الزكارة: أسرار القبيلة الأمازيغية التي صنعت جدلًا عبر التاريخ
تعتبر قبيلة الزكارة إحدى المكونات القبلية المميزة في شرق المغرب، ذات الأصول العريقة التي ارتبطت بقبيلة هوارة الأمازيغية. على بعد 25 كيلومترًا جنوب غرب وجدة، بالقرب من الحدود الجزائرية. كما تمتد أراضي الزكارة بين السهلين تافرطا وأنجاد. حيث تحتضن جبلًا يحمل اسمها ويصل امتدادها إلى مساحة تقدر بـ6000 كيلومتر مربع. مع ما شهده المغرب من تغيرات سياسية واجتماعية. كما برز اسم هذه القبيلة في محطات حاسمة. خصوصًا أواخر القرن التاسع عشر حينما انضمت إلى ثورة الجيلالي الزرهوني. المعروف بـ”بوحمارة”، رغم تبعيتها في أغلب الفترات لنفوذ المخزن.
الأصول القبلية والانتساب التاريخي
تشير المصادر التاريخية إلى أن الزكاريين ينحدرون من قبيلة هوارة الأمازيغية. كما أكد ذلك ابن خلدون الذي أورد أن زكارة واحدة من بطون هوارة، إلى جانب قبائل أخرى كغريان وورغة. كما دعم هذا الرأي المؤرخ عبد الوهاب بنمنصور في كتابه “قبائل المغرب”، مشيرًا إلى تواجد الزكارة في مناطق متفرقة من المغرب الأوسط والأقصى.
الطقوس والمعتقدات المثيرة للجدل
ارتبطت قبيلة الزكارة بعقائد وطقوس وصفها البعض بأنها خارجة عن السياق الديني التقليدي، ما دفع بعض الباحثين لتصنيفها كطائفة لادينية داخل المجتمع الإسلامي. وهذه المعتقدات جذبت اهتمام الباحثين الأجانب، الذين رأوا في القبيلة تطورًا لعقائد العكاكزة اليوسفية التي اشتهرت في القرن السابع عشر قبل أن يقضي عليها المولى إسماعيل. وبالرغم من اتهامات الإباحة واللاأخلاقية التي وُجهت إلى القبيلة، فإنها استمرت في ممارسة تأثيرها الاجتماعي حتى بدايات القرن العشرين.
تنظيم اجتماعي وقوانين محلية
وفي هذا الصدد قال حسن مرسي أحد أبناء القبيلة أن قبيلة الزكارة لعبت دورًا مهمًا في إدارة شؤونها المحلية من خلال قوانين وتشريعات داخلية خاصة بها. كما أن هذا النظام القبلي جعلها قادرة على التماسك والصمود في وجه التغيرات السياسية والاقتصادية التي شهدتها المنطقة. ورغم محاولات المخزن المغربي فرض سيطرته عليها، تمكنت القبيلة من الاحتفاظ باستقلالية نسبية، ما جعلها تتميز ككيان اجتماعي مستقل.
كما تعتبر الزكارة إحدى الفروع الرئيسية للطريقة اليوسفية العكازية، التي عرفت بانتشارها في مناطق متفرقة من المغرب. هذه الطريقة التي كانت تعتبر ظاهرة دينية واجتماعية مثيرة للجدل.كما أضفت على الزكارة بعدًا خاصًا جعلها محط اهتمام الباحثين والمؤرخين.