بني مناصر.. قبيلة الشموخ التي أرخت لبطولات الجزائر عبر العصور
تجسد قبيلة بني مناصر رمزية نضالية تمتد عبر تاريخ الجزائر. حيث سطرت هذه القبيلة، التي ينحدر منها الشهيد محمد بن الحاج، ملاحم بطولية خلال المقاومات الشعبية. الشهيد بن الحاج، الذي استعيدت جمجمته من فرنسا مؤخرًا. ارتقى في ميدان الشرف وهو في الثامنة عشرة من عمره. ليظل مثالًا للروح القتالية التي ميزت أبناء هذه القبيلة منذ القدم.
تاريخ قبيلة بني مناصر
تمتد أراضي بني مناصر من شرق مستغانم وبني حواء غربًا إلى شمال المدية وشرشال شمالًا وغرب العاصمة شرقًا. كانت القبيلة في طليعة المقاومة ضد الاستعمار الفرنسي. وبرزت كقوة موحدة تحت قيادة أمحمد بن عيسى البركاني الذي أسس ما يعرف بـ “اتحادية بني مناصر”. وهي تحالف قبلي عسكري قوي دافع عن الناحية الشرقية للعاصمة خلال العهد العثماني.
مع بداية الاحتلال الفرنسي عام 1832، انضمت القبيلة إلى لواء الأمير عبد القادر. وأعلنت ولاءها له في مسجد “المائة عرصة” بشرشال. وقادت القبيلة، بقيادة البركاني، عدة مواجهات شرسة ضد الاحتلال، حيث أظهرت قوة وتنظيمًا مميزين أجبرت العدو على التفاوض مع الأمير عبد القادر وإبرام معاهدة “دي ميشال” عام 1834.
لم تهدأ روح المقاومة رغم الحملات العسكرية الفرنسية الشرسة. كما برزت معركة جبل زكار في يونيو 1842 كواحدة من أعظم ملاحم القبيلة، حيث كبدت قواتها العدو خسائر فادحة. بما في ذلك القضاء على كتيبة فرنسية كاملة. ومع سقوط دولة الأمير عبد القادر. كما استمر المقاومون في القتال بشراسة. مما كاد يؤدي إلى القضاء على الجنرال بيجو، الحاكم الفرنسي آنذاك، خلال كمين أعد له.
وفي هذا الصدد أستاذ بالمعهد العالي للفنون الدرامية الباحث رابح هوادف، كما تمكنت القوات الفرنسية من السيطرة على جبال بني مناصر في فبراير 1843 بعد معارك ضارية، ونفيت عائلة البركاني إلى فرنسا، لكن ذلك لم يضعف عزيمة القبيلة.
في عام 1871، عادت روح المقاومة بقوة مع عودة مالك البركاني من المنفى. كما تمكن القائد البركاني من توحيد القبائل وتحقيق سلسلة انتصارات عسكرية ضد الاحتلال، أبرزها معارك في بني حواء وسيدي غيلاس والداموس. ورغم استشهاده في معركة بطولية عام 1871، فإن بني مناصر استمروا في مقاومة المحتل، مؤكدين تمسكهم بالحرية حتى أواخر القرن التاسع عشر.