غزة تحت النار: تشيلي تنضم إلى معركة قانونية ضد إسرائيل والإبادة الجماعية
منذ السابع من أكتوبر، تتواصل العملية العسكرية الإسرائيلية على قطاع غزة، مما تسبب في دمار هائل وأزمة إنسانية غير مسبوقة لسكان القطاع البالغ عددهم حوالي 2.4 مليون نسمة. هذه الحرب دفعت جنوب إفريقيا إلى تقديم دعوى ضد إسرائيل في محكمة العدل الدولية، تتهمها بارتكاب جرائم إبادة جماعية بحق الشعب الفلسطيني. وقد انضمت تشيلي مؤخرًا إلى هذه القضية في خطوة جديدة تهدف إلى تعزيز الضغوط القانونية والدولية على الاحتلال الإسرائيلي.
معركة قانونية ضد إسرائيل
في 26 يناير، أصدرت محكمة العدل الدولية قرارًا يطالب إسرائيل باتخاذ جميع التدابير لمنع ارتكاب أي أفعال تشملها المادة الثانية من اتفاقية منع الإبادة الجماعية. وتأتي هذه الخطوة بعد أن تقدمت جنوب إفريقيا في ديسمبر 2023 بشكوى رسمية تتهم فيها إسرائيل بارتكاب إبادة جماعية وتهجير قسري للفلسطينيين خلال الحرب الدائرة. وتعد هذه القضية واحدة من أهم التحركات القانونية الدولية الرامية إلى مساءلة إسرائيل عن انتهاكاتها بحق الفلسطينيين.
في جلسة علنية عقدت بمحكمة العدل الدولية في لاهاي في يوليو 2024، أكد القضاة أن سياسات الاستيطان الإسرائيلية في الأراضي الفلسطينية المحتلة تعد انتهاكًا صريحًا للقانون الدولي. وأوضحت المحكمة أن المستوطنات الإسرائيلية في الضفة الغربية والقدس الشرقية تتعارض مع اتفاقية جنيف الرابعة، وأن الاحتلال الإسرائيلي يجب أن ينتهي فورًا. كما شددت المحكمة على أن ممارسات الاحتلال الإسرائيلي، بما في ذلك النقل القسري للفلسطينيين، تضر بوحدة وسيادة الأراضي الفلسطينية، التي يجب احترامها وفقًا للقانون الدولي.
هذه الجهود القانونية تأتي في ظل تصاعد الضغوط الدولية على إسرائيل، التي تواجه اتهامات بانتهاك حقوق الإنسان وارتكاب جرائم حرب بحق الشعب الفلسطيني. وتعد مشاركة تشيلي في هذه القضية بمثابة رسالة قوية من دول العالم التي تؤيد الحق الفلسطيني وترفض ممارسات الاحتلال. فمحكمة العدل الدولية لم تكتفِ بإدانة سياسات الاستيطان، بل شددت على أن وجود المستوطنين الإسرائيليين في الأراضي المحتلة غير شرعي، وعلى الدول ألا تعترف به وألا تقدم أي مساعدة تسهم في استمرار هذا الوضع.
وفي خطوة هامة على المستوى الدولي، قدمت فلسطين في نوفمبر 2022 طلبًا للجنة الرابعة للأمم المتحدة للحصول على رأي استشاري من محكمة العدل الدولية حول التداعيات القانونية لاحتلال إسرائيل للأراضي الفلسطينية واستمرار انتهاكها لحق الشعب الفلسطيني في تقرير المصير. وقد اعتبرت المحكمة أن هذه الانتهاكات تؤثر بشكل كبير على الوضع القانوني للأراضي الفلسطينية، مما يعزز الحاجة إلى ضغط قانوني ودبلوماسي عالمي لإيقاف الاحتلال.
وبعد انضمام تشيلي للقضية، يرى المحامي والمحلل السياسي زيد الأيوبي أن هذه الخطوة تشكل تحولًا مهمًا في مسار القضية الفلسطينية على الساحة الدولية. فهي تعكس “السقوط الأخلاقي” لإسرائيل وتدل على رفض العالم لممارساتها ضد الفلسطينيين. وأشار الأيوبي إلى أن تشيلي، التي تعد من الدول الداعمة للحق الفلسطيني، ستفتح الباب أمام انضمام دول أمريكا الجنوبية الأخرى إلى هذا التحرك، مما سيزيد من الضغط الدولي على إسرائيل.
وأضاف الأيوبي أن القضية الفلسطينية تظل حاضرة في وجدان العالم، وأن انضمام الدول إلى هذه القضية يعني دعمًا متزايدًا لحق الفلسطينيين في إقامة دولتهم المستقلة وعاصمتها القدس الشرقية. كما أشار إلى أن هذه التحركات تمثل حماية وصيانة للحقوق الفلسطينية على المدى الطويل، خاصة في ظل تعنت إسرائيل ورفضها لأي محاولات لمساءلتها دوليًا.
في النهاية، يبقى السؤال الأهم: كيف ستتعامل إسرائيل مع هذه الضغوط المتزايدة، وما هي الخطوات القادمة للدول الداعمة للقضية الفلسطينية في سعيها لتحقيق العدالة وإنهاء الاحتلال؟