عادات و تقاليد

أغرب طقوس الحداد في إفريقيا.. احتفالات فخمة ونقوش مزينة

أميرة جادو

يرتبط الحداد في إفريقيا بالعديد من الطقوس والمراسم الفريدة المتنوعة، حيث تختلف من منطقة إلى أخرى حسب عادات وتقاليد كل بلد، وتتباين في أهميتها ومدى تمسك السكان بها وإيمانهم بقدرتها على معالجة ألم الفقد ومواساة أهل الفقيد.

وتعد هذه الطقوس بالنسبة للكثيرين وسيلة لتكريم الموتى ومنحهم الاحترام الذي يستحقونه، من خلال تحقيق بعض أحلامهم أو تعويض ما لم ينالوه خلال حياتهم، حتى وإن اقتصر ذلك على فترة الحداد والاحتفالات الجنائزية، التي تشمل الأدعية والأغاني والرقصات والخطب الرثائية والشعر.

وعلى الرغم من أن بعض هذه الطقوس تعتبر غريبة، إلا أنها لا تزال متبعة في العديد من المناطق الإفريقية. كما تعتبر ممارستها دليلًا على احترام العائلة للفقيد وتقديرها له، بالإضافة إلى أنها تعكس مكانة اجتماعية مرتفعة للعائلة في محيطها.

معتقدات راسخة

والجدير بالإشارة أن طقوس الجنازات في إفريقيا تتنوع بشكل كبير، حيث تحتوي على خليط من الثقافات والتقاليد المتفردة. ففي إفريقيا جنوب الصحراء الكبرى، تحظى مراسم الحداد بقداسة استثنائية، وتعتبر جزءًا لا يتجزأ من الثقافة.

فيما تكتسب طقوس الحداد في إفريقيا الوسطى أهمية متزايدة نظرًا لارتفاع معدل الوفيات بسبب الصراعات والمجاعات والأمراض. هنا يتم تكريم الميت وفقًا لفلسفة تتعايش مع ثقافة الفقد، حيث ينظر إلى الموت كجزء من الحياة يجب التعامل معه بشكل طبيعي مع تمجيد لحظة الوداع.

في جنوب القارة السمراء، تلعب المعتقدات الروحانية دورًا أساسيًا في مراسم الحداد، بينما في غرب إفريقيا تحدد قيمة الطقوس بناءً على الدور الاجتماعي للمتوفى، حيث تختلف جنازة الطفل عن جنازة الشخص البارز، وكل تقصير في الطقوس يعتبر عارًا على العائلة.

نعوش مزينة

من طقوس الحداد الغريبة، تلك التي تمارسها القبائل في ناميبيا، حيث تفرك الأرملة عينيها بالفلفل إذا عجزت عن ذرف الدموع حزنًا على زوجها، حيث تفرض العادات عليها البكاء بما يتناسب مع حجم الخسارة.

أما في نيجيريا، فإن الجنازات تكون بمثابة حدث اجتماعي كبير يستمر لعدة أيام، ويشمل احتفالات فخمة يدعى إليها أفراد المجتمع بأسره، ويتضمن تجمع الجنازة أيضًا حل الخلافات العائلية، خاصة تلك المتعلقة بالميراث.

في غانا، تتحول لحظات الحزن إلى احتفالات فرح تتمثل في النعوش المزينة بتصاميم غريبة تعكس مهنة أو اهتمامات المتوفى. وتحرص العائلات على تنظيم جنازات مبهجة تعكس حبها وتقديرها للراحل.

جنوب إفريقيا: بين الولادة والموت

وفي السياق ذاته، تتشابه طقوس الحداد مع طقوس الولادة في جنوب إفريقيا عند عدد من القبائل. حيث يتم غسل الجثمان بنفس الطريقة التي يُغسل بها حديثو الولادة. يؤمن السكان بأن إعداد الميت للعودة إلى الأرض يجب أن يتم بنفس الطقوس التي دخل بها الحياة.

في مناطق أخرى من جنوب إفريقيا، تقوم النساء بتلطيخ أجسادهن بالرماد أو الجير كجزء من مشاركة الميت حالته الرمزية في الموت والدفن.

تكلفة الحداد

وفي ظل تطور المجتمعات الإفريقية وتأثر العادات بالتغيرات الحديثة، أصبحت مراسم الجنازات مكلفة للغاية. وأصبحت تمثل سوقًا مزدهرًا للمستثمرين. انتشرت الشركات المتخصصة التي تقدم خدمات جنائزية فخمة، بما في ذلك “معزين بالإيجار”، حيث يختلف السعر حسب نوع الحزن المطلوب، من البكاء البسيط إلى النحيب والصراخ.

والجدير بالذكر أن هناك مجموعة من العائلات تضطر إلى الاستدانة لتنظيم جنازات تليق بمكانة الراحل. حيث يعتبر إنفاق الأموال على جنازة فخمة أكثر أهمية من إنفاقها على علاج المتوفى قبل رحيله. هذا يعكس حجم الضغوط الاجتماعية التي تمارسها التقاليد على العائلات. والتي تجعل من الجنازات حدثًا هامًا للحفاظ على المكانة الاجتماعية.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى