المزيد

نواف الزرو: تحطيم الحلم الصهيوني باختفاء الشعب الفلسطيني!

نواف الزرو

قد يتساءل الكثيرون من الفلسطينيين وغيرهم: إلى متى يا ترى تستمر هذه الحروب الإبادية الصهيونية ضد الفلسطينيين نساءا واطفالا وشبانا وشيبا….!

والى متى نتابع هذا المشهد الفلسطيني المتخم بالمجازر والشهداء والجرحى والمعتقلين وكذلك بالجرافات الصهيونية التي لا تتوقف عن اعمال الهدم والتجريف….؟!

الى متى تستمر المشاهد الفلسطينية المروعة…؟!

وما الهدف الصهيوني الحقيقي وراء كل ذلك….!؟

يعترف”أورن يفتحئيل” أستاذ الجغرافيا السياسية في جامعة بن غوريون، أن “مشاهد القتل والدمار ضد الفلسطينيين فظيعة”، وأن”هذه الحروب استمرار للمشروع والسلوك الإقليمي الإسرائيلي الذي تبنى هدفاً متشدداً ووحشياً يتمثل في إسكات الزمن الفلسطيني”، أي محو التاريخ الكامل لهذه البلاد، وإسكات التاريخ يشكل أيضاً محواً للمكان الفلسطيني ومعه الحقوق السياسية الكاملة القائمة بمشروعيتها وليس بمنة من إسرائيل”، ويضيف”ان الحرب الاسرائيلية على الفلسطينيين استمرار لإستراتيجية مديدة السنوات من إنكار ومحو وشطب أي ذكر لتاريخ هذا المكان في العصور الأخيرة، ومشروع المحو هذا ينخرط فيه الجميع تقريباً:السياسيون والفنانون ووسائل الإعلام والباحثون في الجامعات والمثقفون الإسرائيليون”، وعجوز السياسة الإسرائيلية شمعون بيريز أحد رواد الاستيطان والبرنامج النووي الإسرائيلي لم بتوقف تكرار مقولة غولدا مائير بأنه” لم يكن هناك شعب فلسطيني في ال 67″.

على هذه الخلفية-الارضية الاستراتيجية الصهيونية، فجر الوزير الصهيوني العنصري سموترتش قنبلة من العيار الثقيل حينما اعلن من باريس “إنّه لا يوجد شعب اسمه الشعب الفلسطينيّ”، زاعمًا “أنّ ما يُطلَق عليه الشعب الفلسطينيّ هو بمثابة بدعةٍ اخترعها العرب لمحاربة الحركة الصهيونيّة”، مضيفا:”إن الشعب الفلسطيني هو “اختراع” من القرن الماضي، وإن الناس مثله وأجداده هم “الفلسطينيون الحقيقيون-عن وكالات 2023-3-20″، وقد فتح سموترتش بهذا التصريح العنصري الفاشي ملف الصهيونية الفاشية العنصرية بكامله منذ ما قبل النكبة وحى اليوم، فكافة الزعماء والحاخامات الصهاينة ينامون ويستيقظون على حلم “اختفاء الشعب الفلسطيني”…!

وتقف وراء هذا الحلم الصهيوني خلفيات أيديولوجية وسياسية استراتيجية صهيونية، تعتبر ان “اسرائيل لن تكتمل سيطرتها وسيادتها على فلسطين طالم بقي الشعب الفلسطيني وانه ليس هناك من مستقبل آمن لإسرائيل طالما بقي الفلسطينيون هناك كالشوك في حلوقهم”، وفي ذلك هناك الكثير الكثير من الادبيات والفتاوى التي تسمح لهم باستباحة الدم الفلسطيني العربي.

وهذه الخلفيات تسري على قياداتهم جميعها السياسية والدينية والعسكرية والاكاديمة والاعلامية وغيرها، امتدادا من هرتسل مرورا ببن غوريون وغولدا مئير التي انكرت وجود الشعب الفلسطيني ومرورا بشامير ورابين وبيرس وكبار الحاخامات وصولا الى نتنياهو وبن غفير وسموترتش…!

هذه هي حقيقة الكيان منذ نشأته وستستمر هذه النزعة العنصرية الفاشية الابادية الالغائية حتى زوال الكيان…!

ومن سجل ادبياتهم الإلغائية الارهابية في هذا السياق كان أطل علينا الزعيم الروحي لحزب “شاس” الاسرائيلي الحاخام الاكبر عوفاديا يوسف ليعرب عن امله وامنيته في “ان يختفي الذين يكرهون اسرائيل مثل الفلسطينيين من العالم”، مضيفا في تصريحات بثتها اذاعة الجيش الاسرائيلي “ليختفي كل هؤلاء الاشرار الذين يكرهون اسرائيل مثل الفلسطينيين عن وجه الارض وليضربهم الطاعون”، والملفت ان الحاخام الاكبر استخدم عبارات في التلمود ليعبر عن امله في ان يختفي اعداء اسرائيل لمصلحة السلام كما قال نسيم زئيف النائب عن حزب شاس في الكنيست.

الى ذلك، تجدر الإشارة إلى أن الحاخام يوسف كان قد هاجم العرب في درس ديني سابق في نهاية العام الماضي، ووصفهم في حينه بأنهم “حمقى وأغبياء ودينهم مقرف مثلهم”، على حد تعبيره.

وفي تموز/ يوليو 2001 دعا الحاخام اليهودي إلى “إبادة العرب بالصواريخ” وتمنى “محوهم عن وجه البسيطة”.

وفي أيار/ مايو 2000 قال “إن العرب صراصير يجب قتلهم وإبادتهم جميعا”، ووصفهم بأنهم “أسوأ من الأفاعي السامة”.

وفي آب/ أغسطس2004 قال في خطبة له إن “قتل العرب مثل قتل الدودة أو الثعبان”.

وقد فتح لنا الحاخام يوسف هنا ملف فتاوى التكفير والارهاب الصهيونية منذ نشأة الحركة الصهيونية قبل اكثر من قرن ونيف من الزمن، ويفتح لنا ملف الايديولوجيا الابداية الصهيونية التي تنادي بذبح الفلسطينيين والعرب بالجملة دون ان يشكل ذلك اي مشكلة اخلاقية او انسانية لديهم.

فقد كان سبقه في هذه الامنية باختفاء الشعب الفلسطيني عدد لا حصر له من قياداتهم التاريخية ومن مؤرخيهم وباحثيهم، وكلنا نذكر ما قاله جنرال تحطيم عظام اطفال الانتفاضة اسحق رابين حينما قال: اتمنى ان ااستيقظ ذات يوم لارى البحر وقد ابتلع غزة”.

غير ان ذروة هذا الفكر التكفيري كانت خلال ولاية بلدوزرهم شارون منذ مطلع العام/2000 وحتى اصابته بالجلطة في مطلع 2006.

فقد قاد شارون حملات التدمير والحرق والإخضاع ضد الشعب الفلسطيني، عبر استخدام القوة والمزيد من القوة وأقصى درجات القوة الدموية الارهابية، وحملت حملاته ثلاثة اهداف كبيرة:

اولها: تدمير البنية التحتية الفلسطينية برمتها التي قد تشكل أساساً لدولة فلسطينية مستقلة .. ؟ !

وثاني الاهداف المباشرة الفورية كان تركيع وتطويع الشعب الفلسطيني وتسييجه في إطار اقفاص يطلق عليها اسم كانتونات، وذلك عبر تنفيذ استراتيجية شارون – بيريز وبن اليعازر والاخرين المشتركة والتي تحمل خمسة عناصر رئيسية هي :

1- عمليات عسكرية ضخمة، حصار وإغلاق وضربات عسكرية تدميرية ضد البنية التحتية الفلسطينية واغتيال الشخصيات السياسية ونشطاء الانتفاضة .

2-حملة استنزاف عسكري ترمي إلى إضعاف وتفكيك الانتفاضة الفلسطينية مع مرور الوقت، يضاف إليها سياسات هدم البيوت ومصادرة الأراضي والإغلاق الدائم ومنع التجول بعيد الأمد والأخطار والحرب الاقتصادية بكل أشكالها .

3- خلق حقائق لا رجعة عنها على الأرض .

4- تجريد السلطة الفلسطينية من الشرعية .

أما الهدف الكبير الثالث من وراء سياسات التدمير والحرق والمجازر والإخضاع، فكان تحقيق ” حلم اختفاء الآخر العربي الفلسطيني ” كما اكد البروفسور ميرون بنفنستي في صحيفة هآرتس 21/6/2001 ” ، وإعادة تشكيل الشعب الفلسطيني ، الأمر الذي أكده أيضاً البروفيسور الإسرائيلي ميرون بنفنستي حينما كتب في صحيفة هآرتس يقول: ” أن شارون يرمي من وراء مخططه إلى تجنيد الجميع لأيديولوجيته الرامية إلى نزع الشرعية عن الشعب الفلسطيني وعن قيادته الشرعية “.

فشارون اذن كان يحلم باستبدال الشعب الفلسطيني عبر الحرب الواقية التي شنها، وكان يحلم بإعادة تشكيله وصياغته بما يتناسب مع مخططاته واشتراطاته السياسية، الأمر الذي أكده أيضاً جوناتان فريد لاند في صحيفة الغارديان حينما كتب موضحاً :

” يرغب شارون في اختفاء الشعب الفلسطيني او إيجاد شعب فلسطيني مختلف حتى لا يضطر للتعامل مع الشعب الحقيقي، هل يسعى رئيس الوزراء الإسرائيلي ارئيل شارون إلى قتل الرئيس الفلسطيني ياسر عرفات ؟ وهل يمكن أن تكون هذه هي سياسة رئيس وزراء إسرائيل ، أي يقتل الرجل المشهور في العالم أجمع على أنه ” السيد فلسطين ” ورمز شعب كامل ؟

وهكذا كان شارون يفكر ويتخيل شعبا فلسطينيا هادئا بدلاً من التفكير في شعب يتمتع بالكبرياء والاباء ، تحت قيادة زعماء مرنين ومطواعين بدلاً من قيادة رمز وطني ولم يتحقق حلم شارون ولكن من يدري مقدار الدم الذي سيراق قبل أن يتحقق ؟ “

الكاتب المعروف آفي شلايم أستاذ العلاقات الخارجية في جامعة اكسفورد وهو مؤلف كتاب ” الجدار الحديدي ” ، كشف اجندة شارون الحقيقية حينما اشار الى جملة الأهداف والمضامين المشار إليها بعبارات مكثفة ، حيث كتب في الهيرالد تريبيون يقول : ” أن الهدف السياسي لشارون هو قتل أكبر عدد ممكن من الفلسطينيين حتى يخضعوا ” وحسب كلام شارون نفسه : ” يجب ضربهم ، وعلينا أن نلحق بهم خسائر فادحة .. كما أن برنامج شارون السياسي الأوسع هو القضاء على اتفاقيات أوسلو ، وإكمال إعادة احتلال الأراضي الفلسطينية، والإطاحة بالسلطة وتقويض وإذلال القيادة الفلسطينية .. وباختصار : فإن بطل الحلول العنيفة قد أطلق عنان الإرهاب في المناطق الفلسطينية ليس لقمع الفلسطينيين بل لوقف المسيرة نحو حكم ذاتي أو استقلالي ودولة فلسطينية “.

اعتبر الإسرائيليون أن الجنرال شارون بلدوزر الأمن والإرهاب كان يشكل الأمل الأخير لهم في اخضاع الفلسطينيين وكسر شوكتهم وإرادتهم، الأمر الذي فشل شارون في تحقيقه فشلاً ذريعاً لم يكن في حساباتهم .

ونقول أيضاً : برغم الحقيقة الكبيرة الناصعة الأولى التي لا تخضع للجدل والمتمثلة بالرجحان الكامل لميزان القوى العسكرية في المواجهات الفلسطينية – الإسرائيلية ، وما بين عهد شارون وعهد نتنياهو -سموترتش-بن غفير اليوم-الذي يعتبر كذلك خلاصة للفكر الارهابي الصهيوني كما شارون وغيره من كبار الساسة والجنرالات والحاخامات، يأتي الحاخام الاكبر عوباديا يوسف ليجدد الامل الصهيوني باختفاء الشعب الفلسطينية ولكن مدججا بنصوص توراتية صريحة….

ونستخلص اليوم كما استخلصنا بالامس: كما خاب شارون وفشل في الغاء الشعب والمشروع الوطني الفلسطيني، وكما اخفق رابين في تحقيق حلمه الكابوسي، كذلك سيذهب امل وحلم حاخامهم الاكبر عوباديا يوسف ادراج الرياح والى مزبلة التاريخ…، وسيخيب أمل العصابة الحاكمة اليوم في الكيان:نتنياهو-سموترتش-بن غفير….!

فالشعب الفلسطيني الذي نجح بتحطيم نظرية شارون في الأمن والهدوء، وفي اسقاط حلمه باختفائه واختفاء مشروعه الوطني الاستقلالي، ما زال قادرا رغم الحروب والحصارات والاطواق على قلب الحسابات وتحطيم احلامهم وامنياتهم والبقاء في المشهد الصراعي الى يوم الدين.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى