المزيد

معن بشور يكتب: بين لبنان 1982 وغزة 2023 المقاومة تواصل وتكامل وتراكم

من عاش أيام الحرب الإسرائيلية على لبنان عام 1982 وملحمة حصار بيروت التي استمرت اكثر من 80 يوماً وتلاحمت فيها قوى وطنية وشعبية لبنانية مع المقاومة الفلسطينية والجيش العربي السوري والعديد من المتطوعين العرب يستطيع ان يدرك ربما،

أكثر من غيره أهمية ملحمة ” طوفان الأقصى ” وتداعياتها وأبعادها الاستراتيجية ، بل أن يجعل دروس تلك التجربة المهمة في حياة لبنان وثورة فلسطين في خدمة المجاهدين الأبطال في غزة وعموم فلسطين وكافة ساحات المقاومة.

الدرس الأول : ان هذا العدو لا يحتاج الى أعذار ليشن حروبه العدوانية لا في لبنان ، ولا في فلسطين، ولا في أي أرض عربية، فالحرب الإسرائيلية على لبنان عام 1982 وقعت بذريعة محاولة اغتيال قام بها عضو تنظيم منشق عن منظمة التحرير ضد السفير الإسرائيلي في بريطانيا فجاء الرد حرباً على منظمة التحرير وقواتها في لبنان ، تماماً كما جرى في ملحمة ” طوفان الأقصى” حيث نسي المحتل أن العملية الكبيرة التي قامت بها “حماس” في السادس من تشرين أول 2023 كانت رد فعل على الاحتلال نفسه وعلى جرائم ومجازر متواصلة بحق الشعب الفلسطيني وعلى انتهاك مهين لمقدسات المسلمين والمسيحيين في القدس .

الدرس الثانى : ان الحرب الإسرائيلية عام 1982 استهدفت تصفية المقاومة الفلسطينية ممثلة بحركة (فتح) ومنظمة التحرير الفلسطينية، فإذ بالمقاومة الفلسطينية تنمو ويتسع تأثيرها بعد تلك الحرب التي ظن أربابها انهم بإخراج المقاومة الفلسطينية من لبنان سيقضون عليها وإذ بهذه المقاومة تعود الى التألق في انتفاضتين عامي 1987و 2000 وبالعديد من العمليات البطولية ، وبولادة حركتين مقاومتين اسلاميتن فاعلتين هما حركة “حماس” و “الجهاد الإسلامي” بحيث انتقلت المقاومة الى الداخل الفلسطيني وباتت تمتلك من القدرات ما جعلها تصمد أكثر من 8 أشهر بوجه واحد من أكثر الحروب شراسة ووحشية.

الدرس الثالث : لقد كشفت يوميات تلك الحرب الإسرائيلية على لبنان أننا أمام عدو لا يلتزم بتعهداته ولا بأي اتفاقات يتم عقدها معه، معتمداً في سلوكه على دعم من يكون راعياً لهذه الاتفاقات.
فاتفاق فيليب حبيب المبعوث الأميركي الى لبنان في تلك الحرب كان ينص على عدم دخول العاصمة بيروت بعد انسحاب القوات الفلسطينية والسورية منها، وعلى حماية المخيمات بقوات متعددة الجنسيات، فإذ بهذا العدو يقتحم العاصمة بيروت ويرتكب مجزرة صبرا وشاتيلا وهذا درس ينبغي ان يبقى ماثلاً في الأذهان .

الدرس الرابع : ظن العدو انه في حرب 1982 قد تمكن من انهاء المقاومة الفلسطينية في لبنان، فإذ به يتسبب باحتلاله وصراعه بولادة مقاومة لبنانية راسخة وشامخة، من القوى الوطنية الشعبية والإسلامية تلحق به العزائم بدءاً من بيروت عام 1982 التي خرج منها العدو مذعوراً وصولاً الى كل الجنوب (ما عدا مزارع شبعا وتلال كفرشوبا) عام 2000 ، بل ليواجه هزيمة عسكرية عام 2006 أسست للعديد من هزائمه العسكرية فيما بعد لا سيّما في ملحمة ” طوفان الأقصى”.

الدرس الخامس: رغم انه من غير الجائز ان نقارن بين حجم التوحش والاجرام اللذين أظهرهما العدو الصهيوني في غزة في ملحمة “طوفان الأقصى” وبين حجم توحش واجرام في أي حرب سابقة بينه وبين الفلسطينيين والعرب، إلا ان بذور التوحش في غزة كانت موجودة في حربه على لبنان بمدنه وقراه ومخيماته في حرب 1982، بل ان هدم المباني على ساكنيها كان اول ما شهدناه في بيروت، كذلك ما شهدناه في مجزرة صبرا وشاتيلا، بما يؤكد ان الاجرام والتوحش متأصلان في عقيدة هذا الكيان وفي عقل قادته وممارسة جيشه.

الدرس السادس : بقدر ما فاجأت المقاومة اليوم العدو بوحدة ساحاتها الممتدة من فلسطين الى لبنان الى سورية الى العراق الى اليمن الى الجمهورية الإسلامية في ايران ، كانت حرب 1982 في لبنان ساحة التقى فيها مقاومون لبنانيون وفلسطينيون وجنود سوريون ومتطوعون عراقيون ويمنيون ومصريون من رابطة مصر العروبة التي كان يرأسها الأخ المناضل الراحل محمد تيمور – رحمه الله -، بالإضافة الى العديد من المتطوعين العرب من المحيط الى الخليج بما يثبت ان مقاومة الاحتلال هي طريق الوحدة بين شرفاء الامة واحرار العالم .

الدرس السابع :: أكد تطور الصراع بين الامة وأعدائها على مدى 76 عاماً ان المقاومة هي تواصل بين شرفاء الأمة، وتكامل بين تياراتها النهضوية الملتزمة بحقوق الامة، وتراكم خبرات وتجارب وتضحيات أفواج المقاومين على امتداد مراحل النضال في اطار وحدة تقوم على التنوع وعلى الالتزام بالثوابت الوطنية القومية وفي مقدمها تحرير فلسطين من البحر الى النهر …
بين السادس من حزيران 1982 في لبنان، وبين السابع من تشرين اول 2023 في فلسطين حكاية شعب لم يتوقف عطاؤه وحكاية أمة تعتز بمقاومتها وشهدائها وجرحاها وأسراها.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى