الدكتور حاتم الجوهرى :اعتراف الدول الأوربية بفلسطين خطوة مهمة… وفرصة لصعود الدبلوماسية العربية
اكد د .حاتم الجوهري أستاذ الدراسات العربية الصهيونية فى تصريحات خاصة لمجلة “صوت القبائل العربية والعائلات المصرية” قائلا أن اعتراف النرويج بفلسطين المزمع في غضون أسبوع وبحلول الـ 28 من شهر مايو الحالي، وما يتردد عن سير إيرلندا في الطريق نفسه، وكذلك الأنباء التي تتحدث عن قيادة إسبانيا بحملة داخل دول الاتحاد الأوربي لإقناعهم بالاعتراف بفلسطين، مع اعتزامها الاعتراف الرسمي بفلسطين في التاريخ نفسه 28 من هذا الشهر، هي فرصة تأتي على طبق من ذهب للدبلوماسية العربية لتكسب زخما عالميا وأمميا لعدالة القضية الفلسطينية.
لأن الدبلوماسية العربية/ المصرية يمكن أن تكثف من تحركها في هذه المدة القصيرة (خمسة أيام)، لتمنح هذا اليوم زخما عالميا غير مسبوق في مظاهرة تأييد دولي لحق تقرير المصير الفلسطيني، وعلى المدى الطويل هناك فرصة للحضور في المشهد الدولي، فحاليا النظام العالمي قيد إعادة التشكل، وأمريكا تضغط بقوة على الملف العربي لتحقق تصوراتها عن الهيمنة الثقافية والصدام الحضاري، في حين لم تحقق التقدم نفسه على المسار الروسي في أوكرانيا، وعلى المسار الصيني في موضوع تايوان وتسليحها..
إنها فرصة للدبلوماسية العربية للصعود الناعم ودعم وجهة النظر العربية المشتركة في إقامة دولة فلسطينية معترف بها عالميا، الموارد العربية الخشنة رغم ثقلها لكنها لا تملك مشروعا جيوثقافيا عربيا مشتركا تحتشد خلفه، ويذيب التناقضات السياسية المتراكمة إرث القرن العشرين بتمثلاته الداخلية وتعالقاته الدولية.
مشكلة الدبلوماسية العربية -لأسباب متراكمة- هي غياب خط عام مشترك في السياسات الدولية، يصلح أن يكون قاعدة متفق عليها يمكن أن يراكم عليها الجميع، فيتعامل الغرب وأمريكا مع الدول العربية كل منها بمفرده يدير تناقضاته الداخلية والإقليمية بما يخدم تصوراتهم الجيوثقافية…
حاليا الضغط في حرب غزة يتركز على المحور المصري والتوغل “الإسرائيلي” في رفح ومحور صلاح الدين وبناء رصيف بحري تديره أمريكا على شاطئ غزة، مصر تتبع مقاربة دبلوماسية تتسم بالهدوء في سياساتها الخارجية لكن هذا الهدوء في حاجة إلى حراك دبلوماسي جديد وخشن الآن، لابد لمصر أن تستعيد كافة مظاهر حضورها الجيوثقافي في الساحة الدولية والإقليمية، كي تدير حزمة من الملفات والعلاقات التي يمكن من خلالها أن تفعل أوراق ضغط مؤثرة.
خلال الفترة الماضية اعتمدت مصر على سياسة الخطوط الحمراء خارجيا منشغلة كثيرا بملفاتها الداخلية وتحت إرث مرحلة ما بعد توقيع معاهدة السلام، لكن معاهدة السلام لم تمنع إسرائيل من تطويق مصادر الحياة للشعب المصري في الجنوب باختراقها لأثيوبيا، ومؤخرا بعد دخول رفح كشفت “إسرائيل” عن وجهها حينما طالبت مصر صراحة بفتح حدودها لاستقبال الفلسطينيين، ثم اتهمت مصر بعرقلة دخول المساعدات!
يجب أن تنتهز مصر الفرصة وتدير حزمة من السياسات الخارجية تعتمد على الدبلوماسية الخشنة والناعمة، للضغط على أمريكا والغرب، يمكن فقط التأثير على القرار الأمريكي الضامن للعنف “الإسرائيلي” بجعل كلفته الاستراتيجية عالية، يجب أن تقود مصر الدبلوماسية العالمية الداعمة لإنشاء دولة فلسطينية، وتحضر في معظم الملفات السياسية الخارجية مدعومة بثقلها الثقافي والاقتصادي والسياسي، وهو ما يتطلب تضافر الجهود بقوة لتحويل الموارد الناعمة للجماعة المصرية برمتها من الاستقطابات السياسية، إلى المشاركة في صنع سيناريوهات مستقبلية تعد وتختزن في محفظة جيوثقافية مصرية، قادرة على مواجهة التحديات الراهنة في القرن الحادي والعشرين.