى بمكانة متميزة في المجتمع المغربي. حيث يسعى أفرادها إلى الحفاظ على الإرث الثقافي والتاريخي لعائلتهم، والمساهمة في مختلف المجالات. كما تعد الزاوية الشرقاوية اليوم رمزًا للتاريخ المغربي وتستقطب الزوار والباحثين الذين يهتمون بدراسة التصوف الإسلامي.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى