محمد عبد الله دراز: عالم أزهري وفيلسوف إسلامي في خدمة العلم والوطن
شيماء طه
عائلة دراز هي عائلة مصرية مرموقة، لها إسهامات بارزة في العديد من المجالات، خصوصاً في المجال الديني. ومن أبرز أفرادها الشيخ محمد عبد الله دراز، الذي كان رمزاً للفكر الأزهري والتجديد الإسلامي.
حياة محمد عبد الله دراز ودراسته
ولد محمد عبد الله دراز في قرية “محلة دياي” بمحافظة كفر الشيخ في الثامن من نوفمبر عام 1894م، وسط أسرة علمية. والده هو الشيخ عبد الله دراز، الفقيه اللغوي الذي قدّم شروحات لكتاب “الموافقات” للإمام الشاطبي.
تلقى دراز تعليمه في الأزهر الشريف، حيث حصل على الشهادة الثانوية الأزهرية عام 1912م، ثم نال شهادة العالمية عام 1916م. بعد ذلك، تم اختياره للتدريس في القسم العالي بالأزهر، لكن طموحه لم يتوقف عند ذلك؛ إذ انطلق في بعثة علمية إلى فرنسا، حيث حصل على شهادة الدكتوراه من جامعة السوربون بامتياز.
عاد إلى مصر ليتولى التدريس في جامعة القاهرة ودار العلوم وكلية اللغة العربية، كما حصل على عضوية كبار العلماء عام 1949م.
علاقته بالقرآن الكريم
كانت علاقة دراز بالقرآن الكريم جوهرية ومحورية في حياته العلمية والعملية. فقد ركّز اهتمامه على القرآن بشكل حصري، حتى أن أغلب أعماله كانت تدور حوله. وكان يواظب على قراءة ستة أجزاء من القرآن يومياً دون كلل، ويكنّ للقرآن تعظيماً كبيراً، حتى أنه كان يسجد سجود التلاوة أثناء محاضراته في التفسير.
وصفه الشيخ محمد أبو زهرة، رفيق دراز في المؤتمر الإسلامي بلاهور، بأنه لم يكن يُرى إلا قارئاً للقرآن أو مصلياً. كما أسس دراز مجالين علميين جديدين هما: علم أخلاق القرآن، وكتب فيه “دستور الأخلاق في القرآن”، وعلم مصدر القرآن، الذي ألف فيه كتابيه “النبأ العظيم” و”مدخل إلى القرآن الكريم”.
دوره الوطني
لم يكن محمد عبد الله دراز بعيداً عن قضايا وطنه وأمته، فقد شارك بفعالية في ثورة 1919م، وتحدث باللغة الفرنسية أمام السفارات الأجنبية في مصر لتوضيح قضية بلاده. وامتدت اهتماماته الوطنية لتشمل دعم حركات التحرر العربية في فلسطين والمغرب والجزائر أثناء وجوده في فرنسا.
وبعد حياة حافلة بالعلم والنضال، توفي العالم والمفكر محمد عبد الله دراز أثناء حضوره مؤتمر الأديان في لاهور عام 1958م. تاركاً وراءه إرثاً علمياً وفكرياً غنياً لا يزال يلهم الأجيال.