المزيد

ماذا حدث للدولة العثمانية بعد وفاة السلطان سليمان الأول؟

ماذا حدث للدولة العثمانية بعد وفاة السلطان سليمان الأول؟

كتب – عمر محمد

بوفاة السلطان سليمان الأول القانوني في عام (۹۷۳ھ/ ۱٥٦٦م) ينتهي العصر الذهبي للدولة العثمانية، ليبدأ عصر آخر شهد تراجعاً عثمانيا بفعل حالة الاسترخاء التي كان يمر بها المجتمع العثماني والأجهزة الحاكمة من جهة، والوثبة الأوروبية نحو عصر جديد من التطور من جهة أخرى، وأخذت الدولة تفقد أطرافها رويدا رويدا في القارات الثلاث.

 

وكانت معاهدة كارلوفيتز (رجب ۱۱۱۰ ه/ كانون الثاني ۱٦٩٩م) أول معاهدة فرضت عليها كدولة منهزمة تنازلت بموجبها عن أقاليم واسعة؛ وتتابع فرض المعاهدات الجائرة بحقها، واستمرت بالتراجع والتقهقر حتى مؤتمر برلين عام (۱۲۹٥ ه – ۱۸۷۸م) الذي شكل بداية النهاية بالنسبة لها.

 

إذ تكتلت عليها الدول الأوروبية الإستعمارية وشاركتها الصهيونية في أواخر القرن التاسع عشر، وعندما نضجت ظروف القضاء على الرجل المريض، كما وصفها الأوروبيون، في أواخر عهدها، نجح الجميع في تمزيق أوصالها، على الرغم من الجهود المضنية التي بذلها السلطان عبد الحميد الثاني للمحافظة على تماسكها ووحدتها في ظروف في منتهى القساوة والشدة، واستطاع أن يحافظ على ما تبقى من كيانها قدر جهده، وأن يتمسك بطابعها الإسلامي وبتقاليدها الموروثة حتى تم عزله في عام (۱۳۲۷ ه ۱۹۰۹م).

 

وإذ سقطت الدولة العثمانية بعد الحرب العالمية الأولى، بفعل تدخل الدول الأوروبية والصهيونية من جهة، والسياسة غير المدروسة للعسكريين، الذين تسلموا الحكم بعد عزل السلطان الماكر، من جهة أخرى، حيث زجوا بالدولة في مغامرات خارجية وصراعات عنصرية داخلية أدت إلى نهايتها وقيام تركيا الحديثة.

 

إن القدرة على الإحاطة الموضوعية بهذا التاريخ المتشعب لا تتوافر إلا بالعودة إلى الأصول، وبخاصة إذا وقفنا على التنوع الكبير في الأفكار والمعلومات والمواقف والآراء لجميع الكتابات من تركية وعربية وأوروبية.

 

ومن الأمور الملفتة للنظر أن الأبحاث والدراسات التاريخية العربية أهملت، إلى حد ما، التاريخ العثماني، وما عالجته في الماضي أبرز الجانب الشبابي السيئ من هذا التاريخ، وبخاصة فيما يتعلق بعلاقة العرب بالعثمانيين.

 

ولعل مرد ذلك يعود إلى سببين:

 

الأول : تأثر هذه الأبحاث بالدراسات الأوروبية المتحاملة على الدولة العثمانية.

 

الثاني: ما عانته الولايات العربية من مظالم بسبب تصرفات بعض الولاة العثمانيين.

 

وقد أدي الإنتباه إلى هذا الإهمال إلى قيام أبحاث ودراسات متجددة لكنها لم تكن.كافية لإنصاف العثمانيين، وإشباع التاريخ العثماني بالتحليل والدراسة بموضوعية بفعل التركيز على جوانب معينة منه.

 

ومما لا شك فيه أن المكتبة العربية، بشكل خاص، تفتقد إلى دراسة علمية شاملة تعالج تاريخ العثمانيين بشكل متكامل، وهذا الذي دعانا إلى الكتابة في هذا الموضوع لنعطي صورة هي أقرب ما تكون إلى الحقيقة والواقع، ولتقف الأجيال الطالعة على جزء من تاريخنا الإسلامي، ويطلعوا على الخدمات التي قدمتها الدولة العثمانية للإسلام وللمسلمين، وجهودها في المحافظة على المكتسبات الموروثة ، راجيا أن أصحح ما علق في أذهان أجيالنا العربية والإسلامية من مفاهيم خاطئة حول تاريخ الدولة العثمانية.

 

واستندت في هذه الدراسة على مصادر ومراجع متنوعة وبلغات مختلفة واعتمدت على المصادر والمراجع العربية لتحديد علاقة الأقطار العربية العثمانية، كما اعتمدت على المصادر والمراجع الأوروبية لتأريخ علاقة الدولة العثمانية بدول أوربا ؛ وكان للمصادر والمراجع التركية نصيبها من حيث تأريخ نشأة الدولة و توسعها وعلاقتها بالبلدان المفتوحة من وجهة النظر العثمانية.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى