حوارات و تقارير

القهوة عند قبائل شرق السودان.. جلسات سمر وفض نزاعات

أميرة جادو

يشتهر “شرق السودان” وبخاصة الولايات الثلاث البحر الأحمر وكسلا والقضارف بتعدد القبائل وتمسكهم بالعادات والتقاليد والموروثات الأصيلة، التي تعد مفخرة ومكملاً لنمط حياة أهل الشرق.

القهوة السودانية

تهتم الأسر السودانية في تلك الولايات الثلاث على تقديم القهوة “الجبنة” بشكل أساس، وبكل طقوسها التي تختلف عن بقية ولايات السودان، إلى الضيف، دلالة على كرم القبيلة أو أهل المنزل، أيضاً لها وجود مترف في الأتراح والأفراح وتجمعات الشباب والنساء والرجال، ولا تكتمل جلسات السمر والأنس وفض النزاعات إلا بوجود القهوة أو “الجبنة”.

مشروب الجبنة

والجدير بالإشارة أن “أهل الشرق” يفضلون شرب الجبنة بالبهار ويطلق عليه عند بعض القبائل “أوشار”، أي قهوة بالزنجبيل والهبهان (الهيل) والقرفة، ويستخدم الزنجبيل بكميات كبيرة في القهوة اعتقاداً بأنه يقي من الأمراض، وهناك من يفضل البن الكلموني لتميزه لمزاقه المميز.

قبائل البجا في السودان

وجرت العادة أن يحتسي سكان هذه المنطقة بخاصة قبائل “البجا” أربع مرات في اليوم، في الصباح الباكر قبل التفرغ للعمل على أن يختم بها اليوم عند المساء وسط الأبخرة المتصاعدة من بخور الجاولي، وهو أكثر أنواع البخور عشقاً، إلى جانب بخور العدني، كناية عن مدينة عدن اليمنية.

منافسة النساء

المعروف في ولايات السودان أن النساء هن من يمارس مهنة صناعة القهوة، لكن في شرق السودان ينافس الرجال النساء في هذه المهنة الرائجة ذات الدخل الوفير، وإن كان معظم المقاهي بولايات شرق السودان يديرها رجال، هناك أيضاً على وجه الخصوص مقاه شهيرة ببورتسودان يملكها رجال يرحبون بالزوار بعبارة “حبابكم عشرة بلا كشرة”، والمقصود بهذه العبارة بصدر رحب، وهو يرتدي الزي المعروف لأهل الشرق من جلابية وصديري وسروال، وأكثر ما يميزه الشعر الكثيف وعلى جانبه يوضع الخلال (المشط).

تحضير القهوة

وفي هذا الإطار، كشف “السماني ود ناصر”، صاحب أشهر وأقدم قهوة ببورتسودان، أن يومه يبدأ “في الصباح الباكر بتهيئة المكان وتنظيفه ووضع المقاعد المصنوعة من الحبال أو سعف الدوم والطاولات الخشبية بشكل دائري، ثم البدء في عمل القهوة بغسل البن ووضعه في إناء خاص بالقلي مصنوع من الفخار.

وأردف “السماني”، أنه أثناء عملية التحميص يكون الحضور كثيفاً لاستنشاق رائحة البن التي لا يكتمل كيف أهل الشرق إلا بها.

وبعد “التحميص” تنزع عنه القشرة الخارجية ثم يطحن بواسطة مطاحن ضخمة ولا يشترط أن يكون ناعماً، بعدها يوضع إناء الجبنة على النار وعادة ما توقد على الأرض أو موقد يبنى من الطين على ارتفاع معين من الأرض مما يجعل النار متقدة طول اليوم.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى