الدولة الطولونية: عهد من الازدهار والتطور (868-905م)
الدولة الطولونية، تاريخ مصر الإسلامية مليء بالعديد من الفترات الحافلة والإمارات التي تركت بصماتها في تطور الحضارة المصرية. ومن بين هذه الفترات المهمة تأتي الدولة الطولونية، التي استمرت من عام 868م حتى عام 905م. تعتبر فترة من الازدهار السياسي والثقافي والاقتصادي في مصر الإسلامية.
ما هي الدولة الطولونية
بدأت عندما تولى القائد بايكباك حُكم مصر بتعيين من الخليفة المعتمد. وبعد وفاته في عام 256هـ، تولى أمر مصر صهره يارجوخ، الذي كان ابن طولون يحكم مصر نيابةً عنه. وقد أرسل يارجوخ رسالة إلى ابن طولون تفيد بأنه يسلمه الحكم ويعترف به كحاكم لمصر. ومن هنا بدأت سلسلة حكم الأسرة الطولونية في مصر.
ابن طولون، الحاكم الأساسي لمصر في تلك الفترة، نجح في توحيد المصريين وتطوير الدولة وتعزيز الاقتصاد المصري. تمتعت بالاستقرار السياسي والأمن الداخلي، وهو ما ساهم في نمو الاقتصاد والتجارة والزراعة.
اشتهرت بتنمية البنية التحتية والمشاريع العامة. قامت ببناء الطرق والجسور والسدود والمباني العامة، مما ساهم في تحسين حياة السكان. كما نشأت في تلك الفترة العديد من المدارس والجوامع والمستشفيات التي أثرت إيجابًا على المجتمع والتعليم والرعاية الصحية.
تميزت الدولة الطولونية بالتسامح الديني والثقافي. كانت تعيش فيها مختلف الأديان والثقافات جنبًا إلى جنب بسلام وتعايش. وقد ازدهرت العلوم والفنون في تلك الفترة، حيث تم ترجمة العديد من الكتب الأدبية والعلمية من اللغات الأخرى إلى العربية.
تأثرت بالثقافة العباسية والفارسية، وتجلى ذلك في الفنون والعمارة والأدب. نشأت مدارس فنية مزدهرة وانتشرت المكتبات ودور النشر، مما ساهم في انتشار المعرفة والثقافة في مصر.
ومع تزايد الثقل السياسي والاقتصادي للدولة الطولونية، بدأت تظهر بوادر الاستقلالية عن الخلافة العباسية. في عام 263هـ، رفض ابن طولون إرسال الخراج إلى الخليفة، وهو الضريبة التي كانت تدفعها الدول الإسلامية إلى الخلافة. وبذلك، اكتسبت الدولة الطولونية حكمًا شبه مستقل في مصر.
لكن عهدها لم يستمر طويلًا. بعد وفاة ابن طولون في عام 270هـ، بدأت الدولة تشهد انقسامًا داخليًا وصراعًا على السلطة. استغلت الدول الأخرى هذا الانقسام وشنت هجمات على مصر، مما أدى في النهاية إلى انهيار الدولة الطولونية في عام 905م.
على الرغم من انتهاء فترتها، إلا أن إرثها لا يزال حاضرًا في مصر. تركت الدولة الطولونية بصماتها في البنية التحتية والثقافة والفنون. كما ساهمت في تعزيز الوحدة الوطنية وتقوية الهوية المصرية.
في الختام، كانت فترة مهمة في تاريخ مصر الإسلامية. شهدت تطورًا سياسيًا واقتصاديًا وثقافيًا ملحوظًا. وعلى الرغم من انهيارها في النهاية، إلا أن إرثها ما زال حاضرًا في مصر حتى يومنا هذا.