البرامكة: القوة الخفية وراء صعود وسقوط الخلافة العباسية
البرامكة، أو كما يعرفون بالفارسية “برمكيان”، هي عائلة ذات أصول فارسية تعود إلى برمك المجوسي، أحد كبار سدنة بيت النار في العهد المجوسي. على الرغم من عدم وجود دليل على إسلام جدهم الأول، إلا أن البرامكة لعبوا دورًا محوريًا في الدولة العباسية، حيث كان يحيى بن خالد البرمكي من أقرب المستشارين للخليفة هارون الرشيد. فقد تولى تربيته منذ الصغر، ورضعت زوجته الخليفة الرشيد، مما جعلهم في موقع نفوذ غير مسبوق.
من هم البرامكة:
حينما أراد الرشيد تعيين ولي للعهد، تم اختيار ابنه الأمين وهو لم يتجاوز الخامسة من عمره، تحت ضغط والدته زبيدة وأخواله، رغم علم الرشيد بصفات المأمون القيادية وحكمته التي كانت تشبه أجداده. إلا أن ضغوط البيت العباسي وتفضيلهم للأمين كونه هاشمي الأبوين دفعت الرشيد إلى تفضيله، خصوصًا في ظل التوترات المتزايدة بين العرب والفرس داخل البلاط، والتي كانت البرامكة في قلبها.
البرامكة، ورغم دعمهم في البداية لتولية الأمين، بدأوا يشككون في صواب اختيارهم عندما أصبح الأمين شابًا وتنامى نفوذ والدته زبيدة، التي كانت تسعى للحد من نفوذهم المتزايد. أدرك البرامكة أن بقاءهم في السلطة يتطلب دعمًا أكبر، فقاموا بتحريك الرشيد لعقد ولاية العهد للمأمون، الشاب الذي كانت أمه فارسية، وذلك لتقويض نفوذ الأمين وزبيدة.
في النهاية، استطاع البرامكة إقناع الرشيد بتوزيع ولاية العهد بين أبنائه، حيث عقدها أولاً للأمين، ثم للمأمون، وأخيرًا للقاسم، مما أدى إلى تصاعد التوترات داخل الأسرة العباسية. كانت هذه القرارات بمثابة الشرارة التي أشعلت الصراع بين الأخوين الأمين والمأمون، والذي أدى في النهاية إلى سقوط البرامكة واندلاع حرب أهلية أنهكت الخلافة العباسية.