مراد الخامس: حياة السلطان الرومانسي ورحلته الثقافية والسياسية في الدولة العثمانية
ولد السلطان مراد الخامس في 21 سبتمبر 1840، نجلًا للسلطان عبد المجيد الأول. حظي بتعليم متميز تحت إشراف نخبة من أساتذة الدولة، برز من بينهم أدهم باشا الذي تولى الصدارة العظمى لاحقًا، وكان أستاذه في اللغة الفرنسية. درس مراد أيضًا الأدب الفرنسي والتركي على يد الأستاذ عمر أفندي، الذي علمه فنون البلاغة والخطابة في اللغة التركية. تميز مراد بميوله الثقافية، حيث برع في الكتابة والتأليف، ونظم الشعر، وامتلك موهبة موسيقية مميزة، وله مقطوعات موسيقية من تلحينه على البيانو.
صفاته واهتمامات مراد الخامس
عرف مراد الخامس بـ”الرجل الرومانسي” بحسب بعض المؤرخين، ووصفه آخرون بـ”الحالم”. تميز بحساسيته العالية، ومروره أحيانًا بنوبات من الكآبة والذهول، حيث ينعزل لساعات طويلة غارقًا في الحزن والتفكير.
اهتم بفنون العمارة والبناء، ونال اهتمامه الأدب الفرنسي والتركي والموسيقى. سخر مبالغ طائلة لبناء القصور، واشتهر بإعادة بناء قصره الخاص مرات متعددة.
ولايته للعهد
تولى ولاية العهد بعد وفاة والده، وشهد عهد عمه السلطان عبد العزيز الأول توترات بينهما. فرض عبد العزيز الإقامة الجبرية على مراد في قصر طولمة بهجة، ثم نقله إلى قصر كوربغه لي دره، وقطع علاقته بإسطنبول.
رحلته إلى أوروبا
رافق عمه السلطان عبد العزيز في رحلته إلى أوروبا، حيث نال شهرة واسعة لثقافته العالية وإجادته اللغة الفرنسية والعزف على الآلات الموسيقية. نال إعجاب شخصيات بارزة مثل نابليون الثالث والإمبراطور غليوم، ما أثار حنق وغضب عبد العزيز.
مضايقات السلطان عبد العزيز
بعد عودتهم من أوروبا، شدد عبد العزيز من مراقبتة ومنعه من الخروج سيرًا على الأقدام. وسمح له بالتنزه في عربة مغلقة فقط، مع إذن مسبق في كل مرة. عمد أيضًا إلى تخفيض مستحقاته المالية، مما اضطره للاقتراض من المرابين.
بسبب سوء إدارة عبد العزيز تزايدت الصراعات في الدولة العثمانية.وتشكل تكتل من الوزراء وعلماء الدين وكبار الموظفين سعى لخلعه. بعد سلسلة من المناوشات، اتفق الجميع على خلع عبد العزيز وتنصيب مراد الخامس خليفةً بدلاً عنه.
توليه العرش
نقل إلى مبنى وزارة الحربية. حيث قرأ شيخ الإسلام فتوى خلع عبد العزيز.ولذلك أطلقت المدفعية 101 طلقة إيذانًا ببدء عهد جديد.أصدر الخامس فرمانًا بمنح الحرية لجميع المواطنين، وأكد التزامه بالسلم الأهلي وبالمعاهدات الدولية.
خلعه من الحكم:
تعرض مراد الخامس لحادثة اغتيال فاشلة عام 1876،ولذلك أدت إلى مقتل وزيري الحربية والخارجية، وأصيب مراد بانهيار عصبي حاد، وأعلن عن خلعه وتنصيب شقيقه عبد الحميد الثاني بدلاً عنه. وأقيم مراد الخامس في قصر جراغان حتى وفاته عام 1904.