سنان بن ثابت بن قرة: عالم الطب والفلك الذي خدم خلفاء بغداد
أبو سعيد سنان بن ثابت بن قرة، الذي توفي في عام 331 هـ، كان أحد أعلام عصره في مجالات الطب والعلوم. ورث عن أبيه معرفته العميقة بالعلوم المختلفة وتفوق في مهنة الطب، كما اشتهر بمهارته الفائقة في علم الهيئة. خدم خلفاء العصر العباسي، بما فيهم المقتدر بالله والقاهر والراضي بالله، حيث لعب دورًا بارزًا في تطوير الطب في تلك الفترة.
من هو سنان بن ثابت
وفقًا لابن النديم في كتاب الفهرست، تعرض سنان بن ثابت لضغوط من القاهر بالله لاعتناق الإسلام، مما دفعه للهرب. ومع ذلك، عاد لاحقًا وأسلم، واستقر في بغداد حتى وفاته نتيجة إصابته بمرض الذرب.
في بغداد، تقلد سنان بن ثابت إدارة البيمارستانات، وأشرف على إنشاء وتطوير المستشفيات. في أول يوم من شهر المحرم عام 306 هـ، افتتح بيمارستان السيدة في سوق يحيى، حيث أشرف على ترتيب الأطباء واستقبال المرضى، وبلغت نفقات هذا المستشفى 600 دينار شهريًا. كما أوصى سنان بإنشاء بيمارستان آخر للمقتدر بالله، الذي أنفق عليه 200 دينار شهريًا، وأصبح يعرف باسم “البيمارستان المقتدري” في باب الشام.
في عام 319 هـ، ارتكب أحد الأطباء خطأ أدى إلى وفاة أحد العامة، فأمر الخليفة بإلزام الأطباء بالخضوع لفحص تحت إشراف سنان بن ثابت للتأكد من كفاءتهم. هذا الإجراء يعكس مدى تأثير سنان في تنظيم مهنة الطب في بغداد وضمان جودتها.
لسنان بن ثابت العديد من المؤلفات التي تؤكد تنوع معارفه واهتماماته، والتي تشمل الطب والفلك والفلسفة. من بين هذه الأعمال رسائل في تاريخ ملوك السريانيين، الاستواء، النجوم، ومقالات حول الفلك ومذاهب الصابئين. كما أنه نقل إلى اللغة العربية العديد من النصوص المهمة، مثل نواميس هرمس وكتب أرشميدس في الهندسة. ولعب دورًا محوريًا في تعديل وترجمة بعض الأعمال العلمية والفلسفية من السريانية إلى العربية، منها إصلاحه لكتب أبي سهل الكوهي وكتابات أخرى في الهندسة.
سنان بن ثابت لم يكن مجرد طبيب متميز، بل كان أيضًا جسرًا لنقل العلوم والمعرفة بين الحضارات، حيث أسهم في توسيع أفق الطب والفلك والهندسة في عصره.