عبدالرحيم أبو هارون الشريف يكتب :سيدة نساء العالمين السيدة فاطمة الزهراء خزنة الأسرار المحمدية وأم أبيها
عبدالرحيم أبو هارون الشريف يكتب :سيدة نساء العالمين السيدة فاطمة الزهراء خزنة الأسرار المحمدية وأم أبيها
السيدة فاطمة الزهراء رضي الله عنها وأرضاها هي الزاهرة الباهرة الطاهرة … هي زهرة القلب المحمدي
السيدة البديعة المليحة … قلب القلب المحمدي .. وسر السعادة السرمدي..
بضعة الرؤوف الرحيم .. وكنز الحاء والميم في الحواميم ..
وشعبة منة منحة الصراط المستقيم …..
حبيبة أبيها وأمه .. وقرة عينه … بتول الله المتجلية على الخلق رجالا ….
وكيف لا ..؟؟!…
وهي الشريفة من كل نسب وسبب وقرابة ..
فهي بنت من ؟؟ أم من ..؟؟ زوج من ؟؟ !! .
حازت كل الفخار والمجد الكريم العظيم الشريف المقدس ..
زهرة القلب .. وحلة الأبناء الطاهرين .. منجم الرجال …. وفلك الجمال والكمال .
أرض الميلاد الطيب .. أصل أصول الشجر المبارك …
والزيتونة المحمدية.. والنجم الملازم للبدر الأتم ..
السائرة الناضرة الناظرة البادرة العاطرة …كمال البدور …
والظل في الأرض البادئة بالمجد والنور ..
لؤلؤة التاج الزمردي وفص الحكمة المحمدي …
وكنز الفخار الأحمدي…. شطر الكرم .. بتول الأمم ….
عرش القلب المنير .. وباب الرضا .. وسر الغضب .. وحصن النجاة .. وقرب المودة ..
وعز الأصول .. وبنت الرسول ….
فرط المحبة .. وطمس الولاية …وشرف ترف العارفين بالطواسين … وفم الدرر ..
حنين أنين الزرع للأمطار ..زاد المؤنة والمعونة المصونة للشفاعة ..
وبدر فخر شكر الطاعة ..
أصل حكمة نعمة رحمة الله على العباد .. ومداد مد الزاد وسر البلاد المفتوحة ..
آية غاية بداية كفاية الأمان .. وإشراقة عناية جناب صاحب الإمتنان .
مكتملة الأركان قائمة البنيان بأمان المودة في القربى ..
وسر الماء المطهر للكون بفخر ويطهركم تطهيرا .. ويسقون فيها ..
لأنها فيها ومن فيها يأخذ الزهر الروائح والعطور .. ..
وتقاسيم الصبايا والحور والبدور من جناب مهاب الطلعة الفاطمية …
أحسنت في الحُسن حُسنا فأنجبت حَسناً .. قطب الزمان وفخر الأمة .. وكاشف الغمة ..
وقاتل الفتنة ومصلح الفئتين ..
وحست بحس أبيها فأحتست حسوة شهيد الدين فكان الحسين ..
إمام المجاهدين .. وبدر الزاهدين ….
وإيوان الدين وعمدة الصابرين ..
وزانت وأزدانت بزي النبي فأتت بها زي نبي …
صاحبة الشورى والمشورة والطلعة البهية المهابة المجللة بالجلال والجمال والكمال والدلال ..
حنان الأم .. ونور البدر الأتم .. أم أهل المعارف والعوارف ..
وكيف لا والفاطمية فطمتهم على حب الرحمن ونور القرآن .. وريق النبي العدنان ..
فكانت الأرض الطامية الزاهرة بأزهار الربيع الزاهر بأنوار الحبيب ..
شبت على شبة الشبه فتشابهت في الذات والصفات والآيات ..
حتى إذا مشت تمشي كما يمشي .. وتطوى لها الأرض طيا .. وتسقى من بحور النور ريا ..
ملكة مملكة الحسان وبدور الزمان .. وسيدات الحسن والجمال الفتّان .. بقديم نديم الشكر والإيمان ..
سلطانة الزهد والعطاء .. سر الباء والفاء والطاء والهاء …ميم المحاسن .. وحسن المحامد ..
وحمد الآلاء وإكسير الاصطفاء .. من حازت أعلى مراتب الاجتباء .
فعذرا يا جناب الباب العالي الغالي .. وأم الغوالي .. يا سنا الإشراق في أفاق صباح امة المسلمين ..
يا بنت من أمنه ربه على هذا الدين .. يا زوج ولي المؤمنين …
يا أم الحسنين .. الكوكبين النيرين ..
وأم الزينبية البرزخ بين الأخوين .. أمان الدين ومودة رسول رب العالمين ..
فمن أكون .. حتى أسطر حروفا في مدحك يا زهراء الأباء والأبناء …. وترياق السماء لكل داء ….
غلبنا الحنين إلى نبينا .. وقربى نبينا .. واسم نبينا ..
وظل نبينا .. وعلم نبينا .. وحلم نبينا .. ورحمة نبينا ..
وأنتي يا من أنتي بنت نبينا .. يا سيدة النساء يا زهراء ..
عليك السلام من الأرض إلى السماء ..
بعدد ذرات الرمال وقطرات الماء .. وزرع النماء .. ونور الضياء ..
وصلاةً عليك يا أبا الزهراء ..
.يا برزخ الشرف البديع الممكون بالكاف والنون .. يا قرة عين الأيام والليالي ..
وفيض عرض مد الأوامر العوالي ..
يا باب نجاح فلاح الدارين .. ومظهر سعادة ميلاد بلاد الكرم والدين ..
يا دولة صولة جولة المجد والتمكين .. وسحاب مطر الرحمة النابتة لأرض قلوب العارفين ..
وندى مدى فلك رأفة علاّم الغيوب إن شاء الله .. وبأمر الله .. وبفضل الله ..
تقول يا رب : أمتي أمتي ، ويقول سبحانه يا حبيبي : رحمتي رحمتي ..
وعلى آلك وصحبك وسلم .
تتوالى الأيام ، وتتقادم الليالي ، وفاطمة الزهراء عليها السلام قمر يشع ، ولا يبلى بهاؤه ..
إنها كلمة طيبة ترددها شفاه المؤمنين، ومنهاج يقتدي به الصالحون ..
إنها شجرة أصلها ثابت وفرعها في السماء ، تؤتي أكلها كل حين بإذن ربها .
صحيح إن السيدة فاطمة الزهراء رضي الله عنها وأرضاها رحلت عن هذه الدنيا إلى عالم الآخرة قبل أكثر من ألف وأربعمائة عام ،
إلا أنها لم تسكن في زاوية من زوايا التاريخ ، ولم ينحصر ذكرها في أسطر مكتوية في صفحات مطويات ،
بل هي حاضرة في ضمائر المؤمنين في كل عصر ومصر ،
كما هي حاضرة في ضمائر الأحرار والحرائر من أبناء آدم وبنات حواء .
ذلك لأنها نموذج الحق ، وقمة الإيمان ،
بالرغم من حياتها القصيرة فقد كانت حافلة بالخير والبركات ، وكانت قدوة وأسوة للنساء ، فكانت الفتاة المثال والزوجة المثال ، والمرأة المثال ، ولهذا أصبحت سيدة نساء العالمين .
كانت مريم بنت عمران سيدة النساء في عصرها ، وكانت آسية امرأة فرعون سيدة نساء زمانها ، وكذلك كانت السيدة خديجة بنت خويلد رضي الله عنهما وارضاهما.
أمّا فاطمة الزهراء فقد توّجها الإسلام سيدةً للنساء على مرّ العصور .
كانت قدوة في كل شيء . . يوم كانت فتاة تسهر على راحة أبيها وتشاركه آلامه ، ويوم كانت زوجة ترعى زوجها وتوفّر له سكناً يطمئن إليه ويلوذ به عندما تعصف به الأيام ، ويوم كانت أمَّا تربّي صغارها على حبّ الخير والفضيلة والخلق الكريم ، فكان الحسن والحسين وزينب (عليهم السلام ) أمثلة سامية في دنيا الأخلاق والإنسانية
السيدة فَاطِمَةُ الزَّهْرَاءُ بنت الرسول محمد صلى الله عليه وسلم من أول زوجاته أم المؤمنين السيدة خديجة بنت خويلد رضي الله عنها وأرضاها ، وأم السبطين الإمامان الحسن والحسين والسيدة زينب وأم كلثوم رضي الله عنهما وارضاهما من زوجها وابن عم أبيها أمير المؤمنين الإمام علي بن أبي طالب كرم الله وجهه ، وقد أظهر لهم النبي -عليه الصلاة والسلام- الرعاية والعناية والاهتمام .
ولدت يوم الجمعة 20 جمادى الآخرة في السنة الخامسة بعد البعثة النبوية بعد حادثة الإسراء والمعراج بثلاث سنوات (حسب الروايات الشيعية)، أو في السنة الخامسة قبل البعثة النبوية في مكة ، والنبي له من العمر خمسة وثلاثين عامًا (حسب روايات أهل السنة والجماعة)
هناك اختلاف في تاريخ ولادتها ، يذهب أهل السنة والجماعة قبل البعثة النبوية بخمس سنين وقريش تبني البيت يوم حكم والدها النبي محمد في النزاع حول الحجر الأسود في مكانه.
في بيت الوحي :
نشأت السيدة فاطمة الزهراء ( عليها السلام ) في أحضان الوحي والنبوة ، في بيت مفعم بكلمات الله وآيات القرآن المجيد ,سألتْ السيدة عائشةُ رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) ذات يوم عن سبب حبّ رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) لفاطمة هذا الحبَّ العظيم , فلقد كان رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) ينهض إذا دخلت عليه فاطمة وكان يقبِّل رأسها ويدها .
فأجاب سيدنا محمد ( صلى الله عليه وآله ) : ” يا عائشة لو علمتِ ما أعلم لأحببتيها كما أحبّ . فاطمةُ بضعة منّي فمن أغضبها فقد أغضبني ، ومن سرّها فقد سرّني ” .
وقد سمع المسلمون رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) : ” يقول إنّما سُمِّيتْ فاطمةُ فاطمةَ لأن الله عزّ وجل فَطَمَ من أحبّها من النار ” .
كانت السيدة فاطمة الزهراء تشبه سيّدنا محمّد ( صلى الله عليه وآله ) في خَلْقه وأخلاقه .
تقول السيدة أم سلمة زوجة رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) : فاطمة أشبه الناس برسول الله ( صلى الله عليه وآله ) وكانت عائشة تقول : إنّها أشبه الناس برسول الله بحديثها ومنطقها .وكانت فاطمة لا تحب أحداً قدر حبّها لأبيها .
كانت ترعى أباها وعمرها ست سنين ، عندما توفيت أمها خديجة الكبرى ، فكانت تسعى لملء الفراغ الذي نشأ عن رحيل والدتها .
وفي تلك السنّ الصغيرة شاركت أباها محنته وهو يواجه أذى المشركين في مكّة .
كانت تضمّد جراحه ، وتغسل عن ما يُلقيه سفهاء قريش , وكانت تحدّثه بما يُسلّي خاطره ويدخل الفرحة في قلبه ؛ ولهذا سمّاها سيدنا محمد (صلى الله عليه وآله ) أمَّ أبيها ، لفرط حنانها وعطفها على أبيها ( صلى الله عليه وآله ) .
شَهَدَتْ فاطمة منذ طفولتها أحداثًا جسامًا كثيرةً ، فقد كان النبي يعاني من اضطهاد قريش وكانت فاطمة تُعِينهُ على ذلك الاضطهاد وتسانده وتؤازره، كما كان يعاني من أذى عَمه أبي لهب وامرأته أم جميل من إلقاء القاذورات أمام بيته ، فكانت فاطمة تتولى أمور التنظيف والتطهير .
وكان من أشد ما قَاسَته من آلالام في بداية الدعوة ذلك الحصار الشديد الذي حُوصَرْ فيه المسلمون مع بني هاشم في شعب أبي طالب ، وأقاموا على ذلك ثلاثة سنوات ، فلم يكن المشركون يتركون طعامًا يدخل مكة ولا بيعاٌ إلا واشتروه ، حتى أصاب التَّعب بني هاشم واضطروا إلى أكل الأوراق والجلود ، وكان لا يصل إليهم شيء إلا مستخفيًا ، ومن كان يريد أن يصل قريبًا لهُ من قريش كان يصله سرًا .
وقد أثر الحصار والجوع على صحة السيدة فاطمة عليها السلام، ولكنّه زادها إيمانًا ونضجًا ، وما كادت السيدة فاطمة الصغيرة تخرج من محنة الحصار حتى فوجئت بوفاة أمها السيدة خديجة عليها السلام فامتلأت نفسها حزنًا وألمًا ، ووَجَدَتْ نفسها أمام مسؤوليات ضخمة نحو أبيها سيدنا مُحَمَّد رسول الله صلى الله عليه وسلم ، وهو يمرّ بظروف قاسية خاصة بعد وفاة زوجته وعمّه أبي طالب ، فما كان منها إلا أن ضاعفت الجهد وتحملت الأحداث بصبر، ووقفت إلى جانب أبيها الرسول مُحَمَّد بنِ عبد الله صلى الله عليه وسلم لتقدم له العوض عن أمها وزوجته ولذلك كانت تُكنّى بـ أم أبيها.
هجرتها
حَسَبْ رواية أهل السنة:
هَاجَرَتْ الزهراء إلى المدينة المنورة وهيَ في الثامنة عشرة من عمرها وكَانَتْ مَعَها أخْتَها أم كلثوم وأُم المؤمنين سودة بنت زمعة بصحبة زيد بن حارثة وهاجر معهم: أُم المؤمنين عائشة وأمها أم رومان بصحْبَة عبد الله بن أبي بكر، وكان ذلك في السنة الأولى من الهجرة.
حَسَبْ رواية الشيعة:
هَاجَرَتْ الزهراء من مكة إلى المدينة المنورة حَيثْ هَاجَرَتْ معَ علي بن أبي طالب وأمهُ فاطمة بنت أسد وفاطمة بنت الزبير وأم أيمن بركة وقوم من ضعفاء المؤمنين، وزاد بعضهم: فاطمة بنت حمزة بن عبد المطلب وفاطمة بنت عتبة. وقد سُمِيَتْ هجْرَتُهم بهجْرَة الفواطم.
مثلما يحفظ التاريخ الأحزان والآلام يحتفظ أيضا بالأفراح والليالى الملاح، ومن هنا فقد وثقت كتب التراث الإسلامى زواج الإمام على بن أبى طالب والسيدة فاطمة الزهراء رضي الله عنهما وارضاهما،
زواج السيدة فاطمة الزهراء رضي الله عنها وأرضاها
من بيت الرسالة والنبوة حيث يشع نور الهداية ، انتقلت السيدة الزهراء(عليها السلام) لتستقر في دار الإمامة والولاية،
حيث يتلألأ الضياء الرباني والهداية المحمدية، ومن كريمة للنبي (صلى الله عليه وسلم) ، إلى قرينة للوصي(عليه السلام)، إلى أمّ مطهرة للأئمة الأطهار ، والقادة البررة الأخيار(عليهما السلام)، الجوهر هو الجوهر، والنور هو النور ، لكنها نقلة طويلة بعيدة ، من طور إلى طور ، ومن دور إلى دور ، إنها مسؤوليات جديدة، وتبعات جسام من نوع آخر ، إنها مرحلة العطاء بعد أن تم واكتمل البناء ، إنها فترة الإثمار بعد أن غطت الأزهار هام الأشجار، وانتشرت رياحينها على الأقطار ، وهكذا جاء الإمام الحسن عليه السلام ثم الحسين(عليه السلام) سيدا شباب أهل الجنة، وريحانتا رسول الله (صلى الله عليه وسلم) من الدنيا، ثم تلتهما الحوراء زينب الكبرى(عليها السلام)، ثم السيدة أم كلثوم عليها السلام ، وزادت الأعباء على كاهل الزهراء ، وبات عليها أن تتفرغ للاعتناء بالغرس النبوي المبارك، والنسل العلوي المطهر، وتربيته وتعليمه ، بالإضافة إلى الاعتناء بالزوج ، وتهيئة كل أنواع الراحة المتاحة – ولو نفسياً على الأقل – للزوج الودود العطوف، وللأولاد الذين سيهيئون لما رسم الله لهم من أدوار في قيادة سفينة الإسلام التي لا نجاة لمن تخلف عنها من المسلمين .
وقد أبلت الزهراء -مع زوجها – البلاء الحسن في تهيئة أنقى الأجواء التعليمية والتربوية لأئمة المستقبل ، الذين سيستمر بهم الدين ، إلى أن يظهر على الدين كله ولو كره المشركون والكافرون.
وقد مارست دورها التربوي هذا ، عملياً قبل أن يكون نظرياً ، وبالأفعال قبل الأقوال؛ فكانت الأم العالمة والعاملة ، والقانتة العابدة، والكريمة الباذلة ، والمنفقة المؤثرة -على نفسها وزوجها وأولادها-كل يتيم وأسير ومسكين وفقير، المتحملة شظف العيش ومر الحرمان ، الزاهدة في الدنيا ومغرياتها ، الراغبة في الآخرة ونعيمها.
بلغت فاطمةُ سنَّ الرشد ، وآن لها أن تنتقل إلى بيت الزوجية ، فخطبها كثير من الصحابة في طليعتهم أبو بكر وعمر ، وكان رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) يردّ الخاطبين قائلاً : إنني أنتظر في أمرها الوحي ، وجاء جبريل يخبره بأن الله فد زوّجها من علي ، وسمى الزواج بزواج النورين، ويحظى بأهمية كبيرة عند عموم المسلمين وخاصة الشيعة ؛ لأنّ كلاً منهما عليهما السلام من أعظم الشخصيات وأفضل الخلق بعد رسول الله صلی الله عليه وآله وسلم وأنّ الأئمة عليهم السلام هم ثمرة هذا الزواج .
ويدّل هذا الزواج أيضاً على مكانة الإمام علي عليه السلام عند النبي صلی الله عليه وآله وسلم ، حيث لم يكن كفواً غيره من الناحية المادية ؛ ليزوّج ابنته السيدة فاطمة عليها السلام به.
وهكذا تقدم علي ، والحياء يغمر وجهه ، إلى خطبة فاطمة ( عليها السلام ) .
فدخل رسول لله ( صلى الله عليه وآله ) على فاطمة ليرى رأيها وقال لها :(يا فاطمة إن علي بن أبي طالب من قد عرفْتِ قرابته وفضْله وإسلامه ، وإني قد سألتُ ربّي أن يزوِّجكِ خيْرَ خلْقه وأحبَّهم إليه ، وقد ذكر من أمرك شيئاً فما ترين ” ؟
سكتت فاطمة وأطرقت برأسها إلى الأرض حياء ، فهتف رسول الله : ” الله أكبر ! سكوتها رضاها ” , وقد تمّت مراسم العقد والزواج ببساطة تعكس سماحة الإسلام ، فقد كان علي لا يملك من دنياه شيئاً غير سيفه ودرعه ، فأراد أن يبيع سيفه ، فمنعه رسول الله لأن الإسلام في حاجة إلى سيف علي ، ولكنه وافق على بيع الدرع ، فباعه علي ( عليه السلام ) ودفع ثمنه إلى النبي ( صلى الله عليه وآله ) .
الحياة الزوجيةُ اندماج لحياتين لتصبح حياةً مشتركة . . . حياة واحدة .
حياة الأسرة تنهض على التعاون والمحبّة والاحترام .
كانت حياة علي وفاطمة (عليهما السلام ) مثالاً للحياة الزوجية الكريمة .
كان علي يساعد فاطمة في أعمال المنزل وكانت فاطمة تسعى إلى إرضائه وإدخال الفرحة في قلبه ، كان حديثهما في منتهى الأدب والاحترام .
إذا نادى علي فاطمة قال : يا بنت رسول الله ، وإذا خاطبتْه قالت : يا أمير المؤمنين ، وكانا مثال الأبوين العطوفين على أبنائهما .
تزوج الإمام علي من السيدة فاطمة فى العام الثانى للهجرة، كانت هى فى الـ18 من عمرها وكان هو يكبرها ببضع سنوات، وذكرت قصة الزواج فى عدد من الكتب، فقد ذكرها ابن كثير فى السيرة النبوية، والبيهقى فى الدلائل عن على رضى الله، وخلاصة القصة ، فيما ينسب للإمام علي : خطبت فاطمة من رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقالت مولاة لي: هل علمت أن فاطمة خُطِبَت من رسول الله؟ قلت : لا، قالت : فقد خطبت ، فما يمنعك أن تأتى رسول الله فيزوجك بها؟
فقلت: أو عندى شيء أتزوج به؟
فقالت: إنك إن جئتَ رسول الله صلى الله عليه وسلم زوّجك.
فو الله ما زالت ترجّينى حتى دخلت على رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فلما أن قعدت بين يديه أُفْحِمْتُ ، فوالله ما استطعت أن أتكلم جلالة وهيبة ، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : (ما جاء بك ، ألك حاجة؟)
فسكتّ ، فقال : (لعلك جئت تخطب فاطمة؟)
فقلت: نعم.
فقال: (وهل عندك من شىء تستحلها به؟)
فقلت: لا والله يا رسول الله
فقال: (ما فعلت درع سلحتكها؟)
قلت: فوالذى نفس على بيده إنها لحُطَمِيَّة ما قيمتها أربعة دراهم، فقلت عندي.
فقال: (قد زوجتكها) فبعث إليها بها.
وفى رواية للنسائى وصححها الألبانى أن علياً رضى الله عنه قال: “تزوجت فاطمة رضى الله عنها، فقلت : يا رسول الله! ابْنِ بِى (اسمح لى بالدخول بها)، قال : (أعطها شيئاً) قلت: ما عندى من شيء ، قال : (فأين دِرْعُكَ الْحُطَمِيَّة؟) قلتُ : هى عندى، قال: (فاعطها إياه)” درعك الحطمية : منسوبة إلى بطن من عبد القيس يقال لهم حطمة بن محارب كانوا يعملون الدروع.
الرسول يأخذ رأي فاطمة
رغم موافقة النبى عليه الصلاة والسلام على على بن أبى طالب، فقد كان يحبه ويعتز به، لكن ذلك لم يكنه من أخذ رأي فاطمة، فلما سألها “سكتت” فعرف النبى، عليه السلام أنها موافقة.
وكان جهاز بيت فاطمة والإمام على “قطيفة، وقِرْبَة، ووسادة من جلد حشوها ليف أو نبات”.
فعن على رضى الله عنه قال: (جهَّز رسول الله صلى الله عليه وسلم فاطمة فى خميل (قطيفة)، وقِرْبة، ووسادة أدم (جلد) حشوها إذخر (نبات رائحته طيبة) رواه أحمد.
وفى رواية ابن حبان: (وأمرهم أن يجهزوها، فجعل لها سريراً مشرطاً بالشرط، ووسادة من أدم حشوها ليف).
في شهر صفر من السنة الثانية من الهجرة زوج النبي ابنته فاطمة لعلي بن أبي طالب، ولم يتزوج بأخرى في حياتها، وقال ابن عبد البر: دخل بها بعد معركة أحد. وقد رُوي أن تزويج فاطمة من علي كان بأمر من الله، حيث توالى الصحابة على محمد لخطبتها إلا أنه ردهم جميعا حتى أتى الأمر بتزويج فاطمة من علي، فأصدقها علي درعه الحطمية ويقال أنه باع بعيرا له وأصدقها ثمنه الذي بلغ 480 درهما على أغلب الأقوال. وأنجب منها الإمامان الحسن والحسين في السنتين الثالثة والرابعة من الهجرة على التوالي ، كما أنجب زينب وأم كلثوم ، ويقال هناك إبن آخر إسمه المحسن والأخير حوله خلاف تاريخي حيث يروى أنه قتل وهو جنين يوم حرق الدار حسب الروايات الشيعية ، وفي روايات أخرى أنه ولد ومات في حياة النبي عليه السلام ، في حين ينكر بعض السنة وجوده من الأساس على أساس أن رسول الله صلى الله عليه وسلم في أكثر من مناسبة صرح أن علي وفاطمة والحسن والحسين هم أهل بيته مثلما في حديث المباهلة وحديث الكساء ، ويروى أنه كان يمر بدار علي لإيقاظهم لآداء صلاة الفجر ويتلو آية التطهير.
وقد روى الليث بن سعد : «تزوج علي فاطمة فولت له حسنًا، وحسينًا، ومحسنًا، وزينب، وأم كلثوم، ورقية، فماتت صغيرة ولم تبلغ»
الثمار :
في العام الثالث من الهجرة أنجبت فاطمة ( عليها السلام ) أول أولادها فسمّاه سيدنا محمد ( صلى الله عليه وآله ) ” الحسن ” ، وبمولده غمرت الفرحة قلب رسول الله ، وهو يؤذن في أذنه اليمنى ويقيم في أذنه اليسرى ويغمره بآيات القرآن .
وبعد عام وُلد الحسين ( عليه السلام ) , أراد الله أن تكون ذرّية رسوله محمد ( صلى الله عليه وآله ) من فاطمة ( عليها السلام ) .
واحتضن الرسولُ سبطيه يحوطهما برعايته ، وكان يقول عنهما : ” هما ريحانتاي من الدنيا ” .
كان يحملهما معه إذا خرج أو يُجلسهما في أحضانه الدافئة .
دخل رسول الله ذات يوم منزل فاطمة وكان الحسن يبكي جوعاً وفاطمة نائمة ، فأخذ إناءً وملأه حليباً وسقاه بنفسه ‘,ومرّ ذات يوم آخر أمام بيت فاطمة فسمع بكاء الحسين ، فقال متأثراً : ” ألا تدرون أن بكاءه يؤذيني ” , ومرّ عام جاءت بعده ” زينب ” إلى الدنيا ، وبعدها ” أم كلثوم ” ولعلّ رسول الله تذكّر ابنتيه زينب وأم كلثوم عندما سمّاهما بهذين الاسمين ,وهكذا أراد الله أن تكون ذرية الرسول في ابنته الوحيدة فاطمة الزهراء ( عليها السلام ) . . ذرّية بعضها من بعض والله سميع عليم .
اللهم صل على الطاهرة وأبيها وبعلها وبنيها والسر المستودع فيها
هـــــي الـــزهـــــراء
وذاك بـــعلـــهـــــا خير الــــورى طُــــرا بعد أبيها
لمّــا رأتهــا الكعبـــة العـصمـاءُ
تفـيــض مـن جبـيـنهـا الأضــواءُ
تسـاءلــت مَـن هــذه الحـسنــاء
فـقيـل بشـــرى هـذه الـزهـــراء
تـفـاحــة مـن ســـدرة المنتهـى
تـكـوّنــت مـن السنـــا والبهـــا ء
ذابت بصلب المصطـفــى فـازدهـى
والتـقـــت الأنــــوار والاشــذاءُ
جاء النبي إلى البتول مخبرا
زهراء هل ترضين زوجآ حيدرا ؟!
ذابت حياء ثم احنت رأسها
فرح النبي بها وصاح مكبرا
(رضيت) وإذ بالخلد تنثر وردها
فالننثر الصلوات حتى نؤجرا
جبريلُ وَافَى لِلنبيِّ وَ خَلْفهُ
الأمْلاكُ كالسِّيلِ الخِضمِّ تحَدَّرا
طَهَ سَلامٌ مِنْ لَدُن ربِّ السَّما
الله أرسَلَني إليكَ مُبشِّرا
زوِّجْ كريمتكَ الوصيَّ المُرتَضَى
والعقدُ في عَالي الجِنَانِ تقَرَّرا
اللهُ يَا طهَ تولَّى عَقْدَهُم
ولفَاطمٍ نصْفَ البسيطةِ أمْهَرَا
جَاءَ النبيُّ إلى البَتُولِ مُخبِّرَا
زهراءُ هَلْ ترضين زوجا ً حَيدَرا؟
ذابتْ حياء ً ثمَّ أحْنَت رأسَها
فرِحَ النبيُّ بها وصَاح مُكبِّرا
رضِيَت.. وإذ بالخلدِ تنثُر وردَها
فلننثر الصَّلوات حتَّى نؤجَرَا
*زفَّتْهُما الرَحَماتُ والبرَكاتُ
ودعاءُ احمدَ فوقهُم صلَواتُ
فهما مَوارِيثُ النبُوَّةِ مَسلكاً
بِفِناهُما تُستَفسَرُ الآياتُ
نورٌ تزوجَ نُورَهُ يا مرحباً
بزواجٍ ابتهجَتْ بهِ الجنّاتُ
لولا عليٌّ لم يكنْ نِدّا لها
أحدٌ ففاطِمةُ البتولُ زكاةُ
صلّى الكريمُ عليهِما إشراقةً
زوجَينِ زانَهُما هُدىً وصِلاتُ
فَمكارمُ الأخلاقِ تأخُذُ منهُما
ولديهِما تَستَشفِعُ الدَعَواتُ
أكرِمْ بزوجينِ استقاما ذمّةً
وكلاهُما في النائباتِ ثباتُ
وابناهُما سِبطا محمدَ سُؤْدَدَاً
ولَزينبُ الكبرى حِمى ونَجاةُ
صلى الإلهُ على زواجٍ طاهرٍ
في يومٍ اجتمعتْ بهِ الخَيراتُ
عُرسُ الوصيِّ الى الوصيّةِ منهجاً
تحلُو بهِ الصلواتُ والبَسمَاتُ
ما هو لقب السيدة فاطمة ابنة الرسول صلى الله عليه وسلم؟
فاطمة الزهراء :
لُقّبت فاطمة ابنة الرسول -عليه الصلاة والسلام- بالزهراء كما أورد ذلك أكثر من واحدٍ من العلماء؛ منهم: ابن حبّان البستي، والخطيب البغدادي، وابن عبد البر، وابن الأثير، وابن حجر، وغيرهم، ويُراد بلقب الزهراء أنّ فاطمة -رضي الله عنها- بيضاء مشرقةٌ مستنيرةٌ، فكان يُقال للنبيّ -عليه الصلاة والسلام- أزهر اللون؛ أي أنّه أبيض مستنير، كما ثبت في الصحيح عن أنس بن مالك -رضي الله عنه-: (كانَ رَسولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عليه وسلَّمَ أَزْهَرَ اللَّوْنِ)،
وقد أُطلق لقب الزهراء على فاطمة لأنّها كأبيها في اللون والجمال وحُسن الوجه ، وتجدر الإشارة إلى أنّه لم يرد أي دليلٍ شرعيّ ينصّ على إطلاق لقب الزهراء على السيدة فاطمة -رضي الله عنها- ، ولا يصحّ أنّها لُقّبت بالزهراء لأنّ وجهها كان يُزهر لزوجها الإمام علي بن أبي طالب -رضي الله عنه- ، أو لأنّها كانت لا تحيض فكلّ ذلك باطلٌ لا أصل له.
سيدة نساء العالمين :
هو لقب لفاطمة الزهراء عليها السلام ، بنت نبي الإسلام سيدنا محمد وزوج الإمام علي بن أبي طالب كرم الله وجهه ، لقّبه النبي عليه الصلاة والسلام بها وقد ورد أنّ مريم بنت عمران وآسيا زوجة فرعون، وخديجة بنت خويلد رضي الله عنهما وارضاهما يُطلق عليهن أيضا لقب سيدة نساء العالمين.
الروايات حول اللقب
هناك كثير من الروايات الواردة عن النبي محمد حول هذا اللقب وما شابه به، منها:
رواية المجلسي في بحار الأنوار: «أنّ رسول الله قال : فاطمة سيدة نساء العالمين من الأولين والآخرين، وإنّها لتقوم في محرابها فيسلم عليها سبعون ألف ملك من المقربين، وينادونها بما نادت به الملائكة مريم فيقولون : يا فاطمة إنّ الله اصطفاك وطهرك واصطفاك على نساء العالمين .».
ورواية عن أبي هريرة، أنه قال: أبطأ عنا رسول الله ﷺ يوما، ثم جاء. فقلنا: يا رسول الله لقد شق علينا تخلفك اليوم. فقال: إن ملكا من ملائكة السماء لم يكن زارني، فاستأذن الله تعالى في زيارتي، فأذن له. كان عندي، ويبشرني أن ابنتي فاطمة سيدة نساء العالمين.
وكذلك رواية أخرجه أبو عمر النمري في الاستيعاب عن النبي محمد أنه قال: يا بنية أما ترضين أنك سيدة نساء العالمين؟ قالت: يا أبت فأين مريم بنت عمران؟ قال: تلك سيدة نساء عالمها وأنت سيدة نساء عالمك أما والله لقد زوجتك سيدا في الدنيا والآخرة.
وحديث أخرجه الحاكم وَصححهُ عن عائشة أَن النّبي ﷺ قَال في مرضه لفاطمة: «أَلا ترضين أن تكوني سيدة نساء العالمين وسيدة نساء المؤمنين وسيدة نساء هذه الْأمة».
ما ورد عن سعيد بن المسيب عن ابن عباس قال : «ان رسول الله ﷺ كان جالساً ذات يوم، وعنده علي وفاطمة والحسن والحسين. فقال: اللهم إنك تعلم ان هؤلاء أهل بيتي وأكرم الناس علي فأحبّ من أحبّهم وأبغض من أبغضهم وأُوالي من والأهم وأُعادي من عاداهم … إلى أن يقول الرسول في حق فاطمة … وإنها لسيدة نساء العالمين. فقيل يا رسول الله، أهي سيدة نساء عالمها؟ فقال: ذاك لمريم بنت عمران؛ فأما إبنتي فاطمة فهي سيدة نساء العالمين من الأولين والآخرين، وإنها لتقوم في محرابها فيسلّم عليها سبعون ألف ملك من الملائكة المقربين، وينادونها بما نادت به الملائكة مريم فيقولون: يا فاطمة (إن الله اصطفاك وطهرك واصطفاك على نساء العالمين)».
وفي كشف الغمة للإربلي: « قال رسول الله :حسبك من نساء العالمين مريم بنت عمران وخديجة بنت خويلد وفاطمة بنت محمد وآسيا امرأة فرعون ».
فاطمة أمّ أبيها :
كانت فاطمة -رضي الله عنها- تُكنّى بأمّ أبيها كما ورد عن عددٍ من علماء التاريخ، منهم: الطبراني والذهبي الذي قال: (فاطمة -رضي الله عنها- وهي سيدة نساء هذه الأمة كُنيتها فيما بلغنا: أمّ أبيها)، وقال ابن حجر أيضاً: (فاطمة الزّهراء بنت إمام المتقين رسول اللَّه محمد بن عبد اللَّه بن عبد المطلب بن هاشم الهاشميّة، صلّى اللَّه على أبيها وآله وسلّم ورضي عنها كانت تكنى أمَّ أبيها)، ورغم ذلك فلم يرد أي دليلٍ صحيحٍ يثبت أنّ النبيّ -عليه الصلاة والسلام- كنّاها بأمّ أبيها.
فاطمة البتول :
لُقّبت فاطمة -رضي الله عنها- بالبتول، وكانت قد لُقّبت به أيضاً مريم ابنة عمران -عليها الصلاة والسلام-، وقد فسّر لقب البتول بعدّة معانٍ، منها: الانقطاع عن النساء والتفرّغ للعبادات والطاعات وترك الزواج، وقد أُطلق عليهما لقب البتول لتميّزهما عن نساء زمانهما بالدِّن والفضل والمكانة والزهد في الحياة الدنيا والرغبة بالآخرة، فقد قال الإمام النووي -رحمه الله-: (التبتّل هو الانقطاع عن النساء وترك النكاح انقطاعاً إلى عبادة الله، وأصل التبتّل القطع، ومنه مريم البتول وفاطمة البتول؛ لانقطاعهما عن نساء زمانهما دِيناً وفضلاً ورغبةً في الآخرة)، وقال ابن حجر أيضاً: (وقيل لفاطمة البتول؛ إمّا لانقطاعها عن الأزواج غير علي أو لانقطاعها عن نظرائها في الحُسن والشرف).
السيدة الطاهرة المباركة الشريفة السيدة فاطمة الزهراء هيأم شهيدي الأمة الحسين والحسن، تعد سيدة نساء أهل الجنة بعد السيدة مريم عليها السلام، وقد كانت أحب النساء إلى سيدنا رسول الله كما أن سيدنا علي بن أبي طالب رضي الله عنه وكرم الله وجهه، ابن عمه صلى الله عليه وآله وسلم وزوج السيدة فاطمة كان أحب الرجال إليه، فيما روي عن أم المؤمنين السيدة عائشة رضي الله عنها حين سئلت: “أي الناس كان أحب إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم “؟ قالت: “فاطمة”، فقيل: “من الرجال؟” قالت: “زوجها”. رواه الترمذي .
للسيدة فاطمة مكانة عظيمة في قلب أبيها صلى الله عليه وآله وسلم، فعن السيدة عائشة رضي الله عنها قالت: “ما رأيت أحدا أشبه سمتا ودلا وهديا برسول الله في قيامها وقعودها من فاطمة بنت رسول الله صلى الله عليه وسلم”، قالت: “وكانت إذا دخلت على النبي صلى الله عليه وسلم قام إليها فقبلها وأجلسها في مجلسه، وكان النبي صلى الله عليه وسلم إذا دخل عليها قامت من مجلسها فقبلته وأجلسته في مجلسها، فلما مرض النبي صلى الله عليه وسلم دخلت فاطمة فأكبت عليه فقبلته ثم رفعت رأسها فبكت، ثم أكبت عليه ثم رفعت رأسها فضحكت”، فقلت: “إن كنت لأظن أن هذه من أعقل نسائنا فإذا هي من النساء، فلما توفي النبي صلى الله عليه وسلم قلت لها: أرأيت حين أكببت على النبي صلى الله عليه وسلم فرفعت رأسك فبكيت ثم أكببت عليه فرفعت رأسك فضحكت، ما حملك على ذلك؟” قالت: “إني إذن لبذرة أخبرني أنه ميت من وجعه هذا فبكيت، ثم أخبرني أني أسرع أهله لحوقا به فذاك حين ضحكت” رواه الترمذي.
تضيف الدار : ولقد كانت رضي الله عنها شديدة التعلق بأبيها والحب له ، وفي حديث ابن أبي ثعلبة الخشني قال: “كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا قدم من سفر بدأ بالمسجد فصلى فيه ركعتين ثم يثني بفاطمة ثم يأتي أزواجه، فقدم من سفر فصلى في المسجد ركعتين ثم أتى فاطمة فتلقته على باب البيت، فجعلت تلثم فاه وعينيه وتبكي، فقال: «ما يبكيك؟» فقالت: “أراك شعثا نصبا قد اخلولقت ثيابك”، فقال: لها «لا تبكي، فإن الله قد بعث أباك بأمر لا يبقى على وجه الأرض بيت ولا مدر ولا حجر ولا وبر ولا شعر إلا أدخله الله به عزا أو ذلا حتى يبلغ حيث بلغ الليل» رواه الطبراني في “المعجم الكبير”.
وفي سبب نزول قوله تعالى: ﴿إنما يريد الله ليذهب عنكم الرجس أهل البيت ويطهركم تطهيرا﴾ [الأحزاب: 33]،
يروي الإمام الواحدي في “أسباب النزول” عن عطاء بن أبي رباح قال: حدثني من سمع أم سلمة تذكر: أن النبي صلى الله عليه وسلم كان في بيتها، فأتته فاطمة رضي الله عنها ببرمة فيها خزيرة، فدخلت بها عليه، فقال لها: «ادعي لي زوجك وابنيك»، قالت: “فجاء علي وحسن وحسين، فدخلوا فجلسوا يأكلون من تلك الخزيرة وهو على منامة له، وكان تحته كساء خيبري”، قالت: وأنا في الحجرة أصلي، فأنزل الله تعالى هذه الآية: ﴿إنما يريد الله ليذهب عنكم الرجس أهل البيت ويطهركم تطهيرا﴾ قالت: “فأخذ فضل الكساء فغشاهم به، ثم أخرج يديه فألوى بهما إلى السماء”
ثم قال: «اللهم هؤلاء أهل بيت وخاصتي وحاميتي فأذهب عنهم الرجس وطهرهم تطهيرا»، قالت: “فأدخلت رأسي البيت فقلت: وأنا معكم يا رسول الله”، قال: «إنك إلى خير، إنك إلى خير»، وفي رواية للترمذي في “سننه” عن أم سلمة أن النبي صلى الله عليه وسلم جلل على الحسن والحسين وعلي وفاطمة كساء، ثم قال: «اللهم هؤلاء أهل بيتي وخاصتي، أذهب عنهم الرجس وطهرهم تطهيرا» فقالت أم سلمة: “وأنا معهم يا رسول الله؟” قال: «إنك إلى خير».
الحوراء الإنسية : ويستشهدون برواية عن رسول الإسلام أوردها الطبراني في المعجم الكبير: (فاطمة حوراء إنسيّة ، فكلّما اشتقتُ إلى رائحة الجنّة شممتُ رائحة ابنتي فاطمة). وجاء الحديث برواية عائشة فهو: «إنّي لما أُسري بي إلى السماء، أدخلني جبريلُ الجنّة، فناولني منها تفّاحة، فأكلتُها فصارت نُطفةً في صُلبي، فلمّا نزلتُ واقعتُ خديجة، ففاطمة من تلك النطفة، وهي حوراء إنسيّة، كلمّا اشتقتُ إلى الجنّة قبّلتُها.» أما الحديث الثاني رواه الطبراني وفيه أبو قتادة الحراني وثقه أحمد وقال: كان يتحرى الصدق، وأنكر على من نسبه إلى الكذب، وضعفه البخاري وغيره، وقال بعضهم: متروك، وفيه من لم أعرفه أيضًا، وقد ذكر هذا الحديث في ترجمته في الميزان وقال فيه ابن حجر: هذا مستحيل، فإن فاطمة ولدت قبل الإسراء بلا خلاف.
الصديقة: لأنها لم تكذب قط.
المباركة: لظهور بركتها.
الزكية: لأنها كانت أزكى أنثى عرفتها البشرية.
المرضية: لأن الله سيرضيها بمنحها حق الشفاعة.
المحدثة: لأن الملائكة كانت تحدثها.
الحانية: لأنها كانت تحن حنان الأم على أبيها النبي وزوجها وأولادها، والأيتام والمساكين.
أم الأئمة. الطاهرة. المنصورة. الصادقة. الريحانة.
البضعة: لقول رسول الإسلام محمد: فاطمة بضعة مني.
اسماؤها وكناها وشبهها برسول الله صلى الله عليه وسلم
قال الإمام أبو عبدالله الصادق عليه السّلام: لفاطمة تسعة أسماء عند الله عزّوجل فاطمة، والصديقة ، والمباركة، والطاهرة، والزكية، والراضية، والمرضية والمحدثة، والزهراء.
وروى محب الدين الطبري عن عليّ عليه السّلام قال: «قال رسول الله عليه السّلام لفاطمة: يا فاطمة، تدرين لم سميت فاطمة؟ قال علي: يا رسول الله، لم سمّيت فاطمة؟ قال: إن الله عزّوجل قد فطمها وذرّيتها عن النّار يوم القيامة» أخرجه الحافظ الدمشقي، وقد رواه الامام علي بن موسى الرضا في مسنده، ولفظه ان رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم قال: انّ الله عزّوجل فطم ابنتي فاطمة وولدها ومن أحبّهم من النّار، فلذلك سمّيت فاطمة».
وروى عن ابن عباس، قال: «قال رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم: ان ابنتي فاطمة حوراء اذ لم تحض ولم تطمث، وانما سماها فاطمة لأن الله عزّوجل فطمها ومحبيها عن النار»
وقال محمّد بن الصبّان: «روى النسائي انه صلّى الله عليه وآله وسلّم قال: ان ابنتي فاطمة حوراء آدميّة لم تحض ولم تطمث، لذلك سميت زهراء اي الطاهرة فانّها لم تر لها دماً لا في حيض ولا في ولادة، وكانت تطهر في ساعة الولادة وتصلي فلا يفوتها وقت».
وروى الشبلنجي: «أخرج الديلمي مرفوعاً: انّما سمّيت فاطمة فاطمة لأنّ الله فطمها ومحبيها عن النار»
وروى باسناده عن رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم «وانّما سمّيت فاطمة البتول، لأنّها تبتّلت من الحيض والنفاس، لأنّ ذلك عيب في بنات الأنبياء، أو قال: نقصانٌ»
روى الحاكم النيسابوري باسناده عن أنس بن مالك قال: «سألت أمّي عن فاطمة بنت رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم فقالت: كانت كالقمر ليلة البدر، أو الشمس كفر غماماً إذا خرج من السحاب بيضاء مشربة حمرة لها شعر أسود من أشدّ الناس برسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم شبهاً والله، كما قال الشّاعر:
بيضاء تسحب من قيام شعرها *** وتغيب فيه وهو جثل اسحم
فكأنّها فيه نهار مشرق *** وكأنّه ليلٌ عليها مظلم»
أربعون حديثاً في فضل سيدة نساء الأولين والآخرين فاطمة الزهراء عليها السلام.
١. قال رسول الله صلى الله عليه وآله: إذا كانَ يَوْمُ القيامَةِ نادى مُنادٍ: يا أَهْلَ الجَمْعِ غُضُّوا أَبْصارَكُمْ حَتى تَمُرَّ فاطِمَة.
٢. قال رسول الله صلى الله عليه وآله: كُنْتُ إذا اشْتَقْتُ إِلى رائِحَةِ الجنَّةِ شَمَمْتُ رَقَبَةَ فاطِمَة.
٣. قال رسول الله صلى الله عليه وآله: حَسْبُك مِنْ نساءِ العالَميَن أَرْبَع: مَرْيمَ وَآسيَة وَخَديجَة وَفاطِمَة.
٤. قال رسول الله صلى الله عليه وآله: يا عَلِي هذا جبريلُ يُخْبِرنِي أَنَّ اللّه زَوَّجَك فاطِمَة.
٥. قال رسول الله صلى الله عليه وآله: ما رَضِيْتُ حَتّى رَضِيَتْ فاطِمَة.
٦. قال رسول الله صلى الله عليه وآله: يا عَلِيّ إِنَّ اللّهَ أَمَرَنِي أَنْ أُزَوِّجَكَ فاطِمَة.
٧. قال رسول الله صلى الله عليه وآله: إِنّ اللهَ زَوَّجَ عَليّاً مِنْ فاطِمَة.
٨. قال رسول الله صلى الله عليه وآله: كُلُّ بَنِي أُمّ يَنْتَمونَ إِلى عُصْبَةٍ، إِلاّ وُلدَ فاطِمَة.
٩. قال رسول الله صلى الله عليه وآله: كُلِّ بَنِي أُنثى عصْبَتُهم لأَبيهِمْ ماخَلا وُلْد فاطِمَة.
١٠. قال رسول الله صلى الله عليه وآله: أَحَبُّ أَهْلِي إِليَّ فاطِمَة.
١١. قال رسول الله صلى الله عليه وآله: خَيْرُ نِساءِ العالَمين أَرْبَع: مَرْيَم وَآسية وَخَدِيجَة وَفاطِمَة.
١٢. قال رسول الله صلى الله عليه وآله: سيّدَةُ نِساءِ أَهْلِ الجَنَّةِ فاطِمَة.
١٣. قال رسول الله صلى الله عليه وآله: إذا إشْتَقْتُ إلى ثِمارِ الجنَّةِ قَبَّلتُ فاطِمَة.
١٤. قال رسول الله صلى الله عليه وآله: كَمُلَ مِنَ الرِّجال كَثِيرُ وَلَمْ يَكْمُلْ مِنَ النساءِ إِلاّ أَرْبَع: مَرْيم وَآسِيَة وَخَديجة وَفاطِمة.
١٥. قال رسول الله صلى الله عليه وآله: أَوَّلُ مَنْ يَدْخُلُ الجَنَّةَ: عَليٌّ وَفاطِمَة.
١٦. قال رسول الله صلى الله عليه وآله: أُنْزِلَتْ آيَةُ التطْهِيرِ فِيْ خَمْسَةٍ فِيَّ، وَفِيْ عَليٍّ وَحَسَنٍ وَحُسَيْنٍ وَفاطِمَة.
١٧. قال رسول الله صلى الله عليه وآله: أَفْضَلُ نِساءِ أَهْل الجَنَّةِ: مَرْيَمُ وَآسيةُ وَخَديجَةُ وَفاطِمَة.
١٨. قال رسول الله صلى الله عليه وآله: أَوَّلُ مَنْ دَخَلَ الجَنَّةَ فاطِمَة.
١٩. قال رسول الله صلى الله عليه وآله: المَهْدِيِ مِنْ عِتْرَتي مِنْ وُلدِ فاطِمَة.
٢٠. قال رسول الله صلى الله عليه وآله: إنّ اللهَ عَزَّوَجَلَّ فَطـمَ ابْنَتِي فاطِمَة وَوُلدَها وَمَنْ أَحَبًّهُمْ مِنَ النّارِ فَلِذلِكَ سُمّيَتْ فاطِمَة.
٢١. قال رسول الله صلى الله عليه وآله: فاطِمَة أَنْتِ أَوَّلُ أَهْلِ بَيْتي لُحُوقاً بِي.
٢٢. قال رسول الله صلى الله عليه وآله: فاطِمَة بَضْعَةٌ مِنّي، يُريبُنِي ما رابَها، وَيُؤذِيني ما آذاهَا.
٢٣. قال رسول الله صلى الله عليه وآله: فاطِمَة بَضْعَةٌ مِنّي يَسُرُّنِي ما يَسُرُّها.
٢٤. قال رسول الله صلى الله عليه وآله: فاطِمَة سِيِّدةُ نِساءِ أَهْلِ الجَنِّة.
٢٥. قال رسول الله صلى الله عليه وآله: فاطِمَة بَضْعَةُ مِنّي فَمَنْ أَغْضَبَها أَغْضَبَنِي.
٢٦. قال رسول الله صلى الله عليه وآله: فاطِمَة خُلِقَتْ حورِيَّةٌ فِيْ صورة إنسيّة.
٢٧ قال رسول اللّه صلى الله عليه وآله: فاطِمَة حَوْراءُ آدَميّةَ لَم تَحضْ وَلَمْ تَطْمِث.
٢٨. قال رسول الله صلى الله عليه وآله: فاطِمَة بَضْعَةٌ مِنّي يُؤْذيِني ما آذاها وَيَنَصُبَني ما أنَصَبَها.
٢٩. قال رسول اللّه صلى الله عليه وآله: فاطِمَة بَضْعَةُ مِنّي يُغْضِبُني ما يُغْضِبُها وَيَبْسُطُني ما يَبْسَطُها.
٣٠. قال رسول الله صلى الله عليه وآله: فاطِمَة أَحَبُّ إِليَّ مِنْكَ يا عَلِيّ وَأَنْتَ أَعَزُّ عَلَيَّ مِنْها.
٣١. قال رسول الله صلى الله عليه وآله: فاطِمَة بَضْعَةٌ مِنّي وَهِيَ قَلْبِيْ وَهِيَ روُحِي التي بَيْنَ جَنْبِيّ.
٣٢. قال رسول الله صلى الله عليه وآله: فاطِمَة سيِّدَةُ نِساءِ أُمَّتِي.
٣٣. قال رسول الله صلى الله عليه وآله: فاطِمَة شُجْنَةٌ مِنّي يَبْسُطُنِي ما يَبْسُطُها وَيَقْبِضُنِي ما يَقْبُضُها.
٣٤. قال رسول الله صلى الله عليه وآله: فاطِمَة بَضْعَةٌ مِنّي يُؤلِمُها ما يُؤْلِمُنِي وَيَسَرُّنِي ما يَسُرُّها.
٣٥. قال رسول الله صلى الله عليه وآله: فاطِمَة بَضْعَةٌ مِنّي مَنْ آْذاهَا فَقَدْ آذانِي.
٣٦. قال رسول الله صلى الله عليه وآله: فاطِمَة بَهْجَةُ قَلْبِي وَابْناها ثَمْرَةُ فُؤادِي.
٣٧. قال رسول الله صلى الله عليه وآله: فاطِمَة لَيْسَتْ كَنِساءِ الآدَميّين.
٣٨. قال رسول الله صلى الله عليه وآله: فاطِمَة مُضْغَةٌ مِنّي يَقْبِضُني ما قَبَضَها وَيَبْسُطُني ما بَسَطَها.
٣٩. قال رسول الله صلى الله عليه وآله: فاطِمَة إِنّ اللهَ يَغْضِبُ لِغَضَبَكِ.
٤٠. قال رسول الله صلى الله عليه وآله: فاطِمَة إِنّ اللهَ غَيْرُ مُعَذِّبِكِ وَلا أَحَدٍ مِنْ وُلْدِكِ.
عن الحسن بن علي بن أبي حمزة، عن أبيه، عن سعيد بن جبير، عن ابن عباس، قال:
أن رسول الله صلى الله عليه واله وسلم قال :
“وأما ابنتي فاطمة، فإنها سيدة نساء العالمين .. إلى أن قال: وإني لما رأيتها ذكرت ما يصنع بها بعدي . كأني بها وقد دخل الذل بيتها، وانتهكت حرمتها، وغصب حقها، ومنعت إرثها، وكسر جنبها، وأسقطت جنينها، وهي تنادي: يا محمداه، فلا تجاب، وتستغيث فلا تغاث، فلا تزال بعدي محزونة مكروبة، باكية…
إلى أن قال:
ثم ترى نفسها ذليلة بعد أن كانت في أيام أبيها عزيزة…
إلى أن قال:
فتكون أول من يلحقني من أهل بيتي،
مواقف حب جمعت بين السيدة فاطمة والإمام علي رضي الله عنهما وارضاهما
وقبل إتمام الزواج، ذهب الرسول صلى الله عليه وسلم إلى دارهما وجلس معهما ثم طلب إناء من الماء وقرأ عليه القرآن وصب بيده على جسدهما، وقال بارك الله لكما وبارك عليكما وجمع بينكما في خير، لتبدأ بذلك أعظم قصة حب قلما يجود الزمان بمثلها، وفق تعبير «أبو السعود»، والتي نتج عنها الذرية المباركة، وهم أبناؤهما سيدنا الحسن والحسين والسيدة زينب وأم كلثوم.
مواقف كثيرة برهنت على حب السيدة فاطمة الزهراء والإمام عليّ ابن ابي طالب رضي الله عنهما وارضاهما ، فكان الإمام عليّ دائم الغزل لزوجته ، ومن تلك المواقف عندما دخل داره في مرة من المرات ، ووجدها تمسك سواك وتقوم بتنظيف أسنانها وتُزينها ، فقال مخاطبا السواك : حظيت يا عود الأراك بثغرها أما خفت يا عود الأراك أراك .. لو كنت من أهل القتال قتلتك .. ما فـاز منـي يا سواك سواك .
وكانت السيدة فاطمة عليها السلام تُبادل الإمام عليّ عليه السلام عبارات الغزل والحب ، فذات مرة كان عائدًا من الخارج ووجه متأثرًا بالشمس الشديدة ، فقالت عندما رأته : جاء الحبيب الذي أهواه من سفر.. والشمس قد اثرت في خده اثرا.. عجبت لها من تقبيل وجنته والشمس ما ينبغي لها أن تدرك القمر.
ورغم قوة سيدنا الإمام عليّ رضي الله عنه وأرضاه ، فلم يستطع حمل زوجته السيدة فاطمة الزهراء رضي الله عنها وأرضاها إلى قبرها عندما توفيت ، إذ وقف خائر القوى وقال : أعينونى على حملها ، ثم جلس على قبرها يبكي ويقول : لكل اجتماع من خليلين فرقة وكل الذي دون الفراق قليل وإن افتقادي واحداً بعد واحد دليل على أن لا يدوم خليل .
فقد توفيت فاطمة الزهراء سيدة نساء أهل الجنة رضي الله عنها وأرضاها في السنة الحادية عشرة بعد أبيها نبينا محمد صلى الله عليه وسلم بستة أشهر ، وقيل غير ذلك ، وهي أول أهل بيته لحوقا به ، ففي صحيح مسلم عن عائشة رضي الله عنها أن رسول الله صلى الله عليه وسلم دعا فاطمة ابنته فسارّها فبكت ، ثم سارّها فضحكت ، فقالت السيدة عائشة فقلت لفاطمة : ما هذا الذي سارك به رسول الله صلى الله عليه وسلم فبكيت ، ثم سارك فضحكت؟ فقالت : سارني فأخبرني بموته فبكيت ، ثم سارني فأخبرني أني أول من يتبعه من أهله، فضحكت.
تذكر مصادر السنّة التاريخية أنّ السيدة فاطمة رضي الله عنها وأرضاها توفيت نتيجة وفاة والدها.
يكتب الباحث الصوفي مظفر أوزاك: لم تذق فاطمة بعد وفاة أبيها الطعام ، بل وقد نسيت الفرح والضحك ، وبقيت في بيتها تبكي أباها ليلًا ونهارًا حتى فارقت الحياة . حيث اغتسلت حين حان فراقها ، وتكفنت وأمرت زوجها عليا رضي الله عنهما أن لا يكشفها إذا قبضت ، وأن يدرجها في ثيابها كما هي ، فدفنها علي رضي الله عنه ليلا ببقيع الغرقد ، ونزل في قبرها، العباس ، وعلي ، والفضيل، سنة إحدى عشرة من الهجرة.
زيارة السيدة الزهراء رضي الله عنها وأرضاها
يَا مُمْتَحَنَةُ امْتَحَنَكِ اللهُ الَّذِي خَلَقَكِ قَبْلَ أَنْ يَخْلُقَكِ فَوَجَدَكِ لِمَا امْتَحَنَكِ صابِرَةً ، وَزَعَمْنا أَنَّا لَكِ أَوْلِياءٌ وَمُصَدِّقُونَ وَصابِرُونَ لِكُلِّ مَا أَتَانَا بِهِ أَبُوكِ صَلَّیٰ اللهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ ، وَأَتىٰ بِهِ وَصِيُّهُ ، فَإِنّا نَسْأَلَكِ إِنْ كُنَّا صَدَّقْناكِ إِلَّا أَلْحَقْتِنَا بِتَصْدِيقِنَا لَهُما لِنُبَشِّرَ أَنْفُسَنا بِأَنَّا قَدْ طَهُرْنا بِوِلايَتِكِ ؛
ويستحبّ أيضاً أن تقول :
السَّلامُ عَلَيْكِ يَا بِنْتَ رَسُولِ اللهِ ، السَّلامُ عَلَيْكِ يَا بِنْتَ نَبِيِّ اللهِ ، السَّلامُ عَلَيْكِ يَا بِنْتَ حَبِيبِ اللهِ ، السَّلامُ عَلَيْكِ يَا بِنْتَ خَلِيلِ اللهِ ، السَّلامُ عَلَيْكِ يَا بِنْتَ صَفِيِّ اللهِ ، السَّلامُ عَلَيْكِ يَا بِنْتَ أَمِينِ اللهِ ، السَّلامُ عَلَيْكِ يَا بِنْتَ خَيْرِ خَلْقِ اللهِ ، السَّلامُ عَلَيْكِ يَا بِنْتَ أَفْضَلِ أَنْبِياءِ اللهِ وَرُسُلِهِ وَمَلائِكَتِهِ ، السَّلامُ عَلَيْكِ يَا بِنْتَ خَيْرِ الْبَرِيَّةِ ، السَّلامُ عَلَيْكِ يَا سَيِّدَةَ نِساءِ الْعالَمِينَ مِنَ الْأَوَّلِينَ وَالْآخِرِينَ ، السَّلامُ عَلَيْكِ يَا زَوْجَةَ وَلِيِّ اللهِ وَخَيْرِ الْخَلْقِ بَعْدَ رَسُولِ اللهِ ، السَّلامُ عَلَيْكِ يَا أُمَّ الْحَسَنِ وَالْحُسَيْنِ سَيِّدَيْ شَبابِ أَهْلِ الْجَنَّةِ ، السَّلامُ عَلَيْكِ أَيَّتُهَا الصِّدِّيقَةُ الشَّهِيدَةُ ، السَّلامُ عَلَيْكِ أَيَّتُهَا الرَّضِيَّةُ الْمَرْضِيَّةُ ، السَّلامُ عَلَيْكِ أَيَّتُهَا الْفاضِلَةُ الزَّكِيَّةُ ، السَّلامُ عَلَيْكِ أَيَّتُهَا الْحَوْراءُ الْإِنْسِيَّةُ ، السَّلامُ عَلَيْكِ أَيَّتُهَا التَّقِيَّةُ النَّقِيَّةُ ، السَّلامُ عَلَيْكِ أَيَّتُهَا الْمُحَدَّثَةُ الْعَلِيمَةُ ، السَّلامُ عَلَيْكِ يا فاطِمَةُ بِنْتَ رَسُولِ اللهِ وَرَحْمَةُ اللهِ وَبَرَكاتُهُ ، صَلَّىٰ اللهُ عَلَيْكِ وَعَلَىٰ رُوحِكِ وَبَدَنِكِ ، أَشْهَدُ أَنَّكِ مَضَيْتِ عَلَىٰ بَيِّنَةٍ مِنْ رَبِّكِ ، وَأَنَّ مَنْ سَرَّكِ فَقَدْ سَرَّ رَسُولَ اللهِ صَلَّی اللهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ ، وَمَنْ جَفَاكِ فَقَدْ جَفَا رَسُولَ اللهِ صَلَّیٰ اللهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ ، وَمَنْ آذاكِ فَقَدْ آذىٰ رَسُولَ اللهِ صَلَّیٰ اللهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ ، وَمَنْ وَصَلَكِ فَقَدْ وَصَلَ رَسُولَ اللهِ صَلَّیٰ اللهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَمَنْ قَطَعَكِ فَقَدْ قَطَعَ رَسُولَ اللهِ صَلَّیٰ اللهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ لِأَنَّكِ بِضْعَةٌ مِنْهُ وَرُوحُهُ الَّذِي بَيْنَ جَنْبَيْهِ
، أُشْهِدُ اللهَ وَرُسُلَهُ وَمَلائِكَتَهُ أَنِّي راضٍ عَمَّنْ رَضِيتِ عَنْهُ ، ساخِطٌ عَلَىٰ مَنْ سَخِطْتِ عَلَيْهِ ، مُتَبَرِّئٌ مِمَّنْ تَبَرَّأْتِ مِنْهُ ، مُوَالٍ لِمَنْ وَالَيْتِ ، مُعادٍ لِمَنْ عادَيْتِ ، مُبْغِضٌ لِمَنْ أَبْغَضْتِ ، مُحِبٌّ لِمَنْ أَحْبَبْتِ ، وَكَفَىٰ بِاللهِ شَهِيداً وَحَسِيباً وَجازِياً وَمُثِيباً . ثمّ تصلّي على النبيّ والأئمّة الأطهار عليهم السلام .
إبن أمير المؤمنين الإمام علي بن ابي طالب كرم الله وجهه والسيدة فاطمة الزهراء بنت رسول الله
إبن العارف بالله سلطان الأولياء السلطان محمد شمس الدين ابوهارون والإمام الصوفي العارف بالله الشيخ محمد بن هارون الشريف