بالصور.. قرية عربية للنساء فقط وتمنع دخول الرجال.. ما القصة؟
أميرة جادو
في جو من الدمار والموت، وفي ظل وجود جثث القتلى ورائحة الهلاك، وتحت وابل من الأعيرة النارية والقنابل والقذائف، هربت مجموعة من النساء، معلقات بقشة الأمل، حيث لم يكن لديهن سوى بضعة أرواح في جيوبهن، وسنبلة سلام في أيديهن.
قرية للنساء فقط في سوريا
استقروا النساء في قرية تقع في شمال شرق سوريا، ومنعوا دخول الرجال إلى المكان، محولين إياها إلى ملجأ للنساء اللواتي تعرضن لمعاناة الحرب، أو الظلم العائلي، أو النساء اللاتي تم إغلاق كل الأبواب في وجوههن، بحيث لم يجدن مأوى آمنًا أو دعمًا. هؤلاء هن نساء قرية جينوار، وهي تقع في منطقة الدرباسية بقضاء الحسكة في شمال شرق سوريا.
تتردد الكثير من الأقاويل حول قرية جينوار التي تقع في شمال شرق سوريا، والتي يعني اسمها “مساحة للنساء” باللغة الكردية. تم بناؤها في عام 2018، وتضم 30 منزلاً، وتستضيف 20 أسرة من النساء والأطفال. تحتوي القرية على مدرسة وأكاديمية تدريب ومخبز، بالإضافة إلى بعض الحقول التي يزرعها النساء. تلك هي المعلومات المتداولة عن القرية، ولكن ما هي الحقيقة وراء هذه الروايات؟
في هذا الإطار، أكد “إسماعيل شريف”، صحفي سوري من شمال شرق سوريا، صحة ما يُقال عن القرية بأنها مأهولة بالنساء فقط، وأنها تم بناؤها بواسطة النساء. تعد القرية ملجأً للنساء اللواتي هربن من عوائلهن، واللواتي فقدن أزواجهن في الصراع بين مقاتلي تنظيم داعش ومقاتلي قوات سوريا الديمقراطية “قسد”.
كما لفت “شريف”، إلى أن القرية تحمل طابعًا نسويًا، مما يعتبر إيجابيًا في إيواء كل امرأة عانت من الظلم أو معاناة الحرب. ومع ذلك، يشير أيضًا إلى وجود “عسكرة” في القرية، حيث يتم استدعاء الأطفال للانضمام إلى صفوف قوات “قسد”.
الرجال غير مسموح لهم الدخول
وأوضح “شريف”، أن قرية جينوار تقع بين مدينتي عامودا والدرباسية في ريف الحسكة. وأكد أن النساء في القرية ليسوا جميعهم من الأكراد، بل يوجد أيضًا نساء عرب. يعود ذلك إلى أن قوات سوريا الديمقراطية (قسد) تعد إدارة ذاتية متعددة الأعراق والأديان، وعلى الرغم من الطابع الكردي السائد فيها.
وأردف “شريف”، أن الرجال غير مسموح لهم بزيارة القرية إلا في فترات النهار لأغراض خاصة مثل جلب المواد وتسليم الأغراض، ولكنهم غير مسموح لهم بالبقاء في القرية بين الليل. كما أشار إلى أن النساء يتناوبن في مراقبة من يدخل ويخرج من القرية، ويحملن السلاح خلال النوبات الليلية لضمان أمن القرية.
من جانبه، قال اللواء “محمد عباس”، نائب مدير الأكاديمية العسكرية العليا السابق في الجيش السوري، إن الترويج لقرية مثل جينوار في شمال شرق سوريا يهدف إلى إظهار أن قوات سوريا الديمقراطية (قسد) قد حررت المرأة وأقامت قرية نموذجية للنساء فقط، وأنها تضم 30 منزلاً يمثلون جميع الأعراق والأديان. وأشار إلى أن هذا ليس صحيحًا ويعكس الواقع، إذ لا يمكن لعدد قليل من المنازل أن يضم جميع شرائح المجتمع السوري، حيث توجد أكثر من 75 شريحة مجتمعية في سوريا.
ترويج إعلامي
وأشار “عباس”، إلى أن ما يروج حول قرية خاصة للنساء هو في الواقع ترويج إعلامي يهدف إلى تشويه صورة قوات سوريا الديمقراطية (قسد) والتشكيك في دور المرأة في باقي المناطق السورية. وأشار إلى أن المرأة في سوريا قد حققت تقدمًا كبيرًا، حيث تشغل مناصب قيادية مهمة مثل نائب رئيس الجمهورية ورئيس البرلمان، وتشغل مناصب وزارية وعضوية في البرلمان وتعمل كأستاذة جامعية. كما تلعب دورًا رئيسيًا في صنع القرار والقيادة العسكرية، حيث تحمل رتبة جنرال في الجيش والشرطة.
واستطرد “عباس”، أن ترويج فكرة وجود قرية تخصص للنساء في منطقة تحت سيطرة قوات سوريا الديمقراطية (قسد)، التي تعتبر منظمة انفصالية ومعادية للتنظيمات الإرهابية مثل داعش والقاعدة وجبهة النصرة، هو أمر غير واقعي ويهدف إلى تشويه سمعة هذه المنظمة.
ونوه “عباس”، الى أن الاحتلال الأمريكي يستفيد من هذا الدور الانفصالي لقوات سوريا الديمقراطية، حيث يعمل معها لتحقيق مصالحه الخاصة وتفكيك الوحدة الوطنية لسوريا. يتم استغلال المكونات الاجتماعية الأخرى في سوريا، بما في ذلك العنصر العربي، بهدف تحقيق مشروع أمريكي يهدف إلى تقسيم سوريا وإنشاء كيانات هزيلة جديدة.
يتم الترويج لهذه الأفكار لتبرير ما يحدث باعتباره ثورة للديمقراطية والحرية، في حين يهدف في الواقع إلى إقامة دولة خلافة مزعومة على حساب سوريا.