المزيد

قبيلة مزاب: بين أصول زناتة وتراث عربي خالد

تعد قبيلة مزاب أو بني مزاب من القبائل العربية ذات المكانة التاريخية البارزة والمنتمية لاتحادية قبائل الشاوية، حيث تمتد أراضيها جنوب مجالات منطقة الشاوية. كما يحدها من الشمال قبيلتا المداكرة وأولاد حريز، ومن الغرب أولاد سيدي بنداود، ومن الشمال الغربي قبائل زعير. بينما تحيط بها قبائل ورديغة شرقا، وبني عمير جنوب شرق، وبني مسكين جنوبا. مركزها الأساسي مدينة ابن أحمد، وتتميز أراضيها بتربتها المعروفة بـ”الحرشة”. كما تخترقها العديد من الأودية مثل وادي تامدغوست، وادي مازر، وادي الحمر، وادي زيو، ووادي زمران.

أصول القبيلة وارتباطها بالأمازيغ

كما تعتبر قبيلة مزاب مستعربة بأصول تجمع بين العربي والأمازيغي. إذ ينتمي قسم من سكانها إلى زناتة، خاصة فرع بني باديس بن محمد الذي يعود نسبه إلى جدود زناتة الكبار مثل واسين وإيزليتن. هذا النسب يربطها بقبائل مرموقة مثل مغراوة واليفرنيين والمرينيين. و في هذا السياق، أورد ابن خلدون تفاصيل الصراعات التي خاضتها زناتة مع قبائل أمازيغية أخرى، لتستقر قبائلها في مناطق حدودية بين المغرب والجزائر. حيث نشأ الفرع المزابي الذي امتزج بعناصر من قبائل مجاورة مثل دكالة وتادلا وزايان.

دورها التاريخي وتأثيرها السياسي

و شهدت قبيلة مزاب صعودًا بارزًا خلال فترات تاريخية مختلفة، إذ لعبت دورًا مؤثرًا ضمن الصراعات القبلية الكبرى. برز منها الفرع المريني الذي تمكن من تأسيس حكمه في المغرب. بينما تولى العبدالواديون المرتبطون بها حكم الجزائر، بعد إنهاء حقبة الموحدين. ومن المثير أن القبيلة استمرت كقوة اجتماعية رغم النزاعات السياسية التي أحاطت بها. حيث تمكنت من التكيف مع التغيرات من خلال دمج عناصر أخرى ضمن نسيجها.

النزوح والاستقرار

وفي هذا الصدد قال منهم مازن أحد أبناء القبيلة أن قبيلة مزاب واجهت تحديات كبيرة حين رفضت مجموعة الأعشاس دفع الضرائب وذلك في عهد السلطان مولاي سليمان العلوي عام 1806، ما أدى إلى تحرك جيش السلطان ضدها ونفي أفرادها إلى مناطق استقرارهم الحالية. رغم هذه التحولات، استطاعت القبيلة الحفاظ على تراثها، وبرزت منها شخصيات قيادية مثل القائد العربي بن الشرقي، وعلماء دين كالقاضي سي العربي بن الحاج التاغي الحمداوي، صاحب الزاوية الشهيرة جنوب مدينة ابن أحمد.

كما تقسمت قبيلة مزاب قديما إلى أربع قيادات، وقد كان القائد مولاي عبدالسلام بن المكي الحجاجي آخر من تولى إدارتها في أوائل القرن العشرين. اليوم، تظل مزاب شاهدًا على غنى التاريخ المغربي، ممثلة تراثًا متجذرًا وأصولًا تتقاطع بين العربي والأمازيغي.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى