في ذكري وفاة أمير الصحافة.. لقطات من حياة محمد التابعي
أميرة جادو
عندما نتناول تاريخ مصر في القرن العشرين، لا بد أن نذكر أحد أبرز الشخصيات التي أثرت في مجال الصحافة والسياسة بشكل كبير، وهو محمد التابعى، الذي يعتبر أحد أعلام الصحافة المصرية. اليوم، تحل ذكرى رحيله، واحتفظت شخصيته بمكانة هامة في تاريخ الصحافة المصرية. كما ظهرت شخصيته في العديد من الأعمال الدرامية، مثل مسلسل “أسمهان”، وحلقتين في مسلسل “ناصر”، بالإضافة إلى أفلام أخرى مثل “الرجل الذي فقد ظله”.
مسيرة محمد التابعى العلمية
وُلد محمد التابعى، الذي يُدعى محمد وهبة، في ظروف تاريخية غامضة بعض الشيء. إذ اختلف المؤرخون بشأن مكان وتاريخ ولادته، فبعض المصادر تشير إلى أنه وُلِد في السمبلاوين عام 1895، بينما تفيد أخرى أنه وُلِد في بورسعيد في 18 مايو 1896، كما ورد في مقال لصحيفة “الأهرام”. درس التابعى في المدرسة الأميرية الابتدائية في المنصورة وحصل على شهادة الابتدائية عام 1912، ثم انتقل إلى المدرسة السعيدية الثانوية بالقاهرة، وتابع دراسته في مدرسة محرم بك بالإسكندرية، حيث حصل على التوجيهية في عام 1917. بعد ذلك، التحق بكلية الحقوق في الجامعة الأهلية، حيث بدأ في قراءة الكتب المسرحية والترجمات، لكنه ترك الدراسة ليعمل في وزارة التموين في السويس ثم في مصلحة السجون.
البداية الصحفية والشهرة التي حققها
بدأت مسيرته الصحفية مع جريدة “الإجيبشيان جازيت” حيث عمل ناقدًا فنيًا، وكان يوقّع مقالاته بأسماء مستعارة. إلا أن الشهرة بدأت تطارده بعدما نشر مقالًا عن المسرحية الشهيرة “غادة الكاميليا” في صحيفة “الأهرام”. وتوالت مشاركاته الصحفية في عدد من الصحف والمجلات البارزة مثل “الأهرام”، و”الإجبيشيان جازيت”، و”أبو الهول”، و”النظام”، و”السياسة”. وفي عام 1925، دعته فاطمة اليوسف للعمل في مجلتها “روز اليوسف”، وعندما سافرت إلى أمريكا في 1928، تولى التابعى إدارة المجلة، وحولها من مجلة فنية وأدبية إلى مجلة سياسية، ما زاد من انتشارها.
إنجازات التابعى وإنشاء مجلته الخاصة
أسس محمد التابعى مجلته الخاصة “آخر ساعة” عام 1934، كما شارك في تأسيس جريدة “المصري” مع محمود أبو الفتح وكريم ثابت في عام 1936، إلا أنه سرعان ما تركها وركز على مجلته الخاصة. وكانت “آخر ساعة” تتناول أبرز الشخصيات الفنية والسياسية في مصر. كما كان على صلة وثيقة بعدد من الشخصيات السياسية. مثل أحمد حسنين باشا، وكتب عن أسمهان، التي كانت تربطه بها علاقة صداقة قوية.
أصبح التابعى مرجعًا صحفيًا للكثير من الكتاب والصحفيين الذين درسوا على يديه. مثل محمد حسنين هيكل، والأخوين مصطفى وعلي أمين، وإحسان عبد القدوس، وكامل الشناوي. كما شارك مع الأخوين أمين في تأسيس “أخبار اليوم” عام 1944، وفي عام 1946، دمج مجلته “آخر ساعة” مع “أخبار اليوم”، وأصبح مديرًا لها. في عام 1952، تولى إدارة تحرير مجلة “الأخبار”، وكان أول رئيس تحرير لدار “أخبار اليوم” بعد تأميمها.
إسهاماته الأدبية وسيرته الشخصية
ألّف محمد التابعى العديد من الكتب التي تتعلق بسير الشخصيات والأحداث السياسية، مثل “من أسرار الساسة والسياسة”، و”أسمهان تروي قصتها”، و”عندما نحب”. وغيرها من الأعمال التي تروي قصصًا عن الشخصيات التي قابلها في حياته. كما كتبت العديد من الكتب حول سيرته الشخصية. مثل “سيرته الذاتية” من تأليف صبري أبو المجد، و”غراميات عاشق بلاط صاحبة الجلالة” للكاتب حنفي المحلاوي.
حياته الشخصية وزواجه المتأخر
تزوج محمد التابعى في سن الستين من السيدة هدى حسن القرني وكان الفارق بينهما 28 عامًا. أنجب منها ابنه محمد وابنته شريفة. رغم المعاناة الصحية والمالية التي تعرض لها التابعى في سنواته الأخيرة. إلا أنه ظل يكتب وينشط حتى رحيله في 24 ديسمبر 1976 بمدينة السمبلاوين، محافظة الدقهلية.
ظل محمد التابعى، أمير الصحافة المصرية، أحد الأسماء اللامعة في تاريخ الصحافة والسياسة وله تأثير واضح على الأجيال الصحفية التي تتابع عمله حتى اليوم.