فارس الخوري: مهندس الاستقلال ورمز الوحدة الوطنية في سوريا

أسماء صبحي
فارس الخوري، هو أحد أبرز الشخصيات الوطنية التي ساهمت في صياغة هوية الدولة السورية الحديثة. ولد في مدينة حمص لعائلة مسيحية، واشتهر بدوره في قيادة النضال الوطني ضد الاستعمار الفرنسي. فضلاً عن كونه أحد الرموز البارزة في العمل السياسي والدبلوماسي والقانوني.
كما استطاع الخوري خلال مسيرته الحافلة أن يجسد روح الوحدة الوطنية في سوريا. جامعًا بين مختلف الأطياف الدينية والعرقية تحت راية الكفاح من أجل الحرية.
نشأة فارس الخوري
بدأ فارس تعليمه في المدارس المحلية بحمص، ثم انتقل إلى بيروت، حيث أظهر تفوقًا أكاديميًا ملحوظًا. كما درس العلوم والحقوق، ما أكسبه خلفية قوية في القانون والتشريع، الأمر الذي جعله لاحقًا أحد رواد الحركة القانونية في سوريا. وبدأ حياته المهنية كمدرس، ثم قاضٍ، مما ساعده على فهم القضايا الاجتماعية والسياسية المعقدة التي كانت تواجه المجتمع السوري في تلك الحقبة.
مع فرض الانتداب الفرنسي على سوريا بعد الحرب العالمية الأولى، انخرط فارس في العمل الوطني ضمن صفوف “الكتلة الوطنية”، التي قادت النضال ضد الاحتلال الفرنسي. كما كان يتمتع بفكر سياسي متزن، جعله مفاوضًا بارعًا وممثلًا قويًا لسوريا في المحافل الدولية. وعندما حاولت فرنسا فرض سيطرتها الكاملة على سوريا. لعب الخوري دورًا محوريًا في توحيد الصف الوطني ومقاومة المحاولات الاستعمارية لتقسيم البلاد.
تولى فارس الخوري مناصب سياسية وإدارية عليا، أبرزها:
- رئيس الوزراء: شغل هذا المنصب في أكثر من مناسبة خلال فترات حاسمة في تاريخ سوريا. وكان أول مسيحي يتولى هذا المنصب في بلد عربي، مما عكس أهمية الوحدة الوطنية التي عمل على ترسيخها.
- رئيس مجلس النواب: تولى هذا المنصب لعدة دورات. كما ساهم في صياغة الدستور السوري ووضع أسس التشريع الوطني.
- ممثل سوريا في الأمم المتحدة: كان حضوره في جلسة الأمم المتحدة عام 1945 بارزًا. حيث دافع عن استقلال سوريا واستنكر الاستعمار الفرنسي ببلاغة أثارت إعجاب العالم.
إرثه الوطني والثقافي
ما يميز فارس ليس فقط أدواره السياسية، بل أيضًا تأثيره الثقافي والاجتماعي. حيث كان مؤمنًا بأهمية التعليم كأداة لتحرير الشعوب، وعمل على تطوير المناهج التعليمية وإرساء القيم الديمقراطية. كما كان داعمًا للفن والأدب، حيث شجع المواهب الشابة على الإبداع، مما ساهم في نهضة ثقافية امتدت آثارها لسنوات.
كان فارس نموذجًا للتعايش الديني، حيث حظي باحترام كبير من جميع الطوائف السورية. ووصفه المؤرخ الدكتور سامي مروان بقوله: “فارس الخوري لم يكن مجرد سياسي، بل كان رمزًا لوطنية صادقة وحقيقية. لقد استطاع أن يكون جسراً بين المكونات المختلفة في سوريا، مؤمنًا بأن قوة البلاد تكمن في وحدتها”.
توفي فارس عام 1962، تاركًا خلفه إرثًا عظيمًا من العمل الوطني والتاريخ المشرف. ولا يزال اسمه محفورًا في ذاكرة السوريين كرمز للوحدة الوطنية. ومثالًا للقائد الذي جعل من التنوع قوة، ومن العدل أساسًا لبناء الدولة.