منصور أفندي.. الأجنبي الذي عشق مصر ونقل حضارتها إلى العالم
أسماء صبحي
ولد منصور أفندي في 17 سبتمبر 1801، ووالده هو الدكتور ثيوفيلوس لاين، كاهن ولاية هيرفورد الإنجليزية. وتلقى تعليمه في مدارس هيرفورد الثانوية حيث أظهر مهارات رياضية مميزة. وكان مصممًا على التوجه نحو جامعة كامبريدج والكنيسة. ومع ذلك، قرر التخلي عن هذا السعي ودرس فن النقش لفترة من الوقت. ومع ذلك، تدهورت صحته وأجبرته على التخلي عن آلة النقش.
سفر منصور أفندي إلى مصر
في عام 1825، سافر إلى مصر حيث قضى ثلاث سنوات. وصعد نهر النيل مرتين واستمر في الرحلة حتى الشلال الثاني. ووثّق وصفًا كاملاً لمصر مع مجموعة من المائة رسمة. وخلال هذه الفترة، استقر لين في إحدى المقابر الأثرية بجوار منطقة الأهرامات وأبو الهول في “نزلة السمان” برفقة خادميه محمد وحسن. وكان مندهشًا ومتحمسًا لعظمة الأهرامات الثلاثة التي تطل على السهل الخصيب وغمرتها مياه الفيضان.
ووصف لين المقبرة الأثرية التي عاش فيها بأنها كانت مقبضها مرتفعًا قليلاً. وبعد تنظيف الأرضية وتبليطها بسجادة ووضع مرتبة، بدا المكان أكثر حميمية تحت ضوء الشمعة. وفضل أن يرتدي ملابس البدو الفضفاضة التي تسهل حركته داخل الأهرامات والمقابر. وكان يفضل المشي حافي القدمين حيث وجد أنه أفضل في التربة الرملية التي تغطي مدخل الهرم الأكبر. وبعد عدة أيام من المشي بحذر، تعرضت قدماه لجروح سطحية وأصبحت قوية لمواجهة صلابة الأحجار.
عزل لين
انعزل ادوارد لين بسهولة عن حياة القاهرة المزدحمة وتحصن بالمؤن والأطعمة مثل البيض واللبن والزبدة ولحم الجمل التي اشتراها من القرى المجاورة. حيث كان أقربها على بعد ميل واحد فقط من مقره التاريخي. كان بإمكانه الحصول على الرفاهية، ولكنه خاف من أن تلهيه عن عمله.
في عام 1833، استقر لين بشكل رئيسي في القاهرة في حي المسلمين. حيث عاش كأحد المصريين تحت اسم “منصور أفندي”، ارتدي زيهم وتعايش معهم وعاش بالقرب من عماراتهم التاريخية.
قام لين بتأليف العديد من الكتب المهمة حول المجتمع والحياة في مصر. بما في ذلك كتاب “السلوك والعادات في مصر الحديثة” الذي نشر لأول مرة في عام 1836، وهو دراسة عميقة للمجتمع العربي في الشرق الأوسط.
في الفترة من عام 1838 إلى 1840، قام بترجمة كتاب “ألف ليلة وليلة” إلى الإنجليزية. ليجعله موسوعة عن العادات الشرقية، واعتمد في ترجمته على نسخة مطبوعة في بولاق المصرية.
مساهماته في الأدب والثقافة
قدم لين مساهمات كبيرة في الأدب والثقافة الشرقية. من خلال ترجمته لمقاطع من القرآن الكريم للتواصل مع الحضارة العربية الشرقية.
كتابه “وصف مصر”، الذي أعيد طبعه في عام 2000. يعكس سعة علم ومعرفة ادوارد لين في الآثار المصرية ودوره كمستشرق.
أمضى لين سبع سنوات من عام 1842 إلى 1849 يجمع مواد لمعجم عربي ضخم عربي إنجليز. ورغم تدهور صحته، استمر في مهمته بيقظة حتى اللحظات الأخيرة من حياته.
ساهم لين بمقالتين في مجلة الجمعية الشرقية الألمانية. وفي عام 1853 حصل على راتب تقاعدي صغير منحته أرملته بعد وفاته في ورذينج في 10 أغسطس 1876 عن عمر يناهز 74 عامًا.