الثوب السوداني: رمز للجمال والسحر والبساطة
“الثوب” هو مصطلح عام يُستخدم للإشارة إلى أي نوع من الملابس. لكن بالنسبة للمرأة السودانية، فهذه الكلمة لها معنى أكثر تخصيصًا ودقة، فهي تدل على الرداء الذي تلبسه فوق ملابسها الداخلية، والذي يبلغ طوله أربعة أمتار ونصف، وتحيط به جسمها بألوانه المبهجة. ويعتبر الثوب السوداني أبرز عنصر في زي المرأة السودانية. فهو يعكس وضعها الاجتماعي، فبه تتميز المرأة المتزوجة عن العزباء، وكذلك نوعيته من حيث النسيج والسعر هي المقياس الذي يدل على ذوقها وأناقتها. وفي الأزمنة التي شهدت هجرات السودانيين، استمرت المرأة السودانية في الخارج في الاعتزاز بارتداء الثوب كرمز وعلامة للهوية.
الثوب السوداني
كان الثوب السوداني في عصر الخمسينات يتكون من قطعتين، تخيطان متوازيتان مع بعضهما بالكروشيه أو بالتطريز بطول إجمالي تسعة أمتار، ويتم التركيز على تطريز حافة الجدعة حتى تزداد ثقلًا وتثبت على الكتف. ثم بعد ذلك دخلت البلاد آلات الخياطة والتطريز، ومعها ظهرت المطرزة التي لا تزال تلبس في السودان. وفي الستينات من القرن العشرين بدأ استيراد ثياب التوتال من سويسرا. ومن أسماء هذه الثياب “أبوكنار” و”المفستن”. ومنها ثوب اشتهر باسم “بوليس النجدة”، وهذا الاسم جاء بعد دخول سيارات النجدة الزرقاء بأضوائها الحمراء اللامعة. وقد اشتهرت هذه النوعية من الثياب بجودة النسيج والجمال. ويفضل في نسيج الثوب السوداني الجمع بين الليونة والخفة والثبات أي عدم الانزلاق.
في عصر السبعينات من القرن الماضي، استبدلت ثياب الكريب بثياب هندية رخيصة الثمن ذات ألوان زاهية اسمها “ثوب الجيران” لبساطتها وتحملها وسهولة ارتدائها. فبهذا الثوب تستطيع المرأة أن تزور الجيران بسرعة وبدون عناء. كما شهدت تلك العصر ظهور ثياب مصر بلونها الأسود. وفي الآونة الأخيرة ظهرت بجانب الثوب خيارات أخرى في أوساط الأجيال الحديثة خاصة الطالبات؛ فالزي الإسلامي السائد الآن في السودان يتألف من تنورة طويلة وبلوزة واسعة بأكمام طويلة وحجاب للرأس أو طرحة في ألوان متناسقة وهادئة. وبينما ترتدي بعض البنات العباية، فبعض الصغيرات من المتزوجات يظهرن في النقاب الأسود.
لا يزال للثوب مكانه في أوساط المتزوجات في المدينة والقرية على حد سواء. فللثوب، إلى جانب وظيفته الأساسية، مزايا عملية. فهو يغطي الشخص النائم من الذباب، وهو أفضل ستر لما تالف من ملابس في حالة الحركة، وهو يحمي الطفل المحمول على يدي أمه، ويستر الطفل وثدي أمه في حالة الرضاعة. وعندما ينشر الثوب على الطفل فهو يقوم بدور الناموسية. ولكن فوق كل هذا وذاك، فإن الثوب ينال حب النساء السودانيات جميعًا لجماله وسحره وبساطته.”