مدينة بيسان: عراقة التاريخ الفلسطيني في قلب سهل مرج ابن عامر

تعد مدينة بيسان واحدة من أقدم المدن الفلسطينية التي تحمل تاريخًا طويلًا وعميقًا في قلب سهل مرج ابن عامر. وهو السهل الذي يمتد بين الجليل الأدنى والضفة الغربية. وتقع المدينة في شمال فلسطين التاريخية، وهي تشتهر بتاريخها القديم والمعالم التاريخية التي جعلتها مركزًا حضاريًا وثقافيًا عبر العصور المختلفة.
وعلى الرغم من التحديات التي تعرضت لها، تظل مدينة بيسان من أبرز المواقع التاريخية التي تحكي قصة فلسطين عبر آلاف السنين.
تاريخ مدينة بيسان
تعد بيسان من أقدم المدن في المنطقة، ويعود تاريخها إلى العصور الكنعانية. حيث كانت تعرف في العهد الكنعاني باسم “بيسان”. كما كانت المدينة في العصور القديمة مركزًا تجاريًا هامًا، نظرًا لموقعها الاستراتيجي في سهل مرج ابن عامر الذي كان طريقًا رئيسيًا للقوافل التجارية بين الشام ومصر. على مر العصور. ومرت بيسان بتطورات كبيرة، حيث سيطر عليها الفراعنة المصريون. ثم تبعتها فترات حكم الأشوريين والرومان، الذين تركوا بصمات واضحة في معالم المدينة.
وفي العهد الروماني، شهدت بيسان فترة ازدهار حيث تم بناء العديد من المنشآت الهامة مثل المسارح والمعابد، كما واصل البيزنطيون تطوير المدينة بعد الفتح الروماني، قبل أن تنتقل تحت السيطرة الإسلامية في القرن السابع، وفي العصر الإسلامي، أصبحت المدينة واحدة من أهم مدن الشام، حيث تحولت إلى مركز إداري وتجاري هام.
المعالم التاريخية
تعتبر بيسان من المدن الفلسطينية التي تحتفظ بالكثير من المعالم التاريخية التي تعكس تاريخها العميق. ومن أبرز هذه المعالم هو موقع بيسان الأثري الذي يحتوي على بقايا مدينة رومانية قديمة. بما في ذلك المسرح الروماني، الذي لا يزال قائمًا حتى اليوم ويعد من أبرز المعالم السياحية في المنطقة. كما توجد الكنيسة البيزنطية التي تم اكتشافها مؤخرًا، والتي تعد واحدة من أهم المعالم التي تعكس التأثير البيزنطي في المدينة.
ومن المعالم الأخرى التي تعكس تاريخ بيسان هي القلعة الإسلامية التي كانت تستخدم كحصن دفاعي في العصور الإسلامية، وقد بنيت على أنقاض قلاع رومانية. كما توجد الآبار القديمة التي كانت تُستخدم لجمع مياه الأمطار وتزويد المدينة بالمياه في العصور القديمة.
تحديات العصر الحديث
وبعد نكبة 1948، تعرضت مدينة بيسان لتغييرات كبيرة، حيث تعرضت للتهجير والدمار. واليوم، تقع المدينة ضمن الأراضي الفلسطينية المحتلة، وعلى الرغم من ذلك، تحافظ بيسان على مكانتها التاريخية والثقافية، حيث تظل معالمها الأثرية شاهدة على عراقتها وحضارتها.
وتواجه المدينة اليوم العديد من التحديات بسبب الاحتلال الإسرائيلي، الذي يعيق الوصول إلى بعض المناطق الأثرية ويهدد الحفاظ على التراث الثقافي والتاريخي للمدينة. ومع ذلك، يبذل العديد من المهتمين والباحثين الفلسطينيين جهودًا كبيرة للحفاظ على تاريخ بيسان وحماية آثارها من الدمار.
ويقول الدكتور سعيد علي، أستاذ التاريخ الفلسطيني في جامعة النجاح الوطنية، إن مدينة بيسان تمثل واحدة من أقدم وأهم المدن الفلسطينية في تاريخ المنطقة. كما إن المعالم الأثرية التي تحتويها المدينة، مثل المسرح الروماني والكنيسة البيزنطية، تروي قصة الحضارات التي تعاقبت على هذه الأرض. ويعد الحفاظ على هذه المعالم مسؤولية كبيرة تفرضها الظروف السياسية الراهنة، وهي جزء لا يتجزأ من الهوية الثقافية الفلسطينية.