المزيد

قبائل الزنتان قوة تاريخية وسياسية في ليبيا

كتبت شيماء طه

قبائل الزنتان، التي تتخذ من منطقة جبل نفوسة في غرب ليبيا موطنًا لها، تعد واحدة من القبائل الليبية البارزة التي لعبت دورًا رئيسيًا في تاريخ البلاد.

تاريخ هذه القبائل ممتد عبر مئات السنين، ويتميز بسمات من الشجاعة والقوة والإنخراط الفعال في مختلف المراحل التاريخية والسياسية التي مرت بها ليبيا ، ورغم أن ليبيا تزخر بالعديد من القبائل الكبيرة، إلا أن الزنتان تمتاز بدورها المحوري في السياسة الليبية، خاصة في الفترات المعاصرة التي شهدت إنهيار نظام القذافي.

تاريخ وأصل قبائل الزنتان

تعود أصول قبائل الزنتان إلى منطقة جبل نفوسة، حيث يعتبر الجبل جزءًا من التراث التاريخي والثقافي لهذه القبائل.

الزنتان هم جزء من البربر الأمازيغيين الذين عاشوا في شمال إفريقيا منذ قرون، ولكنهم تأثروا بشكل كبير بالثقافة العربية الإسلامية بعد الفتوحات الإسلامية.

ومع مرور الوقت، أصبحت الزنتان من القبائل التي تجمع بين الثقافتين الأمازيغية والعربية، حيث يتحدثون اللغة العربية ويعتنقون الإسلام، ولكنهم يفتخرون بتراثهم الأمازيغي.

تاريخيًا، كانت قبائل الزنتان جزءًا من العديد من التحالفات القبلية في ليبيا، وشهدت مشاركات في العديد من المعارك التي خاضتها البلاد ضد الإستعمار الخارجي، سواء في مواجهة الإحتلال الإيطالي في القرن العشرين أو في سياق النزاعات الداخلية بعد استقلال ليبيا.

وتميزت القبائل بقدرتها على الحفاظ على إستقلالها النسبي، والتمتع بتأثير قوي في مناطقها الجغرافية، خاصة في جبل نفوسة.

دور قبائل الزنتان في الثورة الليبية 2011

لعبت قبائل الزنتان دورًا حاسمًا في الثورة الليبية عام 2011 ضد نظام معمر القذافي ، وكانت مدينة الزنتان واحدة من أولى المدن التي أعلنت التمرد ضد النظام، وإستطاعت الصمود أمام قوات القذافي التي حاولت إخضاعها ، تميز مقاتلو الزنتان بشجاعتهم وتنظيمهم العسكري، حيث كانوا جزءًا من كتائب الثوار الذين قاتلوا للإطاحة بالقذافي.

مع تقدم الثورة، أصبحت الزنتان مركزًا رئيسيًا للمقاومة ضد النظام، وإستضافت العديد من القادة الثوار وساهمت بشكل مباشر في العمليات العسكرية التي جرت في الغرب الليبي، بما في ذلك المعارك حول العاصمة طرابلس.

وعندما سقطت العاصمة في أيدي الثوار، كانت قوات الزنتان من بين القوات التي دخلت طرابلس وشاركت في تحريرها من سيطرة القذافي.

بعد سقوط نظام القذافي في 2011، أصبحت قبائل الزنتان قوة سياسية وعسكرية مؤثرة في ليبيا الجديدة.

لقد احتفظت بميليشياتها المسلحة التي كانت جزءًا من الثورة، وبرزت كلاعب رئيسي في الصراع على السلطة بين مختلف الفصائل الليبية .

وفي هذا السياق، سيطرت ميليشيات الزنتان على العديد من المناطق الهامة في غرب ليبيا، بما في ذلك بعض المنشآت العسكرية ومواقع إستراتيجية.

واحدة من أبرز الأحداث التي زادت من شهرة قبائل الزنتان على المستوى الدولي كانت إعتقالهم لسيف الإسلام القذافي، نجل الزعيم الليبي الراحل معمر القذافي.

ظل سيف الإسلام محتجزًا لدى ميليشيات الزنتان لسنوات عديدة، ما عزز من نفوذ الزنتان في المشهد السياسي الليبي، حيث تم إستخدام هذه الورقة للضغط في المفاوضات السياسية.

الإنقسامات الداخلية والتحديات

ورغم نفوذها، لم تكن قبائل الزنتان بمنأى عن التحديات التي تواجه ليبيا.

الانقسامات السياسية بين الشرق والغرب، والحروب الأهلية التي تلت الثورة، وضعت الزنتان في مواقف معقدة.

في البداية، دعمت قبائل الزنتان الحكومة المؤقتة في طرابلس، لكن سرعان ما انقسمت ولاءاتها نتيجة الصراع السياسي بين حكومة الوفاق الوطني المعترف بها دوليًا وحكومة طبرق المدعومة من الجيش الوطني الليبي بقيادة خليفة حفتر.

هذا الصراع أدى إلى تصدعات داخل قبائل الزنتان نفسها، حيث انقسم بعض القادة العسكريين بين دعم طرفي النزاع.

ومع ذلك، حافظت الزنتان على نوع من الاستقلالية، حيث استمرت في لعب دور موازن بين مختلف الفصائل، محاولة الحفاظ على مصالحها في ظل الفوضى السياسية.

الدور المستقبلي للزنتان في ليبيا

يبقى السؤال الرئيسي هو الدور الذي ستلعبه قبائل الزنتان في مستقبل ليبيا.

على الرغم من التحديات التي تواجهها البلاد، تتمتع الزنتان بموقع إستراتيجي مهم في غرب ليبيا وبقوة عسكرية وسياسية لا يمكن تجاهلها.

بقدرتها على التفاوض والوساطة بين الفصائل المتصارعة، قد تلعب الزنتان دورًا في توحيد البلاد أو على الأقل في الحفاظ على الاستقرار في مناطق نفوذها.

إضافة إلى ذلك، يُتوقع أن تلعب قبائل الزنتان دورًا في أي عملية سياسية شاملة تهدف إلى إعادة بناء الدولة الليبية، خصوصًا إذا ما تم تحقيق تسوية بين الأطراف المتنازعة.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى