تاريخ ومزارات

مأساة عباس: تأثيرات عملية الاغتيال على سير الحكم في الدولة الفاطمية

 

بعد عملية الاغتيال، توجه عباس إلى قصر الزمرد في القاهرة، مقر الخليفة الفاطمي، لينتظر موافقة الخليفة على دخوله. ولكن مر الوقت دون أن يحصل على الإذن المنتظر. فاضطر إلى الاستفسار من زمام الدور الذي كان مسؤولاً عن الإشراف على القصر وحمايته. ولكن لم يستطع زمام الرد. فعاد عباس إلى داره وأخبر أخويه الأكبر سناً، جبريل ويوسف، بما حدث. وبعد أن أدركوا حقيقة ما حدث، أمروا الزمام بمحاققة عباس في اليوم التالي.

في الصباح التالي، حضر عباس وتم استجوابه حول غيابه عن القصر، فادعى بأن الخليفة كان قد ذهب إلى ابنه نصر قبل يومين، وأنه كان بحضور الأمراء والحكماء. لكنه تورط بتهمة مشاركته في مؤامرة لاغتيال الخليفة، بالتعاون مع أفراد من البيت الفاطمي الكبار. وأمر عباس بقتلهم على الفور. وبعد ذلك، أمر بإحضار ابن الخليفة الظافر، ولكن عندما تمت مشاهدته من قبل جدته، أصيب بنوبات صرع أدت إلى وفاته.

ثم انتقلت الأحداث إلى القصر. حيث أعلن عن وفاة الفائز بنصر الله وتم دفنه بمرافقة الحزن والحرقة. وتولى عباس الحكم بعد هذه الأحداث، ولكن تمت محاولة لاغتياله، فهرب مع ابنه إلى الشام. وعاد طلائع بن رزيك إلى القاهرة ليسير بمهامه.

تبيّن أن الظافر قد توفي بعد ذلك وأن طلائع بن رزيك استمر في حربه ضد الأفرنج. واتفق مع نور الدين محمود بن زنكي على استنزاف قوات الأعداء في حرب طويلة. ومع ذلك، استمرت الخلافات في الدولة الفاطمية، وظلت الأوضاع غير مستقرة.

جامع الصالح طلائع

جامع الصالح طلائع يعد أحد أحدث الجوامع التي شيّدت في عهد الدولة الفاطمية. بالرغم من الانتهاء من بنائه في سنة ٥٥٥ هجري (١١٦٠ ميلادي)، إلا أنه لم يصبح مسجدًا جامعًا إلا بعد مرور حوالي مائة عام. حيث أقيمت فيه أول صلاة للجمعة في أيام السلطان المملوكي عز الدين أيبك التركماني.

أمر بإنشاء الجامع الوزير الصالح طلائع بن رزيك في العام المذكور. وكان الوزير للخليفة الفاطمي الفائز، ثم للخليفة العاضد بعده، ودُفِن فيه رأس الإمام الحسين. لكن لم يكن للفائز بنصر الله تصرف في دفن رأس الإمام بسبب توجيه خواصه بضرورة وجوده في القصر. فأعدّ له مشهدًا خاصًا داخل باب الديلم بالقصر الفاطمي.

باب زويلة بقسم الدرب الأحمر

 

يقع الجامع في ميدان بوابة المتولي في باب زويلة بقسم الدرب الأحمر بمحافظة القاهرة. يتميز جامع الصالح طلائع بكونه واحدًا من المساجد الكبيرة حيث تبلغ مساحته ١٥٢٢ متر مربع. كانت أرضيته عند بنائه ترتفع عن مستوى الشارع بحوالي أربعة أمتار، ويحتوي على أربع واجهات مبنية بالحجر. وكانت الواجهة الغربية الأهم بوجود الباب الرئيسي والرواق المحمول على أربعة أعمدة من الرخام، وعليه أقواس مزخرفة بكتابات قرآنية بالخط الكوفي المزهر.

الباب الرئيسي كان مزينًا بطبقة من النحاس بزخارف هندسية، وكانت تغطيه زخارف نباتية محفورة بالطراز الفاطمي. وبعد أعمال التجديد في العصر المملوكي، تم نقل الباب إلى متحف الفن الإسلامي حيث يعرض حاليًا. يتميز الجامع بزخارفه المتنوعة والمتقنة التي تغطي مساحاته الداخلية والخارجية، وتتميز بنضج ودقة عناصرها الهندسية والكتابات القرآنية المزهرة بالخط الكوفي المحيطة برواق القبلة ونوافذ الجامع.

الجامع يتألف من صحن مكشوف يبلغ مساحته ٤٥٥ متر مربع، ويحيط به أربعة أروقة تضم رواق القبلة الأكبر وثلاثة أروقة أصغر. ويتميز بمنبر من أعمال بكتمر الجوكندار، وتعلوه مئذنة حديثة تم تركيبها بدلاً من المئذنة السابقة التي هدمت في وقت غير معلوم.

شهد الجامع أعمال تجديد متعددة على مر العصور، من بينها تجديدات في عهد السلطان محمد بن قلاوون وفي العصر المملوكي والعثماني. ومن بين أعمال التجديد كانت أعمال في القرن الثالث عشر الميلادي والقرن الخامس عشر الميلادي.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى