تاريخ ومزارات

مدينة جينيه: معجزة الطين في قلب أفريقيا

تتميز مدينة جينيه، الواقعة في مالي بغرب أفريقيا، بأنها مدينة فريدة من نوعها، حيث تبنى جميع منازلها من الطين الذي يناسب الظروف المناخية القاسية. يتميز الطين بقدرته على الاحتفاظ بالبرودة خلال الليالي الباردة، مما يجعله مثاليًا لهذا الطقس الحار.

تاريخ مدينة جينيه

تتعرض الأسطح الطينية للمباني في جينيه بما فيها المسجد الكبير، للدمار بفعل الرياح والعواصف والأمطار، في فصل الشتاء، وخلال موسم الأمطار، هذا الوضع يتطلب من سكان المدينة القيام بإعادة بناء هذه الأسطح بشكل سنوي. كما تعتبر هذه العملية نشاطًا جماعيًا يشارك فيه الجميع، حيث يتحول العمل إلى مناسبة اجتماعية تعكس روح التعاون والتضامن بين سكان المدينة.

كما يجمع السكان الطين من النهر القريب، ويضعونه أمام منازلهم في أحواض كبيرة. يتم خلط الطين مع قش الأرز ومواد زيتية لتحسين تماسكه وجعله مناسبًا لعملية الترميم. تجرى أعمال الإصلاح عادة في موسم الجفاف، وتحديدًا بين شهري ديسمبر ومايو، حيث يكون الجو ملائمًا لتنفيذ هذا العمل الشاق.

وفي هذا الصدد أوضح الدكتور محمد فوزي استاذ التاريخ، أن تاريخ المسجد الكبير في جينيه يعد أكبر صرح مبني من الطوب اللبِن في العالم، ويعتبر من أعظم الأمثلة على العمارة في غرب أفريقيا. كما يظهر الأثر الإسلامي بوضوح في تصميمه. و يصنف هذا المسجد كواحد من أهم معالم القارة الأفريقية، حيث اعتبرته منظمة اليونسكو مع المدينة القديمة في جينيه تراثًا عالميًا يجب حمايته.

كما بني المسجد الكبير لأول مرة في القرن الثالث عشر على يد الملك كوي كونبورو عام 1240 في موقع كان يستخدم كقصر ملكي. أصبح هذا المسجد مع مرور الزمن مركزًا روحانيًا وثقافيًا مهمًا، حيث ارتبط بتاريخ إمبراطورية مالي. أعيد بناء المسجد في عام 1896، لكنه هدم عام 1906 لإعادة تشييده بشكل جديد اكتمل بين عامي 1907 و1909.

يمثل هذا الإرث المعماري الفريد شهادة حية على براعة الإنسان الأفريقي في التكيف مع بيئته وابتكار حلول معمارية تحافظ على طابعها التاريخي والثقافي، لتظل جينيه مدينة الطين رمزًا للتاريخ والأصالة في أفريقيا.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى