المزيد

” ترسانة بولاق” الحصن العسكري الأول فى مصر

كتبت شيماء طه

في قلب النهضة العسكرية والصناعية لمصر الحديثة، تحتل ترسانة بولاق مكانة بارزة بإعتبارها أقدم وأهم مركز لبناء السفن الحربية في تاريخ البلاد.

أسسها محمد علي باشا في عام 1810، في إطار إستراتيجيته الطموحة لجعل مصر قوة إقليمية عظمى ذات أسطول بحري قوي قادر على حماية حدودها وتأمين طرق التجارة البحرية.

بداية الحلم

أُختيرت منطقة بولاق، الواقعة على ضفاف نهر النيل، لتكون مقر الترسانة نظرًا لموقعها الإستراتيجي الذي يتيح سهولة نقل المواد الخام والخشب اللازم لبناء السفن عبر النيل.

كما زودت الترسانة بأحدث المعدات وورش العمل آنذاك، مما جعلها واحدة من أكثر الترسانات تقدمًا في العالم خلال القرن التاسع عشر.

الإنتاج العسكري وولادة أسطول حديث

كانت ترسانة بولاق القلب النابض للمشروع البحري المصري في عهد محمد علي.

وتضمنت الترسانة ورشًا متخصصة لصناعة السفن، بدءًا من القوارب الصغيرة وحتى السفن الحربية الضخمة التي وصلت إلى أكثر من 100 متر طولًا.

ومن أبرز إنجازاتها:

بناء أسطول ضخم من السفن الحربية التي شاركت في حروب البحر الأبيض المتوسط والبحر الأحمر.

إنتاج السفن التجارية التي عززت حركة التجارة المصرية في البحر المتوسط.

صيانة وإصلاح السفن التي كانت جزءًا أساسيًا من قوة الأسطول.

إستقدام الخبراء الأجانب

أدرك محمد علي أهمية الإعتماد على أحدث التقنيات، فأستقدم خبراء أوروبيين لتدريب العمال المصريين، كما أرسل بعثات إلى الخارج لدراسة بناء السفن والعلوم البحرية.

وبهذا، لم تكن ترسانة بولاق مجرد مركز إنتاج، بل أصبحت أيضًا أكاديمية تعليمية لبناء جيل من المهندسين والعمال المهرة.

دور ترسانة بولاق في الحروب

لعبت السفن التي أنتجتها الترسانة دورًا بارزًا في الحملات العسكرية التي قادها محمد علي، مثل :

حملة اليونان (1824) شاركت السفن المصرية في دعم الدولة العثمانية ضد الثوار اليونانيين.

حملة الشام (1831-1840) إستخدمت السفن في نقل القوات وتأمين خطوط الإمداد عبر البحر المتوسط.

على الرغم من تراجع دور ترسانة بولاق في العقود التالية نتيجة التغيرات السياسية، إلا أن إرثها ما زال حاضرًا في ترسانات مصر الحديثة، مثل ترسانة الإسكندرية، التي تُعد اليوم من أهم مراكز بناء السفن في الشرق الأوسط.

تمثل ترسانة بولاق علامة مضيئة في تاريخ مصر العسكري والصناعي، فهي رمز للنهضة التي قادها محمد علي باشا، وجزء لا يتجزأ من قوة مصر البحرية.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى