حوارات و تقارير

السنوسية: دعوة إسلامية تجديدية تحارب الاستعمار وتنشر الإسلام

السنوسية هي دعوة إسلامية تهدف إلى إصلاح وتجديد الروحانية بناءً على القرآن والسنة. نشأت في ليبيا وانتشرت مراكزها الدينية في شمال أفريقيا والسودان والصومال وبعض الدول الإسلامية. تأسيس الدعوة السنوسية في ليبيا كان في القرن الثالث عشر الهجري/ التاسع عشر الميلادي. ومن أشهر رموزها الشيخ محمد بن علي السنوسي (1787-1859م) وهو القائم بالدعوة السنوسية، والسنوسية مرجعها جده الرابع.

ما هي السنوسية

ولد السنوسي في مستغانم في الجزائر. وبعد أن أتم سن البلوغ استمر في دراسته في جامعة مسجد القرويين بالمغرب، ثم سافر في البلاد العربية، فزار تونس وليبيا ومصر والحجاز واليمن ثم عاد إلى مكة المكرمة وأنشأ فيها أول زاوية لما سُمي فيما بعد بالحركة السنوسية. وله حوالي أربعين كتاباً ورسالة أهمها: “إيقاظ الوسنان في العمل بالحديث والقرآن”.

ورث الشيخ المهدي محمد بن علي السنوسي (1844-1902م) والده في قيادة الدعوة السنوسية وهو في سن الثانية عشرة. ثم تبعه الشيخ أحمد الشريف السنوسي، ابن عم المهدي. ولد عام 1873م. تعلم على يد عمه، وشهد هجوم الاستعمار الأوروبي على شمال أفريقيا وغزو إيطاليا لليبيا فطلب العون من الحكومة العثمانية، فلم يجده.

فظن المهدي أن مصطفى كمال أتاتورك، حامي الدين، كما كان ينادى به آنذاك، سيساعده. ولما عرف مقاصد أتاتورك الحقيقية المناهضة للإسلام هجر الشيخ أحمد تركيا التي كان قد أتى إليها طالباً العون، إلى دمشق عام 1923م. وعندما أحسّت فرنسا بخطره على حكومة الانتداب تعقبته ففر بسيارة عبر الصحراء إلى الجزيرة العربية. ثم أتى الشيخ عمر المختار (1856-1931) وهو البطل المجاهد الذي لم تمنعه السنوات السبعون من عمره من الجهاد ضد الإيطاليين المستعمرين لليبيا، حيث ظل عشر سنوات يحارب قوى استعمار أكبر منه بعشرات المرات ومزودة بأضخم الأسلحة في ذلك العصر، إلى أن أسره الإيطاليون ونفّذوا فيه حكم الإعدام. كان ذلك في يوم الأربعاء السادس عشر من  سبتمبر 1931م.

تأثير التصوف السُني

تلقى السنوسي تأثير الإمام أحمد بن حنبل وابن تيمية وأبي حامد الغزالي ومحمد بن عبد الوهاب وبحركته السلفية. كما تلقى تأثير التصوف السُني النقي من البدع والخرافات مثل التوسل بالأموات والصالحين، ووضع منهاجاً كاملاً للارتقاء بالمسلم.

تتميز السنوسية بالتشدد في أمور العبادة، والتحلي بالزهد في المأكل والملبس. وقد فرض السنوسيون على أنفسهم الامتناع عن شرب الشاي والقهوة والتدخين. وتدعو السنوسية إلى الاجتهاد ومحاربة التقليد. ورغم أن السنوسيّ مالكيّ المذهب، إلا أنه يخالفه إن جاء الحق مع غيره. كما دعت إلى الله بالحكمة والموعظة الحسنة والابتعاد عن أسلوب العنف واستعمال القوة. وأكدت على الاهتمام بالعمل اليدوي. وكان السنوسي يقول دائماً: “إن الأشياء الثمينة توجد في غرس شجرة وفي أوراقها”. لذلك ازدهرت الزراعة والتجارة في الواحات الليبية حيث مراكز الدعوة السنوسية. ودعت إلى الجهاد الدائم في سبيل الله ضد المستعمرين “الصليبيين وغيرهم”. هذا هو الشعار الدائم للسنوسية. وقد دفع ثمن ذلك آلاف في جهادهم ضد الاستعمار الإيطالي.

ترجع المؤثرات والجذور الفكرية والسلوكية للدعوة السنوسية إلى تعاليم أحمد بن حنبل وابن تيمية ومحمد بن عبد الوهاب وخاصة أفكارهم السلفية في مجال العقيدة. وقد اكتسب السنوسي هذا التأثر أثناء زيارته للحجاز لأداء فريضة الحج عام 1837م التي كانت نقطة البداية للحركة السنوسية.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى