قبائل و عائلات

قبيلة الرشايدة في الكويت: إرث عريق وتاريخ حافل بالبناء والعطاء

قبيلة الرشايدة تعد واحدة من أعرق القبائل التي سكنت الكويت، حيث شكلت جزءًا أساسيًا من نسيج المجتمع الكويتي. أسهم أبناؤها في بناء الدولة منذ بداياتها الأولى، وتركوا بصماتهم في مختلف المجالات السياسية والدينية والاجتماعية والاقتصادية. فلا يكاد يذكر معلم بارز في تاريخ الكويت إلا وتجد للرشايدة وأبنائها حضورًا ودورًا مؤثرًا فيه.

قد لا تكفي صفحات التاريخ لتوثيق إرث هذه القبيلة الكريمة، التي أثرت المشهد الكويتي بحكاياتها ومعالمها ومواقفها. يكاد الباحث يقف حائرًا أمام وفرة الوثائق والقصص عن أسرة أو مسجد أو حتى حي كامل ارتبط باسم الرشايدة. ومن أبرز الأمثلة، وثيقة تملك قلبان مياه في منطقة الشامية، التي وثقت للأجيال دور الرشايدة في توفير أحد أهم موارد الحياة حينذاك، وهو الماء العذب.

القلبان في الشامية: شريان حياة المجتمع الكويتي

كما اشتهرت الشامية منذ القدم بوجود القلبان، التي كانت تعد مصدرًا رئيسيًا للمياه العذبة. كانت هذه الآبار تحفر يدويًا، وتحصن بالأحجار والطين، لتصبح مصدرًا آمنًا للشرب والري. وقد لعبت عوائل كويتية بارزة دورًا كبيرًا في حفرها وصيانتها، ومنها عائلة ابن هبلة، التي ارتبطت قبيلة الرشايدة باسمها في هذه المنطقة.

كما وثقت إحدى الوثائق تملك سعد بن هندي بن هبلة لعدد من هذه القلبان في الشامية، وانتقلت ملكيتها لاحقًا إلى ذريته. كما سجلت الوثيقة دور السيد يوسف الميلم في وقف هذه القلبان لتكون صدقة جارية عن والديه وأخته، وهو ما يعكس روح العطاء والإحسان التي ميزت أهل الكويت في تلك الحقبة.

الرشايدة ودورهم في بناء الكويت

وفي هذا الصدد قال محمد راشد أحد أبناء القبيلة، أن إسهامات الرشايدة لم تقتصر على توفير المياه، بل امتدت لتشمل جميع الأنشطة البحرية التي كانت عصب الحياة الاقتصادية في الكويت، مثل الغوص والتجارة البحرية. ويؤكد العديد من المؤرخين، مثل الأستاذ سعود الديحاني والأديب عبدالله الصانع، أن الرشايدة كانوا جزءًا رئيسيًا من التركيبة السكانية للكويت القديمة والحديثة.

كانت لهم أحياء قديمة داخل سور الكويت، مثل فريج الرشايدة، الذي عُرف بروح المحبة والتعاون بين سكانه. كما أُسس مسجد ابن هبلة عام 1898 ليكون شاهدًا على حضورهم الديني والاجتماعي.

عطاء متواصل وإرث خالد

يعكس الوقف الذي قام به يوسف الميلم لقلبان المياه، بوضوح مدى حاجة المجتمع الكويتي آنذاك لهذه الموارد. هذا الوقف وغيره من أعمال الخير تؤكد حرص الرشايدة وأسرهم على تقديم العون لأبناء مجتمعهم.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى