تاريخ ومزارات

خان أسعد باشا في إدلب: تحفة عثمانية مهجورة

يُعرف “خان أسعد باشا” في إدلب، والذي يُشار إليه أحيانًا بـ”الثكنة”، بأنه أحد الخانات المهجورة التي كانت لها أهمية كبيرة في العهد العثماني. يقع هذا الخان مقابل “خان مراد باشا” أو ما يُعرف حاليًا بمتحف “المعرة”، ويفصل بينهما “شارع أبي العلاء” وساحة صغيرة تحتضن حديقة تُدعى “السبع بحرات”. كان “خان أسعد باشا” الخان الثاني في مدينة “المعرة”، حيث اكتسب مكانة بارزة باعتباره ثكنة عسكرية للجند العثمانيين، وتم بناء مستودع محصن بجواره لحفظ الأسلحة والمعدات العسكرية.

تاريخ خان أسعد باشا 

يعود بناء خان “أسعد باشا” إلى منتصف القرن الثامن عشر، ويُعد تحفة معمارية بطراز عثماني فريد. يتخذ الخان شكلًا مربعًا، ويضم أجنحة خارجية وأروقة داخلية مدعومة بدعائم حجرية متقنة الصنع. وسط “الخان” توجد ساحة مرصوفة ببلاط حجري، يتوسطها مصلى صيفي وتحيط بها أربعة أروقة، يقوم كل منها على عشرة قناطر. خلف الأروقة، توجد غرف ذات سقوف مدعومة بدعائم مربعة، إلا أن بعضها تعرض للتلف. يتميز الخان بوجود طبقة ثانية على السطح الشمالي فوق المدخل الرئيسي، حيث تحتوي هذه الطبقة على صف مزدوج من الغرف، خمس غرف في كل صف، بسقوف على شكل قباب شبه بيضية.

كان “خان أسعد باشا” في السابق يمثل محطة استراحة مجانية لخدمة المسافرين والفقراء، ويضم بداخله حوض ماء تحت قوس حجري تهدم جزء كبير منه خلال فترة الحكم العثماني.

قام ببناء هذا الخان “أسعد باشا العظم”، وهو شخصية من عائلة باشوية وُلد في المعرة عام 1117 هـ. يُعتبر أسعد باشا العظم أول عربي يتسلم ولاية بلاد الشام، وقد بنى عدة خانات في مدن مثل “المعرة”، “دمشق”، “حماة”، “صيدا”، و”طرابلس”. تولى ولاية دمشق في عام 1743 م، وبنى فيها دارًا فاخرة تعتبر من أجمل الدور في تلك الفترة، حيث أنفق عليها أموالًا طائلة، وهو ما يتماشى مع سمعته كأحد أغنياء عصره.

يتبع خان “أسعد باشا” عدة منشآت تشمل 5 دور و5 محلات تجارية ومقهى قديم تحول لاحقًا إلى محل تجاري. وما زالت هذه المحلات مشغولة حتى يومنا هذا. المدخل الرئيسي للخان يشبه مدخل “خان مراد باشا”، ويعلوه حجر كبير نقش عليه شعر يمتدح من قام ببنائه. وفقًا لكتاب حوليات “المعرة” الأثرية، فإن الأبيات الشعرية على المدخل تقول:

جزاك الله أسعد كل خيرٍ… وإسعافاً مع الفضل الجزيل
لما بمعرةٍ شيدت خاناً… تسامى في الثناء عن المثيل
بناؤك مثل طولك… مطيل راسخ لابن السبيل.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى