الغساسنة..من أصولهم في اليمن إلى مملكتهم في الشام

الغساسنة قبائل عربية، أصلها من الأزد من كهلان، من عرب الجنوب من قحطان. رحلوا من اليمن خلال القرن الثاني الميلادي إثر سيل العرم، الذي تسبب في تخريبات وانهيارات في سد مأرب. نزلت قبائل الأزد في مكان عين ماء بالمشلل يقال له غسان فنسبوا إليه. ومن ثم استقروا في يثرب لفترة، ثم انتقلوا إلى جنوب الشام بين 200-300 ميلادي، وأصبحوا مهيمنين في صحراء الأردن وجنوب شرق الشام بحلول القرن الرابع الميلادي.

كما ان أقدم نقش ذكر فيه الغساسنة يعود إلى عهد الملك إل شرح يحضب الثاني (255م – 260م). وعثر على نقوش عدة تذكر ملوك الغساسنة مثل نقش بين العلا والمدينة المنورة بالخط النبطي المتأخر، ونقش في جنوب فلسطين للملك ثعلبة بن عمرو بن جفنة. كما ذكرت (أرض غسان) بالقرب من (أرض نزار) في نقش عبدان المؤرخ سنة 470 حـ بالتقويم الحميري الموافق 360م.

بعد استقرارهم في بلاد الشام، أقام الغساسنة دولة حاجزة بين سوريا والساسانيين بالتحالف مع الإمبراطورية الرومانية. اعترف الرومان لهم بنوع من السيادة ومنحوهم ألقاباً سياسية رفيعة. شارك الغساسنة الرومان في قتال الساسانيين، وامتدت سلطتهم على القبائل العربية جنوب سوريا وفلسطين والأردن.

وقد ظلت المملكة الغسانية موالية للبيزنطيين حتى الربع الأول من القرن السابع الميلادي عندما أسقط المسلمون مملكتهم عقب معركة اليرموك سنة 636م. دخل الغساسنة في تحالف مع العرب المسلمون وشاركوا في فتح شمال أفريقيا والأندلس وانتشروا فيها. اعتمد عليهم الخلفاء الأمويون في إدارة الدولة لخبرتهم في إدارة الدواوين ودور المال. اعتنق عدد قليل من الغساسنة الإسلام بعد الفتح الإسلامي؛ وظلَّ معظمهم على الديانة المسيحية وانضموا إلى المجتمعات الملكانيَّة والسريانيَّة ضمن ما هو الآن الأردن وفلسطين وإسرائيل وسوريا ولبنان.

وقد امتدت سيطرتهم من تدمر والرصافة والكرك في الأردن إلى البحر. كانت عاصمتهم بالجابية في الجولان، واتخذوا جلق بالقرب من دمشق مركزاً لهم مدة من الزمن. لم يمتد نفوذهم إلى المدن المحصنة كدمشق أو بصرى.

وهكذا تنتسب العديد من القبائل والعوائل العربية المسيحية المعاصرة في سورية والأردن ولبنان وفلسطين إلى الغساسنة. وكان لهم تأثير كبير في تاريخ المنطقة والثقافة العربية القديمة.